للإفلات من المصيدة اسرائيليًا| بقلم: د.غسان عبدالله

د.غسان عبدالله
نُشر: 01/01 13:56,  حُتلن: 16:12

بعد الرفض العربي والفلسطيني لقرار التقسيم عام 1947 ، وما تبع ذلك من احتلال الغالبية العظمى من مساحة فلسطين وانشاء كيان اسرائيل باعتراف متلاحق من غالبية دول العالم ،والتي باتت تعرف بنكبة عام 1948 . بعد حرب حزيران ،1967 واحتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية أخذت أطراف دولية عديدة ، اما بشكل أحادي أوجماعي ، بطرح مبادرات لحل الصراع العربي ألفلسطيني – ألاسرائيلي .
قبل الخوض في مسلسل المبادرات المتلاحقة للتسوية ، لا بد من :
سيتبع هذا المقال بعد النشر مقال اّخر بعنوان " للافلات من المصيدة فلسطينيا ".
ألاشارة ، وبشكل سريع ومقتضب الى أن الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعبر مراحل متفاوته ، شهدت أنماطا مختلفة من المقاومة ألشديدة للاحتلال وممارساته ، لا سيما مصادرة الاراضي لبناء المزيد من المستوطنات / المستعمرات التي يرى فيها الفلسطينيون مخطط عملي خطير للقضاء على اقامة الحلم الفلسطيني المتمثل في انشاء دولته العتيدة ، عاصمتها القدس ، وتطبيق القرار الدولي رقم 191 ةالداعي الى تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينين، فكانت هناك المقاومة المسلحة ، تبعها المقاومة الشعبية المنظمة ( أنتفاضة 1976 ضد الادارة المدنية وفرض القيمة الاضافية، المد الوطني المقاوم لاجتياح لبنان 1982، مقاومة سياسة القبضة الحديدية عام 1985 والتي عملت على اعادة تفعيل العمل بأنظمة الطواريء البريطانية – هدم بيوت ، اعتقال اداري وفرض الاقامات الجبرية – الى أن جاءت انتفاضة عام 1987 ، وما حققته من اعادة الزخمٍ الدوليّ والإقليميّ للقضية الفلسطينية ، فجاءت مفاوضات مدريد عام 1991 والتي تبين لاحقا أن هناك مسارا تفاوضيا كان يواكب مؤتمر مدريد بين م.ت.ف والحكومة الاسرائيلية أنذاك ، بات يعرف باتفاق أوسلو ، والذي كان يعتقد الفلسطينيون بأنه سيؤدي الى إحياء عملية السلام وتطبيق "مبدأ حلّ الدولتين" وفق القرارات الدولية المعروفة نظريا والتي لم تتحقق لغاية ألان ، بل وبالعكس زادت من عمليات مصادرة الاراضي لغايا الاستيطان ( سواء بناء مستوطنات جديدة أو تسمين القائم منها وهكذا يواصل المشروع الاستيطاني ، في قضمُ ما تبقّى من "فلسطين التاريخية" لصالح "أرض التوراة الموعودة لبني إسرائيل".
أرى انه لا بد أن أستذكر قصة العجوز التي مرّ عليها ليلا سيدنا عمر بن الخطاب وأطفالها من حولها يصرخون ويبكون ، فسألها ماذا تفعل لهم ، فأجابت : وضعت بعض الحصى في هذا القدر كي أوهمهم بأنني أقوم باعداد الطعام لهم حتى ينامون ..........الخ القصة ، والتي تشبه ماّل هذه المبادرات .
جاءت المبادرات التالية ( على سبيل المثال لا الحصر) :
• ألدعوة لعقد مؤتمر جنيف للسلام عام 1974: اصطدمت هذه المبادرة برفض فلسطيني عربي قاطع ولم تفصح الحكومة الاسرائيلية انذاك عن موقف جلي . استند الرفض العربي الفلسطيني ، على اللاّت السبع في مؤتمر قمة الدول العربية في الخرطوم
• مبادرة السادات وما تبعها مؤتمر كامب ديفيد عام 1977 والرفض الفلسطيني المطلق وتشكيك جبهة الصمود والتصدي والتي ضمت بقيادة سوريا والعراق معظم الدول العربية ، اضافة الى تجميد عضوية مصر في الجامعة العربية ، ونقل مقرها من القاهرة
• بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1981 ، وما نتج عنه من قتل وتشريد وانتقال م.,ت,ف الى تونس وبعض الدول العربية الاخرى ، تم اجراء مباحثات ، كانت في البداية سرية ، ما بين قيادة م ت ف وأمريكا ، ثم جرى كشفها بطريقة ذكية ، من احدى أهداف الكشف هذا العمل على تعميق الخلاف الفلسطيني الفلسطيني وتعبيد الطريق أمام ألمزيد من الرؤى لحل الصراع عبر المفاوضات وليس غير ذلك ، وهذا مايفسر الاعلان عن الغاء بند المقاومة المسلحة من قبل م ت ف لاحقا بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1995 .
• في العام 2002 جاءت المبادرة العربية للسلام والتي لم تعلن الحكومة ألاسرائيلية أنذاك ولغاية اليوم موافقتها على ما جاء في هذه المبادرة .
المبادرة العربية للسلام في العام 2002، مروراً بخريطة الطريق برعاية الرباعية الدولية: (الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة) في العام 2003، مبادرة السلام العربية
في خضمّ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتحديداً في مارس (آذار) عام 2002، ولدى انعقاد القمة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت، أطلق الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، "مبادرة لإنهاء الصراع" ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استناداً إلى قراري الأمم المتحدة: 242 (1967)، و338 (1973)، سرعان ما أقرّتها الدول العربية والإسلامية، ومثّلت أساس "رؤيتهم" لتطبيق السلام.
,وفق رؤية المبادرة ، يكمن حل الصراع التاريخي في إنشاء "دولة فلسطينية" في الضفة الغربية وقطاع غزة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، تكون عاصمتها القدس الشرقية، مع التأكيد على الانسحاب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان السوري المُحتل، وإيجاد حلّ عادلٍ للاجئين الفلسطينيين.في المقابل، تعترفُ الدول العربية بـ"حق إسرائيل في الوجود"، وتبحث سُبل ما أعلنته "سلاماً وتطبيعاً شاملين مع دول المنطقة"، وهو ما مثّل الإجماع العربي والإسلامي في السنوات التي تلت من عمر القضية، "انطلاقاً من اقتناع الدول العربية بأنّ الحلّ العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأيّ من الطرفين"، وفق ما جاء في نص المبادرة، وهو ما رفضته الدولة العبرية.مقابل ذلك ،وفي حالة تنفيذ اسرائيل للمطلوب منها، تقوم الدول العربية والاسلامية ببدء بناء علاقات طبيعية مع اسرائيل، مما يعني انهاء الصراع العربي- الاسرائيلي .ازاء التعنت والرفض الاسرائيلي للمبادرة ،حاول وزير خارجي أمريكا ،اّنذاك جون كيري ، تعديل المبادرة كخطوة لاعادة احياء المفاوضات في المنطقة، فأدخل بند تبادل الاراضي بين طرفي الصراع ،لكن لم يتم الاخذ بها من قبل الجانب الاسرائيلي .

فجاءت لاحقا جهود الرباعية الدولية ، من خلال ما أسمته خريطة الطريق التي التي تقوم على سلسلة من المراحل المتتالية وفق جدول زمني محدّد ، معتمدة على مشروع حل الدولتين المتجاورتين والذي يحظى بدعم دولي كبير مؤكدة على ضرورة ايجاد التزام دولي بفكرة حل الدولتين
أيد هذه المبادرة الرئيس الامريكي بوش كذلك الاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة.
لكن سرعان ما فشلت المفاوضات بين الاطراف . اسرائيليا كون المبادرة تدعو اسرائيل الى تجميد الاستيطان وتفكيك المستوطنات التي تم اقامتها بعد العام 2001 مع ملاحظة اصرار اسرائيل على ابقاء وجود أمني لها في المناطق الفلسطينية ،أما فلسطينيا كونها تطالب الفلسطينين بالتخلي عن حق العودة ، ألمر الذي لم يكن ناك أي جانب فلسطيني للقبول بهذا .
-صفقة ألقرن : بعيد فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية ، انفردت الادارة الامريكية انذاك بجهود رعاية "السلام" حتى تعثره وإعلان "فشله" في أبريل (نيسان) 2014، حين أعلن ترامب عن خطتة التي أسماها صفقة القرن،اثر المراوغة الطويلة ،كمحاولة لجس نبض اللموقف الفلسطين حيال تسريبات متعمدة عن هذه الصفقة ، أعلن ترامب عن تفاصيلها مؤكدا على أن القدس بشقيها عاصمة لاسرائيل ، اضافة الى محتويات سلبية عديدة أهمها اقرار أن اسرائيل دولة يهودية ، الامر الذي يحوي مخاطر كثيرة بالنسبة للفلسطينين . سرعان ما جاء الموقف الفلسطيني الرافضوبشدة ، رغم محاولات التركيع التي مارستها ادارة ترمب وبأشكال متنوعة .
من خلال الاستعراض أعلاه ، نخرج بملاحظتين أساسيتين هما :
• جميع هذه المبادرات ليست أكثر من جعجعة بلا طحين .
• أتاحت هذه المبادرات الفرص المناسبة للاحتلال كي يتوسع أكثر وأكثر في بناء المستعمرات ونهب الاراضي الفلسطينية ، كما توضح الخرائط ادناه :
الخطر الداهم : بناء على معلومات وعبر تاريخية ، سنذكرها لاحقا ،يبدو أن الحكومات الاسرائيلية المتتالية ، تؤثر نهج التجنب والمراوغة في مواجهة الحقائق ، اذ يؤثرون دوام العيش بالوهم وخداع الذات والاخرين ، موظفين الادعاءات الدينية لتعزيز مثل هذا الوهم ، ألامر الذي منع ولا يزال يمنعها من العمل وفق سياسات تتلائم مع التوجهات الدولية ، والحقائق على أرض الواقع .
علّمنا التاريخ أن بعض من أسباب أفول امبراطوريات كبرى هو التوسع الجغرافي الكبير ، رغم محدودية القوى البشرية ألاصلانية ، وكذلك تعدد الاثنيات العرقية مما يخلق تناقضا في الاهتمامات الداخلية بين هذه الاثنيات، جراء التباين الاقتصادي وبالتالي الاجتماعي والثقافي . وفق اّخر احصائية للسكان في اسرائيل سيكون العدد الاجمالي للسكان قرابة تسعة ونصف مليون نسمة ، فقط منهم حوالي سعة مليون نسمة ، ينتمون الى العشرات من الاثنيات العرقية غير المتجانسة ، وهناك قرابة مليونينين مواطن عربي من السكان ألاصلانيين في البلاد، والذين رغم تدني المستوى المعيشي لهم وما يتعرضون له من سياسات تمييز عرقي جليّة ، الا أنهم موحدون – نوعا ما في بلورة مصالحهم القومية ، الأمر الذي ر يؤكد على أن أكبر خطر تواجه اسرائيل هو الخطر الديمغرافي ، مما دفعها الى محاولات تمرير قانون الدولة اليهوديةوأن اسرائيل هي دولة لليهود فقط ، دون الاتفات الى الخلط المغلوط بين مفهومي الدين والقومية ، ناهيك الى وصم اسرائيل بدولة عنصرية جراء طرح قانون الدولة اليهودية ، وذلك وفق المواثيق والاعراف الدولية ، والاهم هو عدم رغبة القادة الاسرائيلين في مواجهة حقيقة ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، بعد أن تعلم دروسا عديدة جرّاء نكبة 1948 وبما اّل اليه الوضع بعد حرب حزيران 1967 .مما يعزّز هذا الخطر : التحول في المواقف الدولية حيال اسرائيل ، ليس فقط كونه لم تعد تنطلي عليها زيف الدعاية والهرطقات الاعلامية واستغلال الما تعرض له اليهود من مجازر ، (بعد أن تكشفت الاستغلال عوراته بسبب الانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة ضد حقوق الانسان في فلسطين – وعلى كافة ألاصعدة : قتل ،هدم وتشريد ، اعتقال ومصادرا الاراضي والممتلكات .... بموجب ذرائع مختلقة تتناقض مع كافة المواثيق والاعراف الدولية . أيضا أحد أسباب تغير الموقف الدولي هو النضال السلمي المتواصل للشعب الفلسطيني دفاعا عن حقوقه المشروعة ، مما حذى بالقوى الكبرى الى البدء في التوقف عن لعب دور الشرطي في العالم ، وما انسحاب ألولايات المتحدة الا خير داعم لقولنا هذا ، وبالتالي لم تعد هناجة الى دور لاسرائيل في المنطقة وككيان تم زرعه كلب حراسة ، كما أسماه مكسيم رودنسون في أحد مؤلفاته عن اسرائيل ، ناهيك الى حالة الهرولة لبعض الانظمة العربية للقيام بهذا الدور خدمة للولايات المتحدة.
خطر ثالت تعيشه اسرائيل يتمثل في النمو السريع للتيار الديني المتزمت والذي سيؤدي ال بلقنة اسرائيل في المنطقة .
أسس موشيه ديان،الذي كان يتطلع الى استبدال شكل الاحتلال القائم باحتلال خفي،أسس نهجا في اتخاذ الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ، قراراتها وتوجهاتها السياسية ، وذلك بناء على توصيات العديد من مراكز الدراسات والابحاث المنية ألاسرائيلية ( معههد جافا ومعهد هرتسيليا للدراسات الاستراتيجية والامنية مثالا).وعليه ، جاءت في الاونة الاخيرة رؤى اسرائلية من أقطاب اليمين المتطرف ، الذي يرفض التسوية السياسية وفق رؤي حل الدولتين . أبرز هذه الرؤى ما تم تسميته ،ضمنيا، بالتطبيع الناعم ، اتخذ أشكالا مختلفة بعد أن تم تأمين الدعم المالي اللازم من حكومات وصناديق عالمية : لقاءات شعبية محدودة العدد متنوعة التخصصات : تربوية تعليمية رياضية نسوية عمالية طبية وحتى تجاوزا ما يتعلق بحقوق الانسان ، والتريج الاعلامي لمثل هذه النشاطات ، وما لعبة الشيش بيش الاخيرة والتي جرت في منطقة الباب الجديد ومنطقة باب الخليل الاخير مثال جديد على هذا النوع من التطبيع الناعم .
مثلما هناك محاولات على الصعيد الجماهيري ، أيضا عمدت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على دوام سرد رواية " تحسن الاوضاع ألاقتصادية من خلا ما يطلق عليه تسهيلات حياتية مثل زيادة عدد التصاريح الممنوحة للعمال الفلسطيني وتنقل التجار والسماح لهم بلدخول الى اسرائيل. كل هذا يعود في النهاية ،بالفائدة الاقتصادية والاعلامية لاسرائيل ، وتندرج الحملة الاعلامية الاسرائيلية الاخيرة بخصوص تقديم قرض مالي للسلطة الفلسطينية من باب مساعدة اسرائيل للسلطة الفلسطينية من هذا القبيل ، علما بأن مبلغ نصف المليار شيكل الذي تم الحديث عنه ، ما هو الا دفعة مسبقة من مستحقات الشعب الفلسطيني من الضرائب التي تجبيها اسرائل للسلطة الفلسطينية ( ضريبة المقاصة) مقابل مبلغ مالي تتقاضاه اسرائيل ما نسبت 3% من المبلغ التي يتم جمعها ويتم حسمها قبل تحويل ما تبقى الى خزينة السلطة الفلسطينية .والحدث الثاني هو طلب حكومة بينيت من النيابة العامة الاسرائيلية ارجاء البت في اخلاء الخان الاحمر ، استمرارا لنهج حكومة نتيانياهو اليمينية السابقة .رغم تبني الحكومة الاسرائيلية االحالية ، حكومة بينيت ، والتي لا تختلف في جوهرها عن الحكومات السابقة ، رغم تبني بينت سياسة اللاءات الثلاث : لا لوقف / تجميد الاستيطان أو اخلاء مستوطنات ، لا لدولة فلسطينية، لا لمفاوضات سياسية مع الفلسطينين ، الا انها أخذت بتبني سياسة ما بات يعرف ب" تقليص الصراع" " ،عوضا عن ما كان يعرف سابقا بحل الصراع ثم تحول في ظل حكومات شامير وشارون ونتينايهو الى ادارة الصراع .يعود جذور رؤية "تقليص الصراع" الى بحث أعدّه الباحث الاسرائيلي ميخا غودمان بعنوان " مصيدة “1967. تنطلق رؤيته هذه من ليس بالضرورة العمل لحل الصراع الذي لا يمكن حله ،بل يمكن تقليص حدة الصراع من خلال تقليل مظاهر الاحتلال وفرص الاشتباك الوجاهي بين الطرفين المتصارعين.، دون الانسحاب من ألاراضي المحتلة عام 1967ودون الغاء سيادة اسرائيل على المنطقة المسماة ج، وبالتالي قد يكون ممكنا تقليل وتخفيف حدة الكراهية ,والعداوة بين الطرفين . تزداد فرص انجاح هذا الاحتمال في حال أقدمت الانظمة العربية على التطبيع مع اسرائيل وزيادة عدد الفلسطينين المستفيدين من مبادرات التطبيع الناعم والتبادل التجاري .تتمثل اليات التنفيذ المقترحة ،من قبل غودمان ،في ضرورة تحسين كبير على مستوى حياة الفلسطينين ، انشاء شبكة طرق لربط المناطق المسماة أ مع المناطق المسماة ب، زيادة المشاريع الاسكانية للفلسطينين مع زيادة كبيرة في عدد تصاريح العمل للفلسطينين.يلقى هذا الطرح موافقة خفيّة من قبل بينيت وأطراف حكومته .
ملخص القول:- أن جميع المبادرات والرؤى التي تم تناولها في هذا السياق، تنطلق كما لو أن جوهر الصراع العربي الفلسطيني – الاسرائيلي ينحصر في تحسين سبل المعيشة للفلسطينين دون ألاقرار المسبق بالحقوق الوطنية التاريخية لهذا الشعب المتمثلة في اقامة دولته المستقلة ذات السيادة الفعلية على كافة مكوناتها. شخصيا ، لا أستغرب الدوافع وراء ذلك ، نظرا لعدم الالطلاع والالمام بالجذور التاريخية من قبل امثال غودمان وغيره ،لهذا الصراع والذي هو صراع وجود وليس صراع من أجل اقتصاد أفضل ،اضافة الى دوام تعنت وتشبث الطرف الاسرائيلي بالرؤى التلمودية التي تعتبر أن أي انسحاب من أي بقعة أرض هو بمثابة كفر ونكران لما جاء في التلمود . ستجد الحكومة الاسرائيلية ذاتها- اذا ما صمدت أمام رياح النتخابات العاتية التي تشهدها اسرائيل منذ زمن ليس بالقصير- ، ستجد نفسها بأنها مضطّرة للنزول عن قمة الشجرة والاصغاء للمطالب الفلسطينية المشروعة ومن ثم التوصل الى تسوية مستدامة للصراع ،تضمن الاستقلال الفعلي والسيادة الفلسطينية التامة على أراضي الدولة العتيدة .
ختاما ، قد تكون العاقبة بالنسبة الى اسرائيل شبيهة بما حصل في قصة الفأر والقرعة ، اذ يروى أن هناك فأرا كان جائعا ، رأى قرعة كبيرة ، فأخذ بقضمها الى أن سقط في وسطها ، واصل الاكل وهو داخل القرعة ، فأخذ يسمن ، قرّر الخروج من القرعة لكنه لم يتمكن كون فوهة القرعة التي دخل منها كانت صغيرة وهو زاد وزنه ، وبالتالي لم يجد بديلا عن البقاء في القرعة دون أكل ،حتى يخسر وزنه التي كسبه كي يتمكن من الخروج من فوهة القرعة التي دخل منها !!!!

هذا تماما ما حصل مع الحكومات الاسرائيلية المتتالية حين وجدت اراضي شاسعة دون استخدام ، واكب ذلك عدم الوعي المسبق من قبل الفلسطينين بالاهداف الخفية والمعلنة لسلطات الاحتلال الاسرائيلي , مما فتحت شهيتهم وبشكل كبير جدا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   
 

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة