الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 05:02

الباحثة همت زعبي: تكتسب الزوجة مكانتها في العائلة مع إنجابها للأطفال

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 28/12/13 08:57,  حُتلن: 14:47

الباحثة همت زعبي:

النّساء العربيات يتدرجن في أدنى مستوى في سلّم الرعاية الصحية في إسرائيل ويعود هذا إلى التّمييز والفقر وعدم منالية الخدمات الصحية التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني في اسرائيل

وتأثير هذه الظروف على الحالة الصحيّة النّفسية والجسدية للنساء، ويشكّل هذا الواقع تحديًا اضافيًّا في تجربة النساء الفلسطينيات، ويزيد من الصعوبات التي يواجهنها في خضوعهنّ لعلاج الخصوبة

تشكّل الخصوبة والولادة مصدر قوة للنساء بواسطتها يكتسبن مكانة وقدرة مراوغة اجتماعية مقابل السلطة الذكورية وغياب الخصوبة يعني سحب أحد مصادر القوة والسلطة من النساء

الباحثة همت زعبي ابنة مدينة الناصرة، تعرف نفسها أكاديمياً فتقول:" لدي لقب أول كعاملة إجتماعية، عملت ستّ سنوات تقريباً، وخلال هذه الفترة حصلت على ماجستير لقب ثاني في علم الجريمة في كلية الحقوق في الجامعة العبرية، وبعد ذلك قررت أن أترك مهنة العاملة الإجتماعية لأسباب أيدولوجية، فأنا أعتقد أن الدولة ليست دولة للرفاه الإجتماعي، وإنما أيضاً سياساتها الإقتصادية تنحى لإتجاهات رأسمالية ليبرالية، فموضوع الخدمة الإجتماعية لم يكن يلبي طموحاتي، أولاً في العام، أي دولة اسرائيل، وثانياً تجاه الأقلية الفلسطينية في الدولة، فنحن لا نتلقى الخدمات والسياسات العامة للدولة تجاه الأقلية الفلسطينية في اسرائيل، وهي التي تحتم وتفرض لون العلاقة معنا، فالتعامل معنا كمواطنين، لم أجد نفسي بالخدمة الإجتماعية بل وجدت نفسي كحبة "أكمول" مسكن اوجاع ولأطفئ الحرائق، وأنا لا يناسبني هذا المكان".


همت زعبي

تركت هذا الموضوع واندمجت بمركز أبحاث مدى الكرمل، وعملت هناك تسع سنوات في عدة وظائف، وخلال هذه الفترة حصلت على ماجستير في موضوع النوع الاجتماعي، وأنا ناشطة نسوية في القضايا النسائية، والنسوية تعنيني بشكل خاص، وأعتقد أننا عدا عن السياسات الاسرائيلية تجاه الأقلية الفلسطينية التي تشكل حدودًا لقدرة تطور هذا المجتمع، أيضاً المجتمع يضع سقفًا لقدرة تطور النساء، لذلك فالمرأة الفلسطينية تعاني من عدة اتجاهات، ولذلك قررت أن أدخل الى دراسات النوع الاجتماعي، وخلال دراستي عملت بحثاً عن صعوبات الانجاب عند النساء الفلسطينيات، وعملت كباحثة في مدى الكرمل وكتبت دراساتي عن النساء الفلسطينيات والعمل، وأيضاً دراسة بشكل خاص عن تأثير النكبة على مكانة النساء الفلسطينيات الاقتصادية، تناولت قضية المهجَّرات في الناصرة والأصل من صفورية والمجيدل، ورأيت تأثير النكبة عليهن، ومن هنا قررت أن أدخل الدكتوراه، فأدرس الآن دكتوراه في العلوم الاجتماعية، في موضوع له علاقة نوعاً ما بالمكانة الاقتصادية، وأعمل على الربط بين القمع وتعقب الأقلية الفلسطينية والمقاومة اليومية للفلسطينيين، في فترة الحكم العسكري في حيفا، وفترة الحكم العسكري هي فترة مهمة جدًّا ومركزية عند الأقلية الفلسطينية، وخصوصاً للنساء، وأعتقد أنه منذ ذلك الحين تم وضع سقف لتطور المجتمع الفلسطيني والسياسات الاسرائيلية، بنيت بشكل ألا يتم فيه اختراق ذلك السقف مهما نتعلم ونتطور ونتقدم، وكان من المهم بالنسبة لي أن أرى كيف أثرت فترة الحكم العسكري على الأقلية الفلسطينية في الدولة، وفي المدن بشكل خاص، لأن واحدة من مشاكل المجتمع الفلسطيني انه تغيب عنه المدينة، ففي المدينة يكون نمو في النخب والنشاط السياسي بشكل عام في الحيز المدني، وهنا لا نتحدث عن مدن مثل سخنين والناصرة، فهي قرى متضخمة وإنما عن الحيز المدني، لذلك فالمدينة مهمة، ولهذا اخترت دراستي في حيفا".

اللا إخصاب عند الفلسطينيات
وتتحدث الباحثة همت الزعبي عن موضوع اللا إخصاب عند الفلسطينيات فتقول: "أما موضوع الاخصاب فحاضر، ولكنه غائب عن الحديث، فنحن نعيش في مجتمع الكثير من النساء والرجال يعانون من مشاكل في الاخصاب، والنساء يتأثرن بنتائج الدراسة، فعندما أتحدث عن معاناة النساء في هذا المسار، قبل الذهاب الى العلاج وخلال فترة العلاج، تعتقد كل واحدة منهن أني اتحدث عنها، عن ابنتها أو شقيقتها، وهذا الموضوع حساس وشخصي جدًّا، الذي نعاني منه جميعاً تقريباً وإن لم يكن في بيوتنا فيكون عند الجيران، ولكننا لا نفصح عنه وتعتبر الصعوبات الانجابية وغياب الخصوبة، واحدة من الحالات التي تؤثر بشكل سلبي على الأوضاع النفسية للأزواج، إذ تشير الدراسات في مجال علم النفس الى أن الأزواج الذين يواجهون صعوبات انجابية يعانون من أزمة حقيقية، وتظهر لديهم علامات ضغط نفسي عالية وفي كثير من الحالات، يتعامل الازواج مع اللا خصوبة كمرض مزمن وخطير، وتشكل صدمة أو عقدة "تراوما" حقيقية في حياتهم.



عدا عن العلاج الصعب والأضرار النفسية والجسدية، يوجد جانب مغيّب جدًّا، والذي يسبب جزءًا كبيرًا من هذه الصعوبات هو انعدام الخيار عند الأزواج، فنحن نعيش في مجتمع يقدس الأطفال، وكأنه أمر حتمي أن يتزوج الناس وأن ينجبوا الأطفال، ولا خيار أن يقول أحد انه لا يفكر في الزواج الآن، أو انه غير مستعد أو أنه لا يريد أن يتزوج أبداً، والسبب الرئيسي لهذا هو المجتمع نفسه والعادات والتقاليد لدينا، والديانات السماوية التي نستند لها وهي مرجعية في حياتنا، وأيضاً لاننا نعيش في دولة تشجع الولادة بشكل هستيري، فاسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمنح تمويلاً لطفلين اثنين أحياء في موضوع تقنيات الولادة الحديثة، وهذا نابع من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فاسرائيل ترى برحم المرأة اليهودية تجنيدًا، فهو جندي في معركتها تجاه الفلسطينيين، وهذا يؤثر علينا. الدراسات التي تناولت بشكل أولي سياسات اسرائيل تجاه هذا الموضوع تجاهلت العرب، ولكن الذين تناولوا الموضوع برموزه أشاروا أن سياسة ولادة اسرائيل انتقائية، تشجع الولادة عند اليهود لا العرب، بمفهوم منحة الطفل العاشر، والتي جاءت بعدما رأت أن هذه الظاهرة بدأت تختفي عند النساء العربيات، وأنه يوجد مركز للديمغرافيا في اسرائيل، فيوجد سياسات انتقائية ضد العرب، ولكن مع هذا ففي الخطاب الذي نراه في العلن نحن نشرب أهمية الولادة، فنحن نأخذ التشجيع من اسرائيل بواسطة اعلاناتها في التلفزيون والمواقع الألكترونية، صور تنوفا وبيت وعائلة وأطفال جميلين، وبما اننا نعيش في نفس الحيز مع اليهود، فنحن منكشفون لأهمية العائلة والأطفال، تؤثّر المواقف الاجتماعية في المجتمعات التي تشجّع الولادة بشكل سلبي، على الأزواج الذين يعانون من اللا خصوبة بشكل عام، وعلى النساء على وجه الخصوص، وغياب الخصوبة في معظم المجتمعات وفي المجتمعات الأبوية بشكل خاص، يؤثر الى حد ما على الرجال ايضًا، إذ تشكّل الأبوّة في هذه المجتمعات أحد معايير الرجولة، فغيابها وبسبب الربط المغلوط بين الخصوبة والقدرة الجنسية، في العديد من المجتمعات، يعيب على "رجولة" الذكر ويضاعف من صعوباته.  وفي هذه المجتمعات تشكّل الخصوبة والولادة مصدر قوة للنساء، بواسطتها يكتسبن مكانة وقدرة مراوغة اجتماعية مقابل السلطة الذكورية، وغياب الخصوبة يعني سحب أحد مصادر القوة والسلطة من النساء. وتشكّل الظروف السياسية وتأثيراتها المختلفة عاملاً مهمًّا في دراسة ظروف حياة النساء، في المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال، ومن هنا لا يمكن فهم تجربة النساء الفلسطينيّات، مواطنات دولة اسرائيل، مع تكنولوجيا الولادة الحديثة، من دون التّوقّف عند سياسات دولة اسرائيل تجاه الولادة، الأمومة والخصوبة بشكل عام وتكنولوجيا الولادة الحديثة على وجه الخصوص.

تعزيز أهميّة الولادة والأمومة
وفي مجتمعنا العربي صعب جدًّا ان تصمد النساء امام الضغط، على شاكلة، "شو ؟ مش حامل؟ شو؟ فش اشي جديد؟ لوينتا بتستنوا؟ شو ناقصك؟ وملاحظات تثير العصبية مثل " انا بعرف دكتور منيح. بدك اجبلك رقمه من صاحبتي؟ او مهو العلاج ببلاش! شو بمنعك؟ شو بتستني".
كما تشير الدراسات الى أنّ النّساء العربيات يتدرجن في أدنى مستوى في سلّم الرعاية الصحية في إسرائيل، ويعود هذا إلى التّمييز والفقر وعدم منالية الخدمات الصحية، التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني في اسرائيل، وتأثير هذه الظروف على الحالة الصحيّة النّفسية والجسدية للنساء، ويشكّل هذا الواقع تحديًا اضافيًّا في تجربة النساء الفلسطينيات، ويزيد من الصعوبات التي يواجهنها في خضوعهنّ لعلاج الخصوبة.
في هذا النمط من العائلات تتزوج النساء في سنّ صغيرة، وتنضم الى العائلة التي يحظى فيها أب الزّوج بالسلطة العليا. مكانة المرأة ادنى من مكانة زوجها ومن مكانة رجال العائلة، وكذلك فإنّ مكانتها اقل من مكانة أم الزوج. تكتسب الزوجة الجديدة مكانتها في العائلة فقط مع انجابها للاطفال وخاصة الذكور منهم.
ويشكّل الخطاب الطّبّي واحدًا من العوامل التي تعزّز مسؤولية الجسد الأنثوي، في حالة صعوبات الإنجاب لدى النساء عامة، ولدى النساء الفلسطينيات في هذه الحالة. فتشير الدراسة الى ان معظم المشاركات في البحث، وحتى قبل مراجعة الطبيب، كنَّ على يقين بأنَّ سبب المشكلة يكمن في أجسادهن هن، وأنّهن المسؤولات الوحيدات عن الحالة.
إلى جانب الخطاب الطّبي، والخطاب الأبوي الذكوري في المجتمع الفلسطيني يشكّل الخطاب الصهيوني، المهووس بالقضية "الديموغرافية" دافعًا إضافيًّا يسهم في تعزيز شعور المرأة الفلسطينية بالمسؤولية، والشعور بالذنب تجاه صعوبات الانجاب، وعلى الرغم من كونها موجهة لتعزيز الولادة لدى اليهوديات وتشجيعها، إلا أنّها تطال وعي النساء الفلسطينيات وتسهم في تعزيز أهميّة الولادة والأمومة، ما يزيد من شعورهنّ بالذنب في حال واجهن صعوبات الإنجاب.

مقالات متعلقة

.