د.شكري الهزَّيل في مقاله:
ذبح وحرق من المحيط الى الخليج ومن المشرق الى المغرب العربي الذي كان حلما عربيا نقيا وجميلا وصار كابوسا ملطخا بالذبح والدم
ثورات علينا وعلى عدانا التي فرضت معادلة الموت والفوضى الجارية في العالم العربي وهي الثورات التي قادتها الرجعية والدكتاتورية العربية لإجهاظ ثورات الشعوب العربية في منبتها
ليبيا ضحية الغرب والرجعية العربية تعج اليوم بالميليشيات لكن اللافت ايضا أن مجموعات بعينها وضباط متقاعدين تريد السيطرة على مقاليد الحكم في هذا البلد العربي الممزق جغرافيا وديموغرافيا في أعقاب إسقاط نظام القذافي،
يُصاب الانسان بالذهول والدهشة وهو يشاهد نشرات الاخبار في الفضائيات وغيرها من وسائل اعلام عربية وهي تطرح الاخبار بسطحية دون التطرق لخلفية واسباب الاحداث الدموية الجارية في العالم العربي وهي الاحداث التي حصدت ارواح مئات الالاف من الناس
كنت اتحدث بصمت مع ذاتي حول فكرة ما فداهمت أخرى فجأة حالي الصامت وعقلي الراكد لتبعث فيه حراك من التأمل في حبال وخيوط حالة تشربكت عموديا وعنقوديا وعنكبوتيا الى حد انها تشابكت في سلسلة من الشباك لا تحصى ولا تعد، لتتقولب في قوالب عصية على الفصل والتفصيل والتمحيص الى حد إستحالة تنقيح الحالة مما يشوبها من مآسٍ وعيوب وشوائب بثقل الجبال تجثم على صدر أمة ابتلت ببلايا المتاريس الفكرية والايديولوجية والسياسية والطائفية والعرقية، التي تُبرر من وجهة النظر هذه او تلك ان يذبح الجار جاره لكونه شيعيا او سنيا او مسلما او مسيحيا لابل أن الكارثة أن الأمر آخذ منحى كارثيا آخر، وهو أن يذبح الانسان اخيه الانسان بسادية وهمجية لا تمارسها البهائم التي تتهم بالبهيمية ظلما وزورا، في حين اننا نعيش البهيمية البشرية الحقيقية وليست تلك البهيمية المشتقة من مسلكية البهائم التي ترقى الى مستوى انساني واخلاقي متقدم، اذا ما قارناها بهذا البهيم البشري الذي يحمل سكينا وينحر اخيه الانسان باسم الدين والطائفة والعرق...
ذبح وحرق من المحيط الى الخليج ومن المشرق الى المغرب العربي الذي كان حلما عربيا نقيا وجميلا وصار كابوسا ملطخا بالذبح والدم.. دماء جاء مَّد البحر وجزَّرها بعد أن جز جزار بهيم رقاب اهلها الغلابة والبسطاء الذين سعوا في مناكبها لتحصيل لقمة عيش شحَّت عليهم في وطنهم فكان لهم الموت السادي بالمرصاد؟!!
للحقيقة وجهين او اكثر لكن الوجه الاكثر بروزا في هذا الصدد وهذه الاشكالية هو الثورات المضادة "العربية".. ثورات علينا وعلى عدانا التي فرضت معادلة الموت والفوضى الجارية في العالم العربي وهي الثورات التي قادتها الرجعية والدكتاتورية العربية لإجهاظ ثورات الشعوب العربية في منبتها حتى لا تصلي بلهيبها لاحقا عروش ممالك وامارات المحميات الأمريكية في العالم العربي وبالتالي ما لا يريد احد ذكره في الاعلام العربي هو ان الفوضى الحاصلة في هذه الاثناء هي نتيجة تراكمية بدأت تتدحرج تفاصيلها وفصولها منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ومرورا بالحراكات الشعبية العربية 2010 وحتى يومنا هذا التي تجلت وتبلورت فيه صورة مأساوية تعيشها الكثير من الاقطار والشعوب العربية في العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا والحقيقة الصادمة اليوم هي أن هذه الاقطار العربية تعيش حرب اهلية وطائفية تتفاوت حدتها ودمويتها من قطر عربي الى اخر لكن الحرب الاكثر دموية هي تلك الحرب الطاحنة الجارية في سوريا والعراق والتي تبدو في ظاهرها انها حرب بين تنظيم " داعش" وحلفاءه من جهة والنظامين السوري والعراقي ومشتقاتهما وما يسمى بالتحالف الدولي من جهة ثانية والسؤال المطروح: لماذا يتمترس العرب وراء متاريس التضليل والجهل والتخلف ويتناسون الجاري خلف الكواليس بما يتعلق بالواقع والمصير العربي؟؟
يُصاب الانسان بالذهول والدهشة وهو يشاهد نشرات الاخبار في الفضائيات وغيرها من وسائل اعلام عربية وهي تطرح الاخبار بسطحية دون التطرق لخلفية واسباب الاحداث الدموية الجارية في العالم العربي وهي الاحداث التي حصدت ارواح مئات الآلاف من الناس وشردت الملايين من البشر في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا ومازال المسلسل الدموي ماضيا في عرسه الدموي والحبل على الجرار.. وما زال العرب متمترسين وراء فلسسفة التبرير والتمرير والاستمرار في التضليل الاعلامي الذي اخفى وما زال يخفي حقيقة خلفية الاحداث ومسبباتها ويتستر على دور الانظمة العربية الدكتاتورية في بروز وتطور ثقافة القمع والذبح والهمجية التي تمارسها "داعش" وميليشيا الحشد الشيعي كمشتقات ونتاج لثقافة الذبح وقطع الرؤوس التي تنتهجها انظمة عربية كثيرة منذ عقود من الزمن وعلى رأسها النظام السعودي الذي يقطع رؤوس البشر بالسيف في الاماكن العامة تحت لافتة "القصاص" وعن ماهو جاري منذ عقود في سوريا والعراق ومصر وكامل بلدان المشرق والمغرب العربي فحدث بلا حرج عن قتل الناس وقمعهم وسجنهم وإختفاء اثار الوف مؤلفة من المعارضين الى ابد الابدين واخرون اكل العفن والتهم الدود اجسادهم الحية في اقبية السجون وهم احياء يرزقون كما جرى في المغرب ابان حكم حسن الثاني في القرن الماضي!
وآخرون ماتوا او فقدوا عقولهم في سجون النظام السعودي وسجون الانظمة العربية الدكتاتورية سواء في الخليج او في مصر او سوريا او العراق او الاردن وغيرها من انظمة عربية أسست لثقافة الموت والرعب والذبح والحرق، التي نشاهدها اليوم بشكلها السادي والهمجي عبر الاشرطة التي تبثها "داعش"، لكن الحقيقة أن داعش ليس وحدها وهنالك مغالطات فذة في معنى واسباب "الارهاب" التي تتمترس الانظمة العربية الارهابية وراء محاربته للتغطية على اسبابه ومسبباته، وبالتالي هنالك فرق بين ردة الفعل والمقاومة لنظام ارهابي قمعي وبين "الارهاب" كإرهاب فمثلا الجاري في سيناء المصرية كانت بداياته ردات فعل شعبية محدودة على مسلكية النظام المصري الذي قصف البيوت الآمنة وجرف ربع مدينة رفح بحجة محاربة الارهاب وما جرى فيما بعد وظهور تنظيمات مسلحة في سيناء وهو نتيجة حتمية لمسلكية نظام عسكري قمعي تدعمه السعودية بالمال ويمده الغرب بالعتاد والسلاح..الذي جرى وجاري في سوريا هو من انتاج واخراج الانظمة العربية الدكتاتورية وبمشاركة النظام السوري الذي يزعم هو الاخر انه يحارب الارهاب، فيما تزعم انظمة عربية رجعية انها تدعم الشعب السوري والنتيجة كانت ثورة مضادة حصدت ارواح وشردت ملايين السوريين وادت الى ظهور ميليشيات لا تعد ولا تحصى في سوريا من بينها داعش وحزب الله اللبناني وميليشيات شيعية أخرى لاتقل "ارهابا" وخطورة من داعش والنصرة وغيرها الذي يزعم التحالف العربي الغربي انه يحاربها لانها ارهابية بينما الحقيقة هي أن ريش اجنحة هذه الميليشيات نبت وترعرع وولد من رحم الارهاب الامريكي والسعودي وارهاب النظامين السوري والعراقي، والاخير هو نظام طائفي ارهابي مدعوم من ميليشيات شيعية ارهابية ترتكب يوميا افظع الجرائم والمجا زر بحق العراقيين بحجة محاربة "داعش"...نظام طائفي ارهابي عراقي يمارس التطهير الطائفي في العراق بحجة محاربة "داعش"مما يعني ان المتمترسون وراء حجة "محاربة الارهاب" هم ارهابيون بإمتياز وان كان لا بد من استعمال هذا التعبير: فالارهاب يحارب الارهاب في العالم العربي فيما الشعوب العربية هي الضحية.. مافعله نوري المالكي واسس له من ارهاب وميليشيات ارهابية في العراق يحتاج الى عقود من الزمن حتى يتعافى من اثارة الشعب العراقي بسنته وشيعته وكل طوائفه واعراقه؟؟...متاريس الكذب والتضليل وكواليس خفايا الارهاب ومسبباته؟
قبل فترة وجيزة خرج الشعب العربي في إقليم الاحواز التي تحتله ايران منذ عقود من الزمن في مظاهرات حاشدة طالب المتظاهرون فيها النظام الايراني بوقف اضطهادهم رافعين لافتات كتبت باللغتين الفارسية والعربية للتعبير عن مطالبهم القانونية للحكومة الإيرانية، بعد ارتفاع أزمة التلوث وتجفيف الأنهار وبناء السدود وانتشار الفقر والبطالة في الأحواز. ومن أبرز المطالب العاجلة التي رفعها المتظاهرون ما يتعلق بوقف بناء السدود التي تم إنشاؤها على الأنهار الأحوازية كنهر كارون والكرخة، وفتحها كي تعود المياه والحياة إلى الأنهار التي تم تجفيفها بسبب تلك السدود التي أقيمت على مصباتها من قبل الحكومة الإيرانية.... لاحظوا معنا هذا النظام الذي يُعطش الاحوازيين ويجفف مزارعهم ويضطهدهم لكونهم عرب هو نفسه الذي يدعم الحكم الطائفي في العراق واليمن وسوريا وفي الوقت نفسه يزعم انه يحارب ارهاب "داعش".. لاننسى طبعا زعم الشيخ حسن نصر الله في خطابه الاخير بكون "القوات العراقية الطائفية والحشد الشعبي الشيعي يدافعان عن الدول العربية الأخرى من تهديد الإرهاب"... سكر زياده.. سيد المقاومة ام سيد الطائفة يزعم هو ايضا انه يحارب "داعش" تحت لافتة محاربة الارهاب وهو نفسه وحزب الله والحشد الشيعي في سوريا والعراق يمارسون ابشع اشكال الارهاب... متاريس وكواليس خفايا مفضوحة لميليشيات ارهابية تشارك انظمة فاشية في ذبح كل من الشعب العراقي والشعب السوري.. بيت عنكبوت مزاعم نصر الله في لبنان وخامئني في ايران!!
في اليمن يزعم الحوثيون انهم ايضا يحاربون "الارهاب" وتنظيم القاعدة مما يبرر لأقلية طائفية وعرقية ان تحتل العاصمة صنعاء ومن ثم تنقلب على الحكم وتسيطر على الدولة اليمنية التي تقطنها اكثرية عربية سنية والغريب في الأمر أن النظام الايراني وصديقه نصر الله في لبنان يتحدثان عن "الثورة" اليمنية بقيادة "انصار الله" بهذه الوقاحة والبلطجة الخطابية الصارخة وكأن الشعب اليمني والشعوب العربية لايفقهون شيئا وينتظرون خطابات نصر الله وتوجيهات خامنئي حتى يستوعبوا حقيقة الجاري في اليمن ويصدقون اقوال الحوثيون ويخضعون لحكمهم... ميليشيا طائفية إرهابية تريد حكم اكثرية ساحقة في اليمن بدعم من ايران والاخيرة بدورها تتمترس وراء متراس محاربة "الارهاب" التكفيري...يبدو ان الذي يستحون "يخجلوا" ماتوا بالفعل؟؟
ليبيا ضحية الغرب والرجعية العربية تعج اليوم بالميليشيات، لكن اللافت ايضا أن مجموعات بعينها وضباط متقاعدين تريد السيطرة على مقاليد الحكم في هذا البلد العربي الممزق جغرافيا وديموغرافيا في أعقاب إسقاط نظام القذافي، وهذه المجموعات ايضا تتمترس وراء متراس محاربة الارهاب و "داعش" وتستجدي الدعم العربي الاقليمي والغربي حتى يتسنى لها هزيمة خصومها في ليبيا وفي هذه الحالة يكفي هؤلاء وصم خصومهم بوصمة "الارهاب" حتى يتلقون الدعم من نظام السيسي والغرب في حربهم ضد ميليشيات ليبية مناوئة لهم... ليبيا اليوم شبه مدمرة ومشلولة وتعج بالميليشيات ولا احد يريد الاعتراف أن الغرب وحلفاءه العرب ارادوا فقط اسقاط نظام معمر القذافي دون رؤية لبديل ديموقراطي والنتيجة سقوط ليبيا في قبضة الميليشيات وفيما بعد ظهور "داعش" البعبع المطلوب لشن حرب وعدوان جديد على الشعب الليبي.. متاريس وكواليس خفايا ارهاب صنعوه والأن يحاربوه؟؟؟
فجأة تذكرت الانظمة الدكتاتورية العربيه معاهدة "الدفاع العربي المشترك" لتدعم الاردن في محاربة داعش بالوكاله نيابة عن امريكا والغرب الذي شن وما زال يشن الحروب على العالم العربي منذ عقود من الزمن واخرها الاحتلال الامريكي للعراق 2003 الذي لم لم يُفرَّخَّ كل اشكال العنف الطائفي والارهابي في العراق فحسب لابل صدَّره لكل الاقطار العربية والمفارقة ان امريكا تنأى بنفسها عن الارهاب وتزعم محاربته وهي اكبر دولة ارهابية مصدرة للارهاب عرفها التاريخ البشري ويكفي انها صنعته في العراق وتدعم وجوده ككيانا مغتصبا في فلسطين ناهيك عن تحالف امريكا مع الانظمة العربية الارهابية... امريكا ترسل كيس طحين كمساعدة للعرب المنكوبين وفي المقابل ترسل سفن كاملة محملة بالاسلحة ووسائل القمع للانظمة العربية الدكتاتورية كالنظام السعودي والنظام المصري وغيرهما من انظمة عربية فاشية وارهابية ناهيك طبعا عن دعم امريكا لاحتلال فلسطين وسلب حقوق شعبها..... بالمناسبة: فلسطين ايضا يوجد فيها سلطة على بقعة جغرافية تزعم محاربة الارهاب لكنها تتحالف مع مسبباته ومع الاحتلال الاسرائيلي من وراء الكواليس... خفايا الارهاب: متاريس وكواليس التضليل والكذب كلها مجتمعة صُنعت لعرقلة اي مسار تحرري وديموقراطي في العالم العربي من جهة ولتثبيت اركان انظمة حكم دكتاتورية وارهابية من جهة ثانية وبالتالي المطلوب: نعم.. محاربة الارهاب ومسبباته في معاقله وهذه المعاقل هي قصور ومقرات انظمة الحكم العربية... داعش عن داعش يفرق، لكن الداعش الاخطَّر هو انظمة الحكم العربية المتحالفة مع امريكا والغرب.. ذبَّاح عن ذباح يفرق لكن ذبح الشعوب واحد..داعش ليست وحدها من تجز رقاب البشر...كثيرون هم القصابون والبلطجيون في العالم العربي..!!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net