المحامي عنان مزلبط:
يجب تعبئة النماذج بشكل دقيق وواضح، فأي خطأ في تعبئة النماذج أو إنقاص بعض البنود قد يؤدي إلى خسارة بعض المستحقات أو حتّى كلها
من يعتقد أن مؤسسة التأمين الوطني تمنح كل ذي حق حقه، وأن باستطاعته تقديم طلبه ومواجهة التأمين و"التغلب عليها" لوحده فهو مخطئ
كثرت الآراء حول أهمّيّة تمثيل محامٍ في لجان التّأمين الوطني أو عدمها، باعتقادي أنّ أهميّة التّمثيل تكمن في فهم صحيح وشامل للإجراءات التي يطلبها التّأمين الوطني وما الذي يُمكن للمُحامي تقديمه واحتماليّة تحصيله في هذا المضمار.
في حالات تقديم طلب للتأمين الوطني من أجل الحصول على معاش عجز عام او إعاقة من إصابة عمل تتمّ دعوة مقدم الطلب للجنة طبية في فرع التأمين الوطني القريب لمكان سكنه لفحص أحقية حصوله على معاش مؤقت أو ثابت بسبب حالته الصّحيّة أو إصابته.
خلال اللجنة الطبية يُسأل المريض عن مشكلته الصحية ويتم تدوين شكواه في محضر مكتوب ثم يتم فحصه جسديًا على يد الطبيب المختص. الكثير من الناس يعتقدون أن الموضوع سهل، ويتلخص في تعبئة نموذج وإرساله لمؤسسة التأمين الوطني ثم الذهاب لوحدهم الى اللجان الطبية وبالتالي الحصول على كافّة حقوقهم، لكنّ الموضوع ليس بهذه البساطة، وسأوضح ذلك بشكل مُفصّل.
يجب تعبئة النماذج بشكل دقيق وواضح، فأي خطأ في تعبئة النماذج أو إنقاص بعض البنود قد يؤدي إلى خسارة بعض المستحقات أو حتّى كلها، وقد تكون هناك حاجة لإرفاق مستندات اضافية قبل ارسال النموذج. لذلك تعبئة النماذج يجب أن تتم بواسطة محام، ليس طبيب/ة ولا عامل/ة اجتماعي/ة وبالطبع ليس بواسطة صاحب الشأن.
تجهيز المصاب قبل اللجنة الطبية وإرشاده مهم جدًا، فمدة اللجنة الطبية في التأمين لا تتجاوز بضعة دقائق وكل كلمة تقال أو تكتب خلال التواجد فيها قد تكون مهمة وتقرر مصير الملف. وللمصاب الحق في مرافقة محام خلال اللجنة. وظيفة المحامي في اللجنة هي التأكد من إعطاء المصاب الحقّ في التعبير عن رأيه وأن كل شكاويه تدوّن في المحضر وأن كل ادعاءاته والامه قد فحصت بواسطة الطبيب المختصّ.
مؤخّرًا أطلقت مؤسسة التّأمين الوطني حملتها الإعلامية لـ "اليد الموجهة" وهي مؤسسة تابعة للتأمين الوطني تعمل على منح استشارة مجانية للمواطنين وتوجيههم قبل التوجه إلى التأمين الوطني أو قبل الذهاب الى اللجان الطبية، هذه الحملة تصبّ في صالح التّامين الوطني وليس المُشتكي للأسف، وقد تحرم العديد من المواطنين من الحصول على مستحقاتهم الأمر الذي يغفل عنه الكثير من المواطنين ويلجؤون إلى هذه الطّريقة ظنّا منهم أنّها ستساهم في تحصيل حقوقهم وإدارة ملفّاتهم لوحدهم دون تدخّل محام.
وهنا يكمن دور المُحامي وأهمّيّة مُرافقته للمواطن قبل وخلال اللجنة الطبية، أوّلًا وقبل كُل شيء في رفع نسبة الوعي لدى المواطنين في فهم الصّورة الصّحيحة بكافّة جوانبها، بالإضافة إلى عمل المُحامي من الجانب القانوني ومنح موكّله كافّة الادوات اللازمة لمواجهة التّأمين الوطني وتحصيل حقوقه قانونيًّا.
بعد فحص المريض، ترسل مؤسسة التأمين الوطني قرارها للمصاب وترفق لقرارها البروتوكول الذي يشمل شكوى المصاب، نتائج الفحص الطبي في اللجنة، نسبة العجز وأرقام بنود القانون التي اعتمد الطبيب عليه بتحديد نسبة العجز للمريض.
بعد فحص القرار والبروتوكول المرفق، باستطاعة المحامي مقارنة بنود القانون التي حددت نسبة العجز، واذا رأى المحامي أن القرار مجحف بحق المريض ويجب أن يمنح نسبة عجز اعلى مقابل مشكلته الصحية يستطيع تقديم استئناف على القرار وتسجيل كل الادعاءات المناسبة فيه.
في لجنة الاستئناف يتواجد ثلاثة أطباء من اختصاصات مختلفة الذين لا يعملون بشكل مباشر مع التأمين الوطني. يحق للجنة الاستئناف إبقاء قرار لجنة التأمين الوطني على حاله، الغائه أو تغييره. وهنا أيضًا يجب التشديد على أهمية التمثيل بواسطة محام مختص بقضايا التأمين الوطني، لأن الشّرح والتّوضيح حول وضع المريض شفهيًا وكتابيًا بواسطة المحامي قد يعطي الصورة الأمثل عن الوضع الحقيقي للمريض وبالتالي حصوله على كل حقوقه.
من يعتقد أن مؤسسة التأمين الوطني تمنح كل ذي حق حقه، وأن باستطاعته تقديم طلبه ومواجهة التأمين و"التغلب عليها" لوحده فهو مخطئ. كمحام أعمل في مجال التأمين الوطني منذ سنوات، شهدت حالات عديدة لأشخاص يستحقون الحصول على معاش شهري لعجز عام أو إعاقة بسبب العمل، وتم رفض طلباتهم وتوجهاتهم مرارًا وفقط بعد مرافقة قانونية مهنية استطاعوا الحصول على مستحقاتهم، لذلك يجب أن يعرف المواطن جيدًا أن كل طلب أو دعوى تقدم للتأمين الوطني يجب أن تُقدّم فقط عن طريق محام مختص في قضايا التأمين الوطني.
الكاتب هو محام، المقال ليس استشارة قانونية أو بديلًا عن الاستشارة القانونية.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com