أبدى سكان قطاع غزة خشيتهم من أن التصعيد مع الاحتلال خلال شهر رمضان المبارك وما سيكون له من تداعيات كارثية على الاقتصاد تثقل كاهل الأسرة الفلسطينية وقد تحرم بعض الأسر من قضاء شهر رمضان، مستذكرين الحرب الأخيرة التي فاقمت من تردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني داخل القطاع .
وقد أثار تأييد فصائل فلسطينية، لعمليتي بئر السبع والخضيرة واللتين تسببتا في مقتل 6 إسرائيليين وإصابة آخرين، قلقا بالغا لدى أهالي القطاع المحاصر ما قد يجعل غزة هدفا لانتقام الاحتلال خلال الأيام المقبلة ردا على العمليتين.
تصعيد أمني شخصي
وكانت فصائل فلسطينية، قد اعتبرت أن عملية إطلاق النار التي وقعت مساء الأحد بمدينة الخضيرة شمالي إسرائيل، "ردّ طبيعي على جرائم العدو الصهيوني، وقمة النقب".
جاء ذلك في بيانات منفصلة صدرت عن حركات "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الديمقراطية" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
وقالت "حماس": "نبارك العملية البطولية في الخضيرة ضدّ جنود الاحتلال الصهيوني، ونؤكد أنها تأتي ردا طبيعيا ومشروعا على الاحتلال وجرائمه ضد شعبنا ومقدساتنا".
وأضافت: "نشيد ببسالة وإقدام منفذي (اثنان) هذه العملية البطولية، ثأرا لدماء الشهداء، وردا على عدوان وإرهاب الاحتلال".
ولفتت إلى أن "شعبنا ماضٍ في طريق الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا بكل الوسائل حتى التحرير والعودة".
بدورها اعتبرت حركة "الجهاد الإسلامي" عملية الخضيرة بأنها "رد باسم الشعب الفلسطيني وأحرار الأمة على كل محاولات شرعنة الاحتلال لفلسطين".
وأوضحت أن "العملية جاءت كرد باسم الشعب الفلسطيني وكل أحرار الأمة العربية والإسلامية على قمة الشر التي يشارك فيها وزراء خارجية عرب إلى جانب وزير الخارجية الصهيوني".
أما "الجبهة الشعبية" فقالت إن "العملية توجه رسائل قويّة للعدو الصهيوني وحكومته الفاشية بأنّ الشعب الفلسطيني مُصممٌ على التصدي له والرد على جرائمه المتواصلة بحق شعبنا".
وتابعت: "العملية رد عملي على قمة التطبيع التي يُشارك فيها وزراء خارجية عرب".
من جانبها، قالت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، "نبارك عملية الخضيرة البطولية ونؤكد أنها رد على جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق أبناء شعبنا الفلسطيني ورفض كل أشكال التطبيع".
الدعم الذي أظهرته الفصائل للعمليات الأخيرة من شأنه أن يجلب الدمار، على أهالي القطاع
تسهيلات لغزة
وفي محاولة لخفض التصعيد، قررت الحكومة الإسرائيلية رفع عدد تصاريح عمال قطاع غزة الذين يعملون في إسرائيل إلى 20 ألفاً، قبل بداية شهر رمضان.
وقالت القناة «13» العبرية، إن الحكومة الإسرائيلية وافقت على زيادة حصة العمال الفلسطينيين من قطاع غزة من 12 ألفاً إلى 20 ألفاً.
والمبادرة التي تقدم بها وزير الدفاع بيني غانتس جاءت كجزء من تسهيلات دراماتيكية للقطاع، على غرار الضفة الغربية، في محاولة لكبح جماح التصعيد قبل وأثناء رمضان.
وتقرر إعطاء التصاريح لـ12 ألفاً في مجال البناء، و8 آلاف في مجال الزراعة، و50 آخرين في مجال المعابر وخدماتها.
وفي السياق ذاته كشفت مصادر إعلامية أن الدوائر الأمنية الإسرائيلية تميل إلى منح الفلسطينيين تسهيلات في شهر رمضان للمرة الأولى منذ عامين.
وحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة فإن التوجه هو السماح لعدد كبير من الفلسطينيين بدخول المسجد الأقصى في رمضان، والسماح بزيارات عائلية من الضفة الغربية إلى داخل إسرائيل ومنح تصاريح زيارة لعائلات أسرى فتح من غزة.
اختبار لجدية حماس
وتختبر الخطوة الإسرائيلية ، بزيادة حصة العمال الفلسطينيين من قطاع غزة إلى 20 ألفا، جدية حركة حماس المسيطرة على القطاع في الالتزام ببنود التهدئة، لاسيما وأن للحركة سوابق في التنصل من تعهداتها.
وقد اعتبر أهالي القطاع المحاصر هذا الإعلان بادرة أمل للخروج من الحالة الاقتصادية المتداعية منذ سنوات جراء الحصار وفشل حكومة غزة في إيجاد بدائل أو حلول لمشكلات القطاع المتزايدة.
ويتذكر الأهالي ببالغ الحزن كيف فاقمت الحرب الأخيرة من تردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني، جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع للعام الـخامس عشر على التوالي.
وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) في أغسطس الماضي، فإن عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة وصل إلى 212 ألفا، بنسبة بطالة بلغت 45 في المئة.
لماذا تهتم حماس بالتصعيد؟
وتسعى حركة حماس بكل قوتها لتصعيد الأوضاع في الضفة الغربية وشرق القدس، لإدراكها أن التصعيد يخلق تحديا أمنيا تكتيكيا للاحتلال واستراتيجيا للسلطة.
وتعتبر حماس أن أي تصعيد ضد الاحتلال هو بمثابة "تهديد لشرعية السلطة الفلسطينية"، بقيادة الرئيس محمود عباس لأن حماس خلال العام الماضي استطاعت أن تقود الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وغزة.
ومن المحتمل أن تحاول حماس هذا العام أيضًا تحدي الاحتلال والسلطة الفلسطينية والتوجه نحو تصعيد الأوضاع خلال شهر رمضان.