الشعب اليهودي والديانة اليهودية، هل هم ضحية مؤامرة من اليمين المسيحي؟! ،هل الهدف من تلك المؤامرة طابعها ديني ؟؟ على وجه العموم، المسيحية ورؤيتها لليهود على وجه الخصوص؛ باعتبارهم قتلة المسيح ، لكن بعض المتطرفين في الاوساط البروتستانتية المسيحية وجدوا من اليهود وسيلة أداة الخلاص لعودة المسيح تتحدث البروتستانتية المتطرفة أن تجمع اليهود في أرض فلسطين يسرع من خروج المسيح المنتظر، نادت بالعقيدة الاسترجاعية التي تعني ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين شرطا لتحقيق الخلاص وعودة المسيح ، لكي نتحدث عن هذا الموضوع المهم علينا اولا الرجوع الى الماضي لفهم الحاضر، أول جهد وطرح فكرة الدعوة لإنشاء دولة يهودية لا ينسب إلى المنظمات اليهودية بل للمبشر المسيحي الأصولي وليام بلاكستون، وقد شن بلاكستون عام 1891 حملة سياسية للضغط على الرئيس بنيامين هاريسون من أجل دعم إنشاء دولة يهودية بفلسطين. ورغم أنها لم تسفر عن شيء، تعتبر حملة بلاكستون الظهور الأول للصهيونية المسيحية في السياسية الأميركية. الإيمان بحتمية ظهور دولة يهودية في فلسطين كجزء من النبوءة لعودة المسيح أمر يعود للقرن السادس عشر، قبل ظهور الصهيونية، في انجلترا في القرن السابع عشر في بعض الأوساط البروتستانتية المتطرفة التي نادت بالعقيدة الاسترجاعية التي تعني ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين شرطا لتحقيق الخلاص وعودة المسيح، لكن ما حصل هو أن الأوساط الاستعمارية العلمانية في إنجلترا تبنت هذه الأطروحات وعلمنتها ثم بلورتها بشكل كامل في منتصف القرن التاسع عشر على يد مفكرين غير يهود ، اندمج الواقع في بريطانيا بين الفكر السياسي والفكر الديني للاستفادة من تجميع الشعب اليهودي في أرض فلسطين . وما نتج عنه وعد بلفور عام 1917 .نتيجة لما سبق منذ القرن السابع عشر في جعل التجمع اليهودي في فلسطين يحقق ظهور المسيح المخلص كما يؤمن به الاوساط البروتستانتية المتطرفة، وليس عطف على اليهود .
الصهيونية : هي حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد، عندما بدأت الحركة الصهيونية في طرح إنشاء وطن قومي لليهود وجمعهم في فلسطين، رأت التيارات اليهودية الدينية ذلك خطأ فادحًا؛ لأن الذي يُنهي شتات اليهود ويعيد جمعهم في أرض الميعاد هو «المسيا/المسيح»، وبالتالي فإن إنشاء دولة لليهود في فلسطين يُعتبر تَعديًا على الدور الخاص بالمسيح المنتظر. لكن اليمين المسيحي الذي يطلق عادة على معتقد جماعة من المسيحيين المنحدرين غالباً من الكنائس البروتستانتية الأصولية والتي تؤمن بأن تجمع اليهود مهم لتحقيق هدفهم وما يؤمنوا به، لذلك نظروا أن تجمع اليهود يصب في ظهور المسيح المخلص لهم من الاشرار وانتصار وانتشار المسيحية من وجهة نظرهم ـ ووجدوا في قيام دولة إسرائيل عام 1948 ضرورة حتمية لأنها تتمم نبؤات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر. . لهذا يعتبر الصهاينة المسيحيون (اليمين المسيحي) أنه من واجبهم الدفاع عن الشعب اليهودي بشكل عام وعن الدولة العبرية بشكل خاص، ويعارضون أي نقد أو معارضة لإسرائيل خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يشكلون جزءاً من اللوبي المؤيد لإسرائيل. الرئيس ترامب من اليمين المسيحي .مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي هو في الحقيقة أسوأ من ترامب نفسه، يعتقد أن المسيح يكلمه!!وقد زار «بنس» ، اسرائيل، وألقى خطابه الصهيوني في الكنيست، كاشفا عن أفكاره المتطرفة، متأثرا بما يؤمن به اليمين المسيحي في الولايات المتحدة الأمريكية.. وتقول الكاتبة الأمريكية «جريس هالسيل»: إن هؤلاء المنصّرين التوراتيين نجحوا من خلال برامجهم التليفزيونية وكتبهم في إقامة ما يعرف باسم «حزام التوراة » في مجموعة ولايات الجنوب والوسط الأمريكي والتي يوجد بها ملايين المسيحيين المتشددين دينيا والمؤمنين بنبوءة «الهرمجيدون» وقرب نهاية العالم بعد أن أصبح مملوءا بالشر الذي يمهد الطريق أمام ظهور«المسيخ الدجال» ، وهو ما يفرض نزول المسيح المخلّص لحماية المسيحيين المؤمنين به، وأن من واجبهم الإسراع بتهيئة الظروف لنزول المسيح، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بدعم اليهود في وطن لهم ، وأن بناء الهيكل هو الشرط الأساسي لعودة المسيح !! ..لهذا الشعب اليهودي يتم استغلاله وسيلة فقط لتحقيق أهداف وغاية اليمين المسيحي وجدت اذان صاغية لها مع وجود الفكر الصهيوني الذي استغل الفكر الديني للمسيحيين المتطرفين لتحقيق أهداف الصهيونية، في الاساس مشروع الصهيونية قائم على فكر سياسي وليس ديني . وتعتبر استغلال الدين اليهودي مهم في تحقيق اهدافها . لهذا منذ احتلال فلسطين عام 1948 وإنشاء اسرائيل لم توجد حكومة دينية في اسرائيل بل جميع الحكومات فيها تم إنشائها بطابع علماني معارض للفكر الديني . لن أتحدث عن الجريمة بحق الشعب الفلسطيني المعروفة للجميع . الدول الاستعمارية والافكار الدينية المتطرفة قائم على خرافات ظهور المسيح حسب فكرهم وما يؤمنوا به سيدفع ثمنها الشعب اليهودي ، يتم استغلال الشعب اليهودي من أجل تحقيق حلم مجنون لأصحاب فكر متطرف ينتظروا ظهور المسيح الخاص بهم لتحقيق هدفهم ، والحركة الصهيونية استغلوا أهداف المسيح اليميني كذلك في استغلال هذا الطرح ، استغلال الشعب اليهودي وسيله لتحقيق غايه عند أصحاب فكر ديني ينظر اليهم أنهم قتلة المسيح ، تجميع اليهود في أرض فلسطين كما يريد المتطرفين من اليمين المسيحي وسيلة لتحقيق غايتهم فقط ، وهو يتعارض مع الفكر اليهودي في جلب الشعب اليهودي الى أرض فلسطين بهذه الطريقة كما يريد اليمين المسيحي، في الدين اليهودي الذي يُنهي شتات اليهود ويعيد جمعهم في أرض الميعاد هو «المسيا/المسيح»، حسب الديانة اليهودية . وبالتالي فإن إنشاء دولة لليهود في فلسطين يُعتبر تَعديًا على الدور الخاص بالمسيح المنتظر حسب تعاليم الدين اليهودي .
* نائل ابو مروان: خبير بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي - محلل سياسي
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com