وظيفة المؤلف وسرديته تتغيران عبر الزمن، وقد استطاعت المترجمة نقل خطاب المؤلف إلى زمنها وخطابها هي
وصل إلى موقع العرب وصحيفة كل العرب بيان صادر عن نادي حيفا الثقافي، جاء فيه ما يلي: "نظم نادي حيفا الثقافي مؤخرًا أمسية ثقافية لإشهار الكتاب الوثيقة "العربية السعيدة" المترجم للعربية عن دار سند، رام الله. وهو للكاتب الرّحّالة الدنماركي ثوركيلد هانسن حيث استضاف فيها مترجمة الكتاب، الكاتبة سوسن كردوش قسيس ابنة مدينة الناصرة التي تعيش في الدنمارك".
وأضاف البيان: "كانت البداية لمسة وفاء للمناضلة طيبة الذكر ساذج نصار وذلك من خلال شريط مصور قصير عن حياتها. قدم بعدها الافتتاحية رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة مؤهلًا بالحضور والمشاركين. ثم شكر باسمه وباسم الحضور المجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني على رعايته أمسيات النادي.
شكر بعدها ثقة ناخبي جمعية المجلس الملي الأرثوذكسي وذلك على ضوء نجاح أعضاء المجلس في الانتخابات الأخيرة، ما يتيح مواصلة نشاطات النادي لأربع سنوات أخرى. استعرض بعدها الأمسيات القافية القادمة داعيًا لحضورها".
وبحسب البيان: "تولت عرافة الأمسية الكاتبة جميلة شحادة، فكان لها تقديم وافٍ عن ضيفة الأمسية وأعمالها بما فيه كتاب الأمسية.
أما في باب المداخلات فقدم بروفيسور قيس فرّو مداخلة نقدية في الكتاب الذي يرى فيه سردية تاريخية طوّعت فيه المترجمة اللغة العربية لنقل الأسلوب المشوق مع التزامها بنقل النص بأسلوب وشكل يكاد يدل على أنها هي المؤلفة لا المترجمة. يرى ب. فرو أن الكتاب عمل تاريخي فيه كل عناصر الأعمال التاريخية وهو سردية تاريخية ووسيلة من وسائل عرض ماضٍ ليس بالضرورة مطابق للواقع كما كان بل تاريخ يعتمد على مصادر توثيقية.
خلال الأمسية
وأضاف، وظيفة المؤلف وسرديته تتغيران عبر الزمن، وقد استطاعت المترجمة نقل خطاب المؤلف (هانسن) إلى زمنها وخطابها هي. والتأويل التاريخي قائم على استرجاع كلمة الفاعلين التاريخيين وأية محاولة للحكم على القيمة العلمية هي مضيعة للوقت والجهد.
وفي حين يرى البعض أن " العربية السعيدة" رواية، لا يراه ب. فرّو رواية إنما كتابة تاريخية.
تلاه د. محمد هيبي في مداخلة له بعنوان سوسن كردوش قسيس، في "العربية السعيدة" وعيون الأدب الدنماركيّ. حيث تناول باستفاضة في مداخلته ثلاثة جوانب متعالقة في هذا الإبداع الأدبي: أدب الرحلات، الرواية ومضمونها والترجمة.
جاء في مداخلته أن جهود سوسن في الترجمة، هي ما منحنا فرصة القيام بالرحلة مع كارستين نيبور ورفاقه الذين اهتمّوا ببلادنا، وزاروها رغم قسوة الظروف، ليبحثوا عن معالمها الطبيعية والتراثية في جميع المجالات. فالرواية كما وصفتها المترجمة، تأخذ القارئ العربي في جولة مثيرة في أرجاء المشرق بطبيعته وغناه وتنوّع مركّباته.
أما عن ترجمة المترجمة من المصدر فقال إنها كغيرها من المترجمين، مهما حاولت أن تظلّ أمينة للمصدر، لا بدّ لها أن تتأثّر بطبيعة لغتها العربية، وتأخذ بالحسبان ذائقة القارئ العربي ومشاعره نحو لغته وأساليب تعبيرها. وهذه في الحقيقة مشكلة أيّ مترجم يُريد أن يُحافظ على التوازن بين أمانته للنصّ وحرصه على الإبداع. ولأنّ سوسن متمكّنة من اللغتين: الدنماركية والعربية، فقد أبدعت في نقل الرواية بلغة راقية تتلاءم مع ذائقة القارئ العربي، دون أن تخسر أمانتها للنصّ الأصلي. وقد حافظت على سير الأحداث والصراع والمعلومات الهامّة التي اكتشفها أعضاء البعثة. وقد استطاعت أن تؤثّر في مشاعر القارئ بحيث جعلته يُحبّ كارستين نيبور، الفلاح ابن الفلاح، المتواضع الذي يعمل بصمت، وكذلك يكره فون هافن الذي كادت الرحلة تفشل بسبب كسله وتقاعسه ونزعاته الشخصية.
وفي مداخلة تالية قدمها د. جوني منصور جاء فيها أن الكتاب يحمل الكثير من التفاصيل الجميلة لخمسة أعضاء شاركوا في البعثة الاستشكافية كان أبرزهم نيبور وهو الماني، وفورشكل وهو عالم نبات سويدي وفون هافن عالم لغويات دنمركي ورسام وطبيب. وكانت بينهم خلافات شديدة ونقاشات حادة. وسارت الرحلة الى اسطنبول ثم الاسكندرية فالسويس وجدة ومكة والمُخا في اليمن وقرى وبلدات في اليمن".
وتابع البيان: "ساهمت الرحلة في التعرف على البيئات النباتية والحيوانية والطيور التي صادفها وبحث عنها أعضاء البعثة والذي نظر أحد أفرادها إلى العرب بنظرتين: الاولى فيها اللطافة والاعتبار.. ولكنه حمل نظرة اخرى فيها التريُّب..
يحاول المؤلف تجاهل الدوافع غير العلمية للبعثة، مع أن اوروبا بأجمعها في ذلك العصر، وليس الدنمارك وحدها – كانت بعثاتها موزعة ومنتشرة في بقاع الارض بحثا عن مناطق نفوذ وثروة. فهذه الرحلات تحمل في نهاية المطاف هدفا سياسيا تبين وتؤكد ذلك، وإن كانت قشرتها مختلفة.
ولفهم النصوص التي استخدمها هانسن لا بد لنا من الاستعانة بما وضعه ادوارد سعيد في مؤلفه الفذ "الاستشراق".
وختم د. جوني أن هذه الرواية أو النص السردي الذي يدمج بين ما دونه نيبور، وما كتبه معلقًا وموسعًا هانسن يوفر لنا صورتين: الأولى تتعلق بطبيعة الاستكشاف الاستشراقي كما فنده ادوارد سعيد، والثاني ما حاول هانسن تخليصه من هذه النظرة باعتباره مساهمة جليلة في التعرف على حضارات أخرى غير الأوروبية عموما والدنماركية خصوصًا".
وجاء في ختام البيان: "قد اختتم فقرة المداخلات الكاتب سهيل عطالله بكلمة تحية للكاتبة سوسن وزوجها إيلي قسيس.
كانت الكلمة بعده لضيفة الأمسية ـ حيث شكرت الحضور والقيمين على أعمال النادي. ثم تحدث عن عملية الترجمة واستعرضت بعدها محطات من الكتاب متوقفة عند شخصيات وأماكن وأحداث مذكورة فيه وذلك من خلال معروضة محوسبة.
يجدر بالذكر أنه تخلل الأمسية تقديم شهادة شكر وتقدير للمحامي فؤاد مفيد نقارة من قبل القرية التربوية هضاب زفولون بواسطة صديق النادي الفنان التشكيلي جميل عمرية. وذلك عن تبرعه السخي بمجموعة من الكتب القيمة لمكتبة القرية. كما ورافق الأمسية معرض أعمال فنية للفنانة التشكيلية حنين بصول من قرية الرينة" إلى هنا نص البيان.