في ضوء القمر اجتمعت عائلة الأرانب كعادتها كل ليلة يرقصون ويغنون ويقضون ساعات ممتعة في جو من الحب والسعادة والهناء وبعد مضى اكثر من ساعة احس الارنب الابيض العجوز انه ضمآن، ذهب الي بئر الماء انزل الدلو وارخي له كل الحبل المربوط فيه، هز طرف الحبل في يده حتي يمتلأ الدلو بالماء ولما بدأ في رفعه كان خفيف الوزن، عرف الارنب الابيض العجوز ان الماء قد هبط في البئر احضر حبلاً ربطه في طرق حبل الدلو وانزله في البئر فوصل الي الماء وغرف منه، شرب الارنب ووضع الدلو علي حافة البئر، استدار عائداً وهو يقول في نفسه : الماء قد هبط في البئر وربما يجف، لو جف فعلاً فسوف نعطش وسوف تعطش الحشائش وتبذل ونجوع نحن .
صورة توضيحيّة
وصل الارنب العجوز الي بقية عائلتة، كانوا مازالوا يرقصون جلس صامتاً مفكراً في الماء الذي هبط بالبئر، سألته زوجته الارنبة الحمراء : فيم تفكر يا عزيزي، وسأله صديقه الارنب الرمادي : ماذا حدث ؟ صرخ الارنب في الجميع : كفوا عن الرقص والغناء، اتهجت انظار الجميع نحوه، صمت قليلاً ثم قال : البئر بدأت تجف، ولو حدث ذلك سوف نموت من الجوع والعطش، نظروا اليه والي بعضهم البعض في دهشة، لم يقتنع احد بكلامه، فكيف تجف البئر المليئة بالمياة، تركوه وحيداً وعادوا الي جحورهم، ولكنه كان مقتنعاً انه صادق في احساسه، فقرر أن يتحدث معهم من جديد .
في الصباح اجتمعت عائلة الارانب في الساحة الخضراء، فذهب اليهم الارنب الابيض العجوز وحاول ان يتحدث معهم ولكنهم قاطعوه ورفضوا ان يسمعوا، حتي تطاول عليه احدهم وقال له : اذا اردت ان تحفر بئراً جديدة فاذهب وحدك واحفر، وبالفعل اخذ الارنب الابيض زوجته الحمراء وسارا معاً يبحثان عن مكان يصلح لحفر بئر، حتي وصلا الي منخفض تحيط به الاشجار من جميع الجوانب، يعيش فيه العديد من عائلات العصافير الملونة ويحرسها كلب كبير بني اللون، نبح الكلب بصوت عال عندما رأي الارانب ثم اسرع وسألهما : ماذا تريدان، رد الارنب : نبحث عن مكان لحفر بئر للماء، واظن ان هذا مكان مناسب، رفرفت العصافير تستطلع الخبر، فسمعت ما قاله الارنب، تشاورت مع الكلب واتفقوا جميعاً علي الترحيب به بل اعلنوا موافقتهم ايضاً علي مساعدته .
مرت الايام وهم يعملون، الارنب العجوز وزوجته يحفران الارض بأقدامهما الامامية ، بينما الكلب يحمل التراب في اكياس في فمه يفرغهم بعيداً، والعصافير تحمل ما تقدر عليه في مناقيرها وبين اصابعها وترفرف لتلقيه بعيداً، وبمرور الوقت تحول التراب الي طين ثم بدأ الماء يتسرب من الطين ويرتفع عالياً، في نفس الوقت كان الماء في البئر القديم يهبط شيئاً فشيئاً حتي جفت البئر تماماً، وذبلت الحشائش وجاعت الارانب وضاعت قوتهم، وقل نشاطهم واصبحوا غير قادرين علي الحركة .
ذات يوم خرج ارنب هزيل من جحره، واخذ يصرخ منادياً اصحابه، خرجت كل العائلة من جحورها وسألته امه : لماذا تصرخ يا بني؟ أجابها : يجب ان نبحث عن مكان آخر لحفر البئر كما فعل الجد العجوز، نظروا جميعاً الي بعضهم ثم الي الدلو الملقي فارغاً بجوار البئر وقرروا المغادرة، كان الارنب الابيض قد اشتاق الي رؤية عائلته، ترك زوجته الحمراء في حراسة الكلب عند البئر واخذ يقفز حتي وصل الي البئر القديمة، هناك نادي باعلي صوته علي الجميع ولكن لم يرد عليه احد، رأي الدلو فارغاً بجوار البئر والحشائش جافة ففهم انهم هجروا المكان ولكن بعد فوات الاوان .
عاد الارنب الي زوجته واخبرها بما حدث ودموعه تتساقط، حزنت جميع العصافير والكلب والزوجة لهلاك الاهل، تشاوروا معاً وقرروا جميعاً ان يقدموا المساعدة، طارت العصافير وجرى الكلب يتشمم المكان، حتي عثروا علي العائلة متفرقة هنا وهناك تحت جزوع الاشجار غير قادرين علي الحركة، فكر الارنب في طريقة لانقاذ عائلتة قبل ان يهتدي اليهم الذئاب والثعالب، حتي وصل الي فكرة ذكية، جمع الارنب العجوز وزوجته فروع الاشجار المتساقطة حتي تمكنوا من جمع كومة كبيرة وجلس الارنب يربط الفروع مع بعضها باستخدام لحاء اعواد الكتاب، ولما صنع زحافة كبيرة جعل في جانبيها فرعين كبيرين، ووضع في نهايتهما حلقة من الكتاب، وضع الكلب رأسه فيها وانطلقوا جميعاً ينقلون الارانب الهزيلة الغير قادرة علي الحركة .
وهكذا قدم الارنب العجوز لعائلته الطعام والماء حتي عادت اليهم قوتهم ونشاطهم وادركوا ان الجد العجوز كان حكيماً وشكروه كثيراً علي انقاذه لهم، وفي هذه الليلة رقصوا وغنوا معاً جميعاً كما كانوا يفعلون كل ليلةعند بئرهم القديم .