في ضوء السمسرة.. سخنين إلى أين؟/ بقلم: المحامي محمد أبو ريا

كل العرب
نُشر: 01/01 14:07,  حُتلن: 18:04

المحامي محمد أبو ريا في مقاله:

رئيس البلدية السيد مازن غنايم يتحمّل المسؤولية المباشرة لما آلت إليه الأمور لانعدام سيطرته المباشرة على الأقسام الإدارية في البلدية

ثبت لسخنين ما كانت تعرفه من قبل أن الائتلاف لا يساوي جناح باعوضة وأنه مرتبط بحبل سرّة الرئيس ضمن اتفاقيات ائتلافية لها مردودها المادي

في ضوء الأزمة إياها التي تفجّرت ولن تهدأ لم يقم الائتلاف البلدي بدوره الطبيعي حيث لم يدعُ لجلسة استثنائية ولم يهدد أي طرف فيه الرئيس بالاستقالة احتجاجا على التقصير والإهمال

من المؤكّد أن السائق مسؤول عن أي حادث طرق قد يحصل للمركبة والركاب، ولكن الركاب مسؤولون كذلك عندما لا يحاولون وقف السائق عن الانتحار بهم، في حادث طرق بات شبه مؤكد، ولو بإرغامه على حادث أقل كلفة. هكذا هو حال مستقبل الأجيال الصاعدة في سخنين، التي لن يكون لهم فيها مستقبلًا، إن لم يحاول أهلهم وقف حادث الانتحار، ولو بثمن أقل من الانتحار.

الرئيس المعجزة يظهر في أوج عجزه:
ولا يمكننا أن نفعل ذلك، إذا لم نخرج عن صمتنا، لنقول للأعور أعورا وللمسؤول كفى، خاصة عندما يتعلّق الأمر بمصير الأجيال الصاعدة، ونفاذ الأرض الاحتياطية التي ينبغي حمايتها، وتوزيعها ضمن معايير عادلة، تتجنّب السمسرة والسماسرة.

بناء على تقدم، وبادئ ذي بدء، وكي لا نجعلها "طاسة ضايعة "، فإنني أسجّل أن رئيس البلدية، السيد مازن غنايم، يتحمّل المسؤولية المباشرة لما آلت إليه الأمور، لانعدام سيطرته المباشرة على الأقسام الإدارية في البلدية، وخاصة قسم الهندسة، للتأكد من قيامها بالواجب المنوط بها، في التخطيط والاعتراض على ما تقوم به الجمعيات للسيطرة على بعض الأراضي في منطقة نفوذ سخنين. أو لثقته العمياء التي أولاها لمن لا يستحق من موظفين، فخيّبوا آماله، وبالتالي آمالنا، وفي الحالتين فإن المسؤولية تقع على من انتخبته سخنين، ليكون العين الساهرة على مصالحها، فإذا بها تغفل، وتسمح للجمعيات النفاذ، للسيطرة على أراض عامة.

الائتلاف البلدي ختم مطاطي:
وفي ضوء الأزمة إياها، التي تفجّرت ولن تهدأ، لم يقم الائتلاف البلدي بدوره الطبيعي، حيث لم يدعُ لجلسة استثنائية، ولم يهدد أي طرف فيه الرئيس بالاستقالة احتجاجا على التقصير والإهمال الذي دفعت سخنين ثمنه، وثبت لسخنين ما كانت تعرفه من قبل، أن الائتلاف لا يساوي جناح باعوضة، وأنه مرتبط بحبل سرّة الرئيس ضمن اتفاقيات ائتلافية لها مردودها المادي، الذي يُقيّد حركة أطرافه، ويحد من إمكانية وقوفها إلى جانب سخنين. ولو تجرّأ أحد أطراف الائتلاف، وانتقل للمعارضة، لكسب الرأي العام المحلي، وخلق دينامية سياسية غير معهودة محليا، ولكن صدق المثل القائل، إنّك لا تجني من الشوك العنب.

المعارضة مسؤولة كذلك:
من الطبيعي أن تكون المعارضة مسؤولة كذلك، لأن ما حدث من سيطرة على أراضي سخنين، لم يكن مفاجئا كسقوط صخرة على الأرض من كوكب آخر دون أن يتوقعها أحد، من حقنا أن نسال أين كانت طوال السنوات الماضية، ولماذا لم تعلن التعبئة العامة لوقف عملية انتحار سائق المركبة بالركاب.

المعارضة لم تثبت أن لديها برنامجا بديلا لرئيس البلدية السيد مازن غنايم ولائتلافه، بالعكس فقد رأت فيه شخصية تستحق قيادة المتابعة، فكيف إذن لا يكون مؤهلا لقيادة سخنين، وهي التي تزكيه لقيادة الجماهير العربية في الداخل. هذا ناهيك عن مفاوضات بعض القياديين المحليين في الجبهة المحلية مع السيد مازن عشية دورة الرئاسة الحالية لمنحه فترة رئاسة ثانية بشروط، كل هذه المواقف صبّت في نهاية المطاف في صالح السيد مازن، الذي لم يعد يرى بنفسه إنسانا عاديا قد يُخطئ، وإنما قياديا فوق الأحزاب "لا تأخذه سنة ولا نوم"، وعلى الجبهة ألّا تتوقع من غيرها أن يكون كاثوليكيا أكثر من البابا في معارضة السيد مازن، وهي التي تزكيه وتدعمه.

كذلك فإن الجبهة لم تعجم عيدانها لتختار أمرّها وأصلبها مكسرا في وجه العائلية التي يستند عليها السيد مازن، لسحب البساط من تحت قدميه بالسياسة، وإنما واجهت العائلية بالعائلية، جريا على إطفاء النار بالنار، فنفر منها الكثير، وضعف عودها، لدرجة لم يعد السيد مازن غنايم وائتلافه يعملون لها حسابا، ولو عادت فقط لبرنامجها التاريخي، ولبريقها الفلزي التاريخي، لكانت في موقع القرار، ولما كان لزاما علينا أن نخوض معركة السمسرة في الوقت الضائع، لذا فإنني اضم صوتي لأصوات اسمعها داخل الجبهة،عسى أن يكون له صدى.

الحركة الاسلامية والتجمع:
آن الأوان للحركة الاسلامية أن تخرج من تحت عباءة دعمها للمرشح العائلي نكاية بالجبهة للفضاء الواسع الحر الذي ينصهر فيه ابناء جميع العائلات لا أن تبقى جيبا في حصيد عائلة واحدة تأبى التخلّص من قبلية حاربها الاسلام، تربط مسألة احترامها ببورصة الانتخابات لرئاسة البلدية، مع العلم أن الجميع يحترمها ولا يفرط بها ويعترف لها وبتاريخها في هذا البلد بانتخابات وغير انتخابات. وما دامت تتحالف مع الجبهة في القائمة المشتركة للكنيست، فإن من واجبها عدم استثناء الأمر محليا، ولا يُعقل أن تزايد على الجميع بمخافتها لله، وأن تترك الأمور المحلية تتدحرج نحو الهاوية بحجة عملها في الدعوة فقط لدين الله. كذلك فرع التجمع الوطني محليا الذي يحارب قطريا لأجل دولة لكل مواطنيها، بينما يتحالف محليا مع العائلة ذاتها لضمان فتات الموائد.

ما العمل؟
في المرحلة الراهنة، المطلوب التوقف عن البكاء عن الحليب الذي انسكب، واستأثرت به الجمعيات، إذ لا مجال قانوني لاستعادة قسائم البناء تلك، فالأمر تحصيل حاصل، والجدجد الذي لم ينفك لسنوات عن الصرصرة، يدفع الثمن اليوم لانعدام نشاطه آنذاك.

ومن ناحية ثانية، ولتدني الثقة بطواقم البلدية المنتخبة والعاملة الإدارية، فإن المطلوب استمرار الجميع بالاحتجاج، تحت سقف اللجنة الشعبية، التي آن الأوان لتطويرها، وشحذ أطرافها، للتوقف عن المجاملات الفارغة، لتقول للأعور أعورا في وجهه وليس فقط في قفاه، ونصب خيمة اعتصام دائمة تشكل خندقا للتعبئة الجماهيرية، أسوة بخيمة التضامن مع إخراج الاسلامية خارج القانون، تبقى منصوبة لشهور طويلة، تُشكل ضغطا على المجلس البلدي للتسريع في التخطيط والانجاز، لتبدأ بعدها العاصفة في الركود.

خارطة طريق للمستقبل:
أمّا على المدى الأبعد، ولتفادي السقوط في نفس الخطأ الذي وقعت به البلدية، فمن واجب جميع الأطراف الفاعلة وضع خطة للتخلص من الادارة الحالية للبلدية، من الرئيس والائتلاف، التي لم تعد تلائم العصر، لكونها عائلية، ورد فعل على تحالف عائلي مماثل لم تستطع الجبهة التخلص منه. ولأجل إنجاز ذلك فإنني اقترح خطوط عريضة قابلة للتطوير والتعديل أساسها:

1. التعامل مع الوضع المحلي على أن سخنين في حالة طوارئ.

2. وضع الخلافات السياسية العامة بين الأطراف السياسية، وخاصة بين الجبهة والحركة الاسلامية في نصابها، والالتقاء في بحث الوضع المحلي وأزمة السكن وكيفية الخروج منها بموضوعية ومسؤولية، أي أن يستمر الطرفان على خلاف ونقاش في كل القضايا العامة باحترام متبادل، بينما يجمعهم الوضع المحلي لإنقاذ سخنين.


3. بدء المفاوضات بين الجبهة والحركة الاسلامية على قيادة المجلس البلدي القادم البديل للإدارة والرئيس الحاليين ولو كان الأمر بالتناوب بينهما أو بانتخاب شخصية مستقلة تقسم على غالبية الأطراف، وقد يكون مرشح الجميع التوافقي من أصغر عائلة في سخنين وقد يكون من عائلة غنايم، لأن التنسيق بين الطرفين لا يعني بأي حال من الأحوال مناصبة أي عائلة العداء.

4. ويخوض الجميع انتخابات العضوية على أن يلتزم الجميع بمبدأ الائتلاف الشامل.

وأخيرا:

هذه رؤيتي، فآتوني بآرائكم، التي يجب إلّا تقتصر على وصف ما جئت به بالخطأ، بل بطرح البديل، هذا إن كانت سخنين فعلا أمانة، وليست عقارا يحتكره هذا الطرف أو يحلم باحتكاره ذاك.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة