بروفيسور أسعد غانم في مقاله:
قد يقول قائل بأن اوضاع لجنة المتابعة نابعة من ظروف ومتغيرات عالمية واقليمية وفلسطينية واسرائيلية وكل هذا صحيح جزئيا
من غير الممكن أن لا يشار الى دور اللجنة نفسها ومركباتها السياسية والتنظيمية كعامل اساسي في انهيار لجنة المتابعة وتوقفها نهائيا عن لعب اي دور حقيقي وفعال في حياة الجماهير العربية
طبعا يجب أن لا ننسى انجاز اقامة القائمة المشتركة والتي اقيمت بفضل رفع نسبة الحسم لأن بعض القيادات اصرت على مدى سنوات على تجاهل الاستعداد الشعبي بل المطلب بضرورة اقامة قائمة مشتركة
هذا يجب أن لا يلغي الانجاز الهام والمتمثل في اقامة القائمة وضرورة التكامل بينها وبين لجنة المتابعة كسقف وطني جامع لمن صوت ولمن لم يصوت
هذا الامر هام وممكن وأحد اهم تجلياته برأيي هو أن يتم تعيين رئيس القائمة المشتركة كقائم بأعمال رئيس لجنة المتابعة حتى يتم العمل برأس واحد، لا اثنين
المسألة هي الاكثر مفصلية في تطورنا السياسي والاجتماعي والوطني في هذه المرحلة وتستحق التحضير وتنفيذ اجراءات تعيد للجنة المتابعة دورها الوطني
تجتمع لجنة المتابعة العليا السبت القادم (الثالث عشر من حزيران/يونيو)، بكامل هيئتها، بدعوة من القائم بأعمال رئيس اللجنة – رئيس بلدية سخنين السيد مازن غنايم، وذلك لكي تناقش مسألة انتخاب رئيس لها. وطبعا تأتي الدعوة بعد اشهر من انتهاء ولاية الرئيس السابق السيد محمد زيدان، وبعد أن تم تأجيل البت في المسألة على خلفية تقديم موعد الانتخابات ونقاشات اقامة القائمة المشتركة. كما تأتي هذه الدعوة بعد سنوات من تراجع عمل لجنة المتابعة، وتقاعسها عن القيام بدورها كقائد للجماهير العربية ومنظمة لها كشعب.
ليس خافيا على احد أن هذه الدعوة لم تسبقها اية تحضيرات جدية، حتى أن أحدا من مركبات اللجنة لم يدع الى نقاش حقيقي معمق في مأزق لجنة المتابعة وتقاعسها، وخلو دورها من اي مضمون حقيقي، بما في ذلك المكانة الرمزية كقائد للعمل الوطني والتي لم تصن من قبل لجنة المتابعة. وقد يقول قائل بأن اوضاع لجنة المتابعة نابعة من ظروف ومتغيرات عالمية واقليمية وفلسطينية واسرائيلية، وكل هذا صحيح جزئيا، لكنه من غير الممكن ان لا يشار الى دور اللجنة نفسها ومركباتها السياسية والتنظيمية، كعامل اساسي في انهيار لجنة المتابعة وتوقفها نهائيا عن لعب اي دور حقيقي وفعال في حياة الجماهير العربية. هذا الامر ينبع من اسباب تنظيمية وسياسية وبنيوية، لا بد من معالجتها قبل الدخول في عملية انتخاب رئيس جديد لهذه اللجنة.
باختصار المسألة لم تعد متعلقة بشخص رئيس اللجنة ودوره هو فقط، بل هي تتعلق في رؤيتنا لأنفسنا كشعب، لا يمكن أن يكون تعبيرا عن كونه كذلك اكثر من وجود قيادة شرعية تقوده وتضع البرامج الاستراتيجية والتكتيكية لكي يصل الى مساعيه الوطنية على كل المستويات، والتي يمكن تخليصها بضرورة العمل على اربعة مستويات رئيسية تشمل عشرات، وربما مئات القضايا الفرعية. وأعني هنا:
اولا، كيفية تعميق وتكثيف حضور قضايا الفلسطينيين في اسرائيل على المستوى الدولي.
ثانيا، كيفية التوجه للمجتمع الاسرائيلي اليهودي والنضال ضد سياسات السلطة، مع الانتباه الى ضرورة معالجة الشراكات مع قطاعات في الشارع اليهودي.
ثالثا، العلاقة مع الحركة الوطنية الفلسطينية ودورنا فيها، وخصوصا على خلفية الانقسام ومحاولات رتقه.
ورابعا، وربما الاهم، تحديد واضح للقضايا الرئيسية التي يجب معالجتها من قبل القيادة الجماعية على المستوى الداخلي لمجتمعنا، مثل قضية تجديد مسألة اقامة المؤسسات الجماعية او تأهيلها مثل توسيع شرعية لجنة المتابعة نفسها، مسألة اقامة صندوق وطني، قضايا العنف والانفلات الاجتماعي، مكانة المرأة ودورها في مجتمعنا ومؤسساته، قضايا التعليم والصحة والنظافة العامة، ومواجهة الانقسام الطائفي في بعض اجزاء مجتمعنا، الخ.....
طبعا يجب أن لا ننسى انجاز اقامة القائمة المشتركة، والتي اقيمت بفضل رفع نسبة الحسم، لأن بعض القيادات اصرت على مدى سنوات على تجاهل الاستعداد الشعبي، بل المطلب، بضرورة اقامة قائمة مشتركة، وعندما تم تهديد المصالح الشخصية والحزبية للبعض نتيجة رفع نسبة الحسم، تم اللجوء الى القائمة المشتركة. لكن هذا يجب أن لا يلغي الانجاز الهام والمتمثل في اقامة القائمة، وضرورة التكامل بينها – كذراع ممثل لنا في الكنيست- وبين لجنة المتابعة كسقف وطني جامع لمن صوت ولمن لم يصوت. هذا الامر هام وممكن، وأحد اهم تجلياته برأيي هو أن يتم تعيين رئيس القائمة المشتركة كقائم بأعمال رئيس لجنة المتابعة. حتى يتم العمل برأس واحد، لا اثنين.
والاهم من هذا التعيين هو تأجيل انتخاب رئيس اللجنة، وترتيب جلسات حقيقية للتفكير في كيفية انتخاب لجنة المتابعة نفسها ورئيسها، قبل الذهاب الى العملية نفسها بغير تفكير، كما يجري الان. ونستطيع أن نضع عدة تصورات قد تؤدي في ظل توفر الارادة، الى تعميق شرعية لجنة المتابعة وتوسيع دورها لشعبنا هنا في الداخل، كما كان مخططا لهذه اللجنة عند اوائل صنّاعها. ومن جملة الافكار الاولية، يجب عدم الرضوخ للموقف الذي يرفض الانتخاب المباشر والخوض به، واذا تعذر ذلك، فمن الضروري جدا القيام بعملية جدية تؤسس لمرحلة الانتخاب بمرحلة انتقالية، يتم بها السعي الى توسيع وتعميق شرعية اللجنة من خلال اعادة الاعتبار لمؤتمر الجماهير العربية لسنة 1981، على ان يشكل هذا المؤتمر مجلسا عاما للجنة المتابعة بحضور جدي لمئات الممثلين من القرى والمدن العربية وممثلين عن العرب في المدن المختلطة، مع حفظ التمثيل المناسب لقطاعات مناطقية او طائفية، حتى نضمن ان تكون ارضية لأن يتم اعتبار هذه اللجنة ممثلة حقيقية لعموم شعبنا. هذا المجلس العام هو المخول في انتخاب لجنة متابعة مقلصة من 20-25 عضو، وبه ينتخب رئيس حقيقي، يقدم لأعضاء المؤتمر رؤيته وتقاريره حول نشاطه وخططه، حتى لا نستمر في فوضى لا نعرف اولها ولا اخرها.
طبعا النقاش هنا لا يتسع للتفصيل ولا لإيفاء المسألة حقها، لكنه بداية، اتمنى على المجتمعين يوم السبت أن يكون قرارهم البدء بهذا النقاش قبل أن نسلقها ونتحرر من مسئولياتنا، الفردية والجماعية على حد سواء، لأن المسألة هي الاكثر مفصلية في تطورنا السياسي والاجتماعي والوطني في هذه المرحلة وتستحق التحضير وتنفيذ اجراءات تعيد للجنة المتابعة دورها الوطني، بل ترفده بقوة وشرعية نستحقها كشعب، ويحضرها للعب دور تاريخي في التطورات لدينا، وفي الدولة وحتى على مستوى الشعب الفلسطيني خصوصا والمنطقة عموما.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net