د. جوني منصور: حيفا ساهمت في بناء حضارة الشعب العربي الفلسطيني

سليمان حلبي -
نُشر: 01/01 10:22,  حُتلن: 17:16

د. جوني منصور:

حيفا ليست مدينة عاديّة بل مدينة متميّزة ساهمت في بناء حضارة الشعب العربي الفلسطيني وغيره من شعوب المنطقة

حيفا ليست فقط التاريخ الماضي أو المنسي وحيفا هي حلم كل فلسطيني في التطلع نحو الحداثة والنمو والازدهار

لا فرق بين السياسة العامّة للحكومة وبين السياسة الخاصّة للبلديّات فالحكم المركزي والحكم المحلي وجهان لعملة واحدة اسمها مشروع الفصل العنصري

لزاما على الفلسطيني الدفاع عن وجوده وتاريخه امام مشروع استعماري تبنته الحركة الصهيونيّة والذي يسعى إلى تصفية الوجود الفلسطيني من خلال نفيه تاريخيًا وواقعيًا

 أجرى موقع العرب لقاءً خاصًّا مع المؤرّخ الدكتور جوني منصور، حول إصدار كتابه الجديد بعنوان "حيفا، الكلمة التي صارت مدينة"، وإليكم مجمل الحوار:


د. جوني منصور
 

موقع العرب: حدّثنا عن كتابك الجديد..

د. جوني منصور: كتابي موسوم بالعنوان التالي "حيفا، الكلمة التي صارت مدينة" والذي يتعرّض للتاريخ الاجتماعي – الثقافي للمدينة، كما ويتطرّق إلى جوانب كثيرة ذات صلة قويّة بتاريخ العمارة الفلسطينية التي شهدت نموًا وازدهارًا في حيفا في فترتي العثمانيّة والانتداب. حيفا كمدينة كوسموبوليتية وفقت في استيعاب نماذج عدّة من الفنون المعمارية، لذلك تجد فيها فنونًا تميّز منطقة معينة في فلسطين، وإلى جانبها فنون لمنطقة أخرى. لكن كلها تتموسق مع الروح الحياتية الفلسطينية.


موقع العرب: ماذا يعني إدخال بعض الصور إلى الكتاب؟

د. جوني منصور: الكتاب مبني في مجمله على مجموعات من الصور الفوتوغرافية، منها ما هو منتشر عبر شبكات الانترنت أو في كتب تتعرض لتاريخ وواقع المدينة، ولكن معظم الصور المعروضة أخذتها من ألبومات العائلات الحيفاوية المقيمة في المدينة والتي لا تزال تحتفظ بها بكل عناية ومحبّة، لأنّها، أي هذه الألبومات هي شاهد قويّ على الوجود الفلسطيني في هذه المدينة. ممّا لا شك فيه أنّ هذه الصور جاءت لتثبت وجود الشعب الفلسطيني، وأن له حضارة وتاريخ، وله مساهمات قويّة وفاعلة على أرض الواقع. وإذا كان الفلسطينيون بحاجة إلى أدلة ليثبتوا للعالم أنّهم كانوا هنا ولا يزالون، فهذا الكتاب يضاف إلى مجموعة كبيرة من الادلة التي يحتاجها الفلسطيني رغمًا عنه، وأقول رغما عنه، لأنّه بات لزاما عليه الدفاع عن وجوده وتاريخه امام مشروع استعماري تبنته الحركة الصهيونيّة والذي يسعى إلى تصفية الوجود الفلسطيني من خلال نفيه تاريخيًا وواقعيًا. وهذه الصور تؤكّد على وجود الشعب الفلسطيني في هذه المدينة، وطبعًا في غيرها من مدن فلسطين.


موقع العرب: إلى من يتكلم الدكتور جوني منصور في كتابه، لعرب الداخل أم للشعب الفلسطيني أم للشعب الاسرائيلي عامّة؟

د. جوني منصور: الكتاب موجه إلى أبناء حيفا بالأساس ليتعرفوا على تاريخهم وحضارتهم. وموجه أيضًا إلى أبناء الشعب العربي الفلسطيني ليعرفوا تاريخ إحدى أهم وأبرز مدن وطنهم، وهو موجّه إلى كلّ عربي في كل مكان ليعرف أنّ حيفا ليست مدينة عاديّة، بل مدينة متميّزة ساهمت في بناء حضارة الشعب العربي الفلسطيني وغيره من شعوب المنطقة. ويمكن أيضًا تبني الكتاب في إطار المعرفة العامّة التي يهتم بها كثيرون من القراء. لكن الحاجة ماسّة إلى كل ما يمكن أن يعزز الوجود الفلسطيني في الوطن وخارجه.

موقع العرب: هل يهدف جوني منصور من خلال كتابه الى تقوية الذاكرة الجماعيّة وعدم نسيان حيفا التي كادت أن تنسى؟

د. جوني منصور:
لا شك في أنّ الكتاب هو عبارة عن مشروع ذاكرة. والذاكرة الفلسطينيّة هي مركّب أساسيّ في الوجود والسعي إلى تحقيق حلم العودة. وحلم العودة هو أمر مركزي في منظومة حل القضيّة الصراعيّة في المنطقة. ولهذا فالذاكرة بحاجة ماسّة إلى ما يعزّزها ويقوّيها. والذاكرة تحتاج إلى تنشيط وتفعيل يومي وفي كل لحظة لتبقى شعلة متّقدة ومنيرة في دروب الشعب الفلسطيني المتمسك بحقوقه المشروعة. وبناء عليه فالذاكرة من خلال الصور الفوتوغرافيّة تسعى إلى أن تقول كلمة واحدة أننا هنا.

موقع العرب: كتابك الجديد هو فتح باب جديد لدراسة الانسان والمكان ماذا تقصد؟

د. جوني منصور: لا أريد أن اقول إنّه يفتح بابًا جديدًا بقدر ما أنّه يضع الاصبع على الجرح. الجرح الفلسطيني لا يزال مفتوحًا ولا يمكن التغاضي عنه. ومن هذا المنطلق أرى أنّ المساهمة في كتابة التاريخ المكاني من خلال صور العائلات والناس الذين عاشوا في حيفا وغيرها من مدن فلسطين فيه ما يكفي لفتح باب الحقائق التاريخيّة على وجود الشعب الفلسطيني في مواجهة الدعاية الصهيونيّة التي تنفي هذا الوجود، وتميل – أي الدعاية الصهيونيّة – إلى اعتبار الفلسطيني غائبًا وغير حاضر. التاريخ الاجتماعي من خلال الصور هو فتح باب لطالما سعى المؤرخون الصيونيّون إلى إنكاره ورفضه ونفيه. فهذا الكتاب هو دليل قاطع على الوجود التاريخي الفلسطيني.

موقع العرب: ارتبط اسم جوني منصور بمدينة حيفا وتاريخها. إلى أيّ مدى تحبّ هذه المدينة؟

د. جوني منصور: أنا ابن هذه المدينة وهذا الوطن. ولدت فيها وتنسمت هواءها وعشت ولا ازال أعيش أجواءها وتفاصيلها. عشقي للمدينة نابع من الحكايات الكثيرة التي استمعت إليها من والدي وأعمامي والعائلة والأصدقاء الذين عاشوا فيها أحلى أيّام حياتهم، وانتزعتها شوكة الصهيونيّة ووضعت حدًّا لأحلامهم وتطلعاتهم ومستقبلهم. وحيفا، ليست فقط التاريخ الماضي أو المنسي، حيفا هي حلم كل فلسطيني في التطلع نحو الحداثة والنمو والازدهار. ورأيت منذ ثلاثة عقود أن آخذ على عاتقي إبراز تاريخ ههذه المدينة لأقول مقولة واحدة لأهلها القاطنين فيها، إنّها مدينتكم ويعزّ عليها أن تعرفوها وتحافظوا عليها وتحيوا تاريخها، لأنّ تاريخها لم يبدأ مع إقامة مشروع دولة اسرائيل، إنّها موجودة منذ 250 عامًا. أي أنّ حيفا وهي أصغر مدن فلسطين عمرًا موجودة قبل أوّل مدينة اقامها المشروع الصهيوني – تل أبيب. مدينتي عزيزة علي فلا يمكنني أن أعيش فيها دون أن اعرف ماضيها، وأحافظ على حاضرها العربي منعًا لزواله.

موقع العرب: ما الذي تغيّر في معالم مدينة حيفا وهل تعتقد أن هنالك من خطط وعمل على ذلك؟

د. جوني منصور: معالم حيفا قد تغيّرت وتبدّلت عبر العقود السبعة الماضية، منذ وقوعها تحت الاحتلال الاسرائيلي فآلة الصهيونيّة سعت إلى تغيير ملامحها ومعالمها من خلال مسلسل من التغييرات شمل تغيير الاسماء إلى العبرانيّة والصهيونيّة والتوراتيّة، وإلى هدم معالم بارزة من المعالم والمواقع العربيّة التي أقامها وشيّدها أصحاب المدينة وسكّانها الأصليّين عبر الأزمان، وتغيير اتجاهات المدينة. المشروع الصهيوني جعلها من الغرب إلى الشرق ليقول مقولته إنّ الحضارة تأتي من الغرب وليس من الشرق. فمن الواضح أنّ المشروع الصهيوني سعى إلى تعديل المشروع الوطني الفلسطيني في تطوير حيفا وإنمائها. ولا تزال بلديّة حيفا تعمل على طمس المعالم العربيّة وإخفائها في حيفا والجوار، وإبراز الشكل الاسرائيلي واليهودي للمدينة، مع تصريح هذه البلديّة أنّها تعمل على الحفاظ على ما تسميه زورًا وبهتانًا التعايش العربي-اليهودي. فالتعايش بالنسبة للبلديّة والمؤسّسة الرسميّة الحاكمة أي الحكومة هو للدعاية والترويج. الترويج للمشروع الصهيوني بأنّه منفتح وغير منغلق، وأنّه يستطيع أن يتعايش مع السكّان الأصليّين أي العرب.

موقع العرب: هل تلقيت ردود فعل وتقييم تتعلق بالكتاب من جهات فلسطينيّة وأكاديميّة وماذا كان موقفهم؟

د. جوني منصور: إلى الآن تلقيت ردود فعل متعدّدة من جهات أكاديميّة فلسطينيّة في الداخل والتي اطلعت على الكتاب، وكلّها مشجعة وترى فيه مبادرة مميّزة لفتح الباب على مشاريع دراسيّة وكتب من نفس المنوال والمستوى لمدن فلسطينيّة أخرى كيافا وعكا والرملة واللد وصفد وطبريا وبيسان وبئر السبع وغيرها. الواقع هو أنّنا لسنا بحاجة إلى جمع صور وترتيبها في صفحات، بقدر ما نحن بحاجة إلى أن نجعل هذه الصور تنطق بترايخها وتاريخ المدن وسكّانها وتقول إنّ هنا كان شعب، ولا يزال هذا الشعب يعمل من أجل استعادة حقوقه في أرضه.

موقع العرب: لماذا ابتعدت عن التجمع؟

د. جوني منصور: رغم أنّ السؤال يخرج عن سياق موضوع الكتاب، إلا أنّني لا ارغب في التعرب منه مطلقًا. أنا لم ابتعد عن العمل السياسي مطلقًا، فالسياسة جزء من تفكيري ونشاطي، إلى جانب أنشطة أخرى، إلا أنّني رغبت في أن أكون متحررًا من قيود وتوجهات لا تندرج ضمن توجهاتي. واعتقدت للوهلة الأولى أنّ إطارًا سياسيًا سيساهم في تنمية وتطوير أطر عمليّة أكثر، إلا أنّني أعتبر مشاركاتي أوسع منها.

موقع العرب: ما هو رأيك بالقائمة المشتركة، هل هي وحدة حقيقيّه أم وحدة على الورق؟

د. جوني منصور: تجربة جديدة، ولماذا لا نقوم بتطويرها وتنميتها، لأنّ شعبنا مل ويئس من المناكفات والجدالات المقيتة بين الأحزاب. وظروفنا تحتم سيرنا ككتلة واحدة مع الحفاظ على خصوصيّة كل حزب أو قائمة سياسيّة فيها. أنا شخصيًا أرفض رفضًا قاطعًا التشكيك في مبادرة كهذه، التي امتدحت من جهات كثيرة بما فيها خارجيّة. لنترك الزمن يقول قوله.

موقع العرب: هل تعتبر يونا ياهڤ رئيسًا لجميع مواطني حيفا؟

د. جوني منصور: يجب أن يكون هكذا بعد الانتخابات، فهو رئيس بلديّة منتخب، وعليه أن يتعامل مع جميع المواطنين حتى الذين لم يصوّتوا له. فالتصويت في الانتخابات ليوم واحد، ورئيس البلديّة لفترة خمس سنوات. أعتقد أنّ أي رئيس بلديّة في المدن التي تسمى مختلطة هو جزء من منظومة الحكومة الاسرائيليّة، ويعمل على إبقاء العرب مواطني مدينته في احياء منفردة ومنفصلة. هذه السياسة هي التي تميّز المشروع الصهيوني في توطيد فكر الفصل العنصري. أنظر إلى الأحياء العربيّة في حيفا ويافا واللد والرملة وغيرها... هي نفسها التي عمّرها وعاش فيها العرب من قبل العام 1948. وهل بادرت أيّ بلديّة في أيّ مدينة مختلطة إلى تجهيز مساحة من الأرض لإقامة حي عربي؟ كل ما تسعى إليه هذه البلديّات هو تأييد الوجود العربي الفلسطيني في المدن المختلطة ضمن احياء منفصلة. فلا فرق بين السياسة العامّة للحكومة وبين السياسة الخاصّة للبلديّات. فالحكم المركزي والحكم المحلي وجهان لعملة واحدة اسمها مشروع الفصل العنصري.

موقع العرب: لماذا لا توجد قوّة للتمثيل العربي في بلديّة حيفا؟

د. جوني منصور: أنا شخصيًا لا أوافقك الرأي في هذا الميدان. فالعرب مواطنو مدينة حيفا هم على درجة عالية من الوعي والادراك لحال مدينتهم، ولديهم ثلاثة ممثلين في المجلس البلدي. وممثلوه يطرحون قضاياه بشكل مقبول نسبيًا. لكن القوّة التي يتمتّع بها هؤلاء لا تقتصر على انتخابهم يوم الانتخابات إنّما بما يحصلون عليه من دعم مستمر من مواطنيهم في المدينة. ما نحتاج إليه في حيفا وسواها من المدن المختلطة هو إشعال نار الاهتمام بالقضايا الحياتيّة الملحّة من طرف الجمهور، أي جعل الجمهور متفاعل مع قضاياه وأن يعتبرها حاجة ضروريّة، وألا يتركها لقرارات رئيس البلديّة وزمرته. يجب الحفاظ على اليقظة في كل ما يجري في المدينة، وعدم اللجوء إلى الصمت في قضايا مصيريّة لأنّنا سنقع في مربع الندم مستقبلا على ما فاتنا من التأثير عليه وفيه.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.70
USD
3.86
EUR
4.64
GBP
363347.40
BTC
0.51
CNY