في وصف الهامِش (18): كرنفال النََكبة /بقلم: محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 01/01 18:15,  حُتلن: 09:35

محمد كناعنة في مقاله:

هناك حاجة ماسة دائمًا لتفعيل العقل النقدي لدى الشباب بالتحديد وعند كل من هو مهتم وضليع في مسيرة العمل الحزبي بالتحديد واتلعمل الوطني عمومًا

تشهد ساحة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده كرنفالات من الإحتفال بذكرى النكبة ونتصور مع النكبة كجزء من نشاطنا الوطني المقاوم

ترى الشباب اليَوم يهربون من مسؤولياتهم السياسية الوطنية تجاه وطنهم أولاً وحزبهم المفترض أنهُ ثَوري ووطني ومقاتل، مقاتل في سبيل مَن؟ في سبيل الزعيم والرئيس والأمين العام والأخ والأمير والمُرشد

شخصيًا لا أعتقِد بأنَّ النكبة بدأت وإنتَهَت في العام 1948 هي قبلَ ذلك بكثير وكذا هي ما زالَت مستمرة حتى اللحظة مستمرة في عقليات التجزئة الحزبية والذاتية والطائفية والمناطقية

لم يكن بإمكاننا أن نتقَبَّل نقدنا لبعضنا البعض فكيفَ لنا أن نتجاوز آثار النكبة ما دام الصراع الشخصي أو شخصنة الخلافات هي المحدِّد للإنتماء الشبابي وكيفَ لنا أن نبني وعيًا ثَوريًا يتجاوز حدود النكبة ليقتلعها بدلَ من أن يقتلعَ وعينا

فلسطين لم تسقُط عام 1948 ولم تنتهي معركتها عندَ ذلكَ التاريخ 15 أيار بل منذُ ذلكَ اليَوم وهي تتهاوى أمامَ أعيُننا ونحنُ نَهوّي بها يَومًا بعدَ يَوم فلسطين ستبقى تتَهاوى ما دُمنا في الوطَن قَيسٌ وَيَمَن وما دُمنا سنة وشيعة ونصارى ومسلمين

[خلافاً لمن رأى بأن معركة فلسطين قد حسمت خلال أيام في ربيع عام 1948، أكد ياسين الحافظ أن فلسطين " لم تسقط في أيام، كما لم تسقط في شهور، بل إنها كانت تسقط كل يوم كسرة بعد كسرة وحجراً بعد حجر، منذ صدور وعد بلفور وحتى إعلان دولة إسرائيل " وحتى اللحظة الراهنة].. عن الكاتب والمفكر غازي الصوراني

عندما يكون ولاءنا الأول للوطن حينها يغدو الوطن أجمل ويَستَحقُ أن نَموتَ من أجله، يومها حَتمًا سننتصِرُ على معاني النكبة الراسخة فينا.
بعد سبعَة وستون عامًا على نكبه ال 48 وثمانية وأربعون عاما على نكسة ال 67 ما زال هناك متّسعٌ لدخول كتاب غينيس للأرقام القياسية، فبعد أكبر صحن حمص وأكبر صحن تبولة وأطول دبكة قد يأتي دور اكثر القيادات خيانة للفكرة عبر التاريخ، بعد كل هذه السنين الطويلة والمعاناة وأسمى آيات الصمود والصبر والمقاومة ما زالت النكبة تعشعش في نفوس وعقلية ورؤوس قادة ما يسمى بالعمل الوطني، وهنا أنا لا أتحدث عن قيادة التنسيق الأمني المقدس، فهؤلاء عليهم السلام ينخرطون في عمق خيانة المشروع الوطني.

هناك حاجة ماسة دائمًا لتفعيل العقل النقدي لدى الشباب بالتحديد وعند كل من هو مهتم وضليع في مسيرة العمل الحزبي بالتحديد واتلعمل الوطني عمومًا، تشهد ساحة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده كرنفالات من الإحتفال بذكرى النكبة، ونتصور مع النكبة كجزء من نشاطنا الوطني المقاوم، وأصبحَ البوستر الأجمل هو الأشد مقاومة والأكثَر ثورية حتى لو كانَ مُمَولاً من جمعيات صهيو أمريكية أو بريطانية ما دامَت هذه الجهات تحصل على تقاريرها الدورية وتحصد النتائج من "فَولَذة" لناشطي الأنجزة وناشطاتها على قارعة التمويل الأوروصهيوقطرامريكي، وهذا الكلام ليسَ هجومًا على أحد فهنا لا أستثني أحد، وفي ظل هذا الغياب أو بالأصَح التغييب للوعي النقدي لا بُد من إنتشار ثقافة الإستهلاك الفكري والسياسي حتى بات الزعيم هو الرب الأعلى لدى البعض وإن كان فاسدًا أو متذللاً أو سمسارًا أو من رَبعِ الدولار،، ترى الشباب اليَوم يهربون من مسؤولياتهم السياسية الوطنية تجاه وطنهم أولاً وحزبهم المفترض أنهُ ثَوري ووطني ومقاتل، مقاتل في سبيل مَن؟ في سبيل الزعيم والرئيس والأمين العام والأخ والأمير والمُرشد، وأما كل الحديث عن حراكات شبابية أو شعبية أو ما شئتم من الأسماء فتبقى في خانة الهروب ما دامَت لم تنتقل من مرحلة التهجين إلى مرحلة خلق الوعي، من نهج الإمتثال السلبي إلى المبادرة الخلاقة، من الهروب الذاتي إلى الوعي النقدي المواجِه، مُواجَهَة عقلية ما زالَت تختَصر فلسطين في شخصها وذاتها.

شخصيًا لا أعتقِد بأنَّ النكبة بدأت وإنتَهَت في العام 1948 هي قبلَ ذلك بكثير وكذا هي ما زالَت مستمرة حتى اللحظة، مستمرة في عقليات التجزئة الحزبية والذاتية والطائفية والمناطقية، إذا لم يكن بإمكاننا أن نتقَبَّل نقدنا لبعضنا البعض فكيفَ لنا أن نتجاوز آثار النكبة، ما دام الصراع الشخصي أو شخصنة الخلافات هي المحدِّد للإنتماء الشبابي فكيفَ لنا أن نبني وعيًا ثَوريًا يتجاوز حدود النكبة ليقتلعها بدلَ من أن يقتلعَ وعينا، ما دامَ نهج تغطية العَورات السياسية والمسلكية هو نهجنا فلن نستطيع تجاوز النكبة، وجل ما نفعلهُ اليوم في حرب تثبيت الذات هو إحياء الذكرى لتبقى في أذهاننا حتى نستطيع أن نبقى نحنُ على رأس الإحتفال.
هذه ليسَت نظرة تشاؤميّة أو سَوداويّة في رؤية ما يجري من حولنا وبداخلنا، قد يكون صعبًا على البعض قراءة مثلَ هذا الرأي وهذه الرؤية ولكنَّني أسمعُ عنها يوميًا وأقرأها في مسارِ شعبنا وأحياها على مدار اللحظة والجُرءة هنا أو الجنون إذا شئتُم، ليسَ في رمي الحجر في البئر وإنَما في الإشارة إلى البئر والتنبيه من الهاوية السحيقة التي يقودنا بعض ممَّن يحملون هذا الفيروس في عقولهم، التحذير هو الواجب الأول.

ففلسطين لم تسقُط عام 1948 ولم تنتهي معركتها عندَ ذلكَ التاريخ، 15 أيار، بل منذُ ذلكَ اليَوم وهي تتهاوى أمامَ أعيُننا ونحنُ نَهوّي بها يَومًا بعدَ يَوم، فلسطين ستبقى تتَهاوى ما دُمنا في الوطَن قَيسٌ وَيَمَن، وما دُمنا سنة وشيعة، ونصارى ومسلمين، فلسطين ستبقى تتهاوى ما دامَ أنا القائِدُ أهَمّ من الحزب وما دام الحزبَ فَوقَ الوَطَن.
هي النكبة نُحيّيها وهي بداخلنا تَحيا.

* محمد كناعنة أبو أسعَد- عضو الأمانة العامة لحركة أبناء البلد
أيار 2015

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة