تحصين الأردن أولاً/ بقلم: سميح خلف

كل العرب
نُشر: 01/01 14:08,  حُتلن: 07:53

سميح خلف في مقاله:

هناك مهام يجب على الأردنيين قيادة وشعباً إتخاذها في رص الصف الداخلي والمحافظة على وحدة أراضيه وحدوده والإنتباه لدعائم القوة وصقلها في الداخل الأردني

الأردن تعاملت بحذر شديد وبحسابات دقيقة بما يمليه وضعها الإقليمي والعربي في توازن دقيق بين حاجياتها الداخلية وحاجة مواطنيها وأمنها القومي والإقليمي

نأمل من القيادة الأردنية ونحن نثق بقدراتها وقدرتها وتعقلها على استدراك المخاطر من ردات الفعل التي نسمعها ونقرأها فوحدة الأردن وشعبها ووحدة قبائله هو في التفهم العميق لما تريد أن تنصبه داعش لتفتت الأردن

ثمة ما يقال بعد جريمة حرق الطيار الملازم أول معاذ الكساسبة من قبل داعش وخاصة في البعد السيكولوجي والتعبوي الذي رافق هذه الجريمة البشعة، بلا شك أن هذه الجريمة ببشاعتها وإتقانها الفني والإخراجي لم يأتِ عشوائياً أو دون أهداف بل لهذا التنظيم ما لديه من الكفاءات العالية العسكرية والفنية والدراسات السيكولوجية التي جعلته يعد هذا السيناريو بشكله البشع الذي يتنافى إعتيادياً وسلوكيا مع كل المفاهيم الدينية والإنسانية، ولكن لماذا فعل تنظيم داعش هذه الفعلة التي لم ترد إلا في قاموس حروب العصور الوسطى وما رافقها من غجريات التنفيذ وعنف حيواني ينفي أي تطور بيئي أو طبيعي للإنسانية.

الأردن الآن ليست هي الاردن ما قبل تلك الجريمة. لقد تعاملت الأردن بحذر شديد وبحسابات دقيقة بما يمليه وضعها الإقليمي والعربي في توازن دقيق بين حاجياتها الداخلية وحاجة مواطنيها وأمنها القومي والإقليمي، لقد تعاملت الأردن مع المتغير الإقليمي بهذه الدقة المتناهية وبمنسوب أقل ما يمكن أو مطموع به من قبل أميركا ودول التحالف التي تضم خمسين دولة في مقاومتها لنشاطات داعش في أرض الرافدين وفي سوريا.

هناك كثير من الكلام يمكن أن يقال فنياً وتكنولوجياً وعسكرياً عن كيفية سقوط هذه الطائرة ولماذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة وخاصة أن دول التحالف تمتلك التكنولوجيا العالية في الرصد والملاحظة والتغطية في الظروف الحرجة، ولكن ما حدث قد حدث والآن أصبح الأردن أمام خيارات صعبة وليست سهلة في التعامل مع ما بعد الحدث.

الأردن كما أفهمها وأعرفها بلد الدستور والقانون والبلد الذي تربطه علاقات القوة والتآزر في وقت الشدة، الأردن الذي ترتسم وتصقله وتصقل بنيته البنية العربية العميقة بشهامتها وعنفوانها وكبريائها، هذا هو الأردن الذي تجمع في بوتقة واحدة ليستقبل آلام الجريمة البشعة متآزراً ومشاركاً قبيلة الطيار ومتآزراً مع ملكه وقيادته في مواجهة هذا التحدي الذي فرضته داعش على الأردن، ربما كانت داعش تريد هذا الموقف من ردات الفعل التي قد استفزت الأردنيين بل استفزت كل العرب والعالم لكي يتغوط كثيرا في مواجهتها في الصحراء، وهذا أعتقد من أحد المطالب الهامة لداعش، فهناك من المهم أمام الأردن من مهام أكثر من ردات الفعل والتوسع بقوات برية أو إنتشاراً في داخل الأراضي المسيطر عليها من قبل داعش كما أوضح الملك عبد الله الثاني، سيحاربهم في عقر دارهم، ربما هذا التوريط غير محسوب للأردن والقوات المسلحة الأردنية والشعب الأردني وهذا ما تخطط له أميركا لجر الأردن وتنفيذ سيناريو لم يعد خافيا على أحد من فوضى ما يسمى الربيع العربي وخريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، ربما الأردن مخطط له أن يقع ضحية لهذه البرامج المشبوهة التي خلقت داعش ثم حاربت داعش، بل في ظل إستراتيجيات لتقسيم المنطقة جغرافيا وسياسيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في تقاسم جديد للمنطقة.

لقد طلب الأردن تقنيات عالية ومساعدات ليزج بقواته في حرب قالت عنها أميركا أنها لخمسين عاماً قادمة!!.. هل نفهم ماذا تقول أميركا وماذا تريد من المنطقة؟ وهل نفهم أن أميركا تحفظت على طلب الأردن لتزويدها بالأسلحة الجديدة بدلا من القديمة وعندما قالت أن حربها مع داعش أيدولوجية أكثر منها عسكرية! ربما نتفق أن مقومات المواجهة مع التطرف لها جانب أيدولوجي ولكن هناك جانب من التحصينات إن أراد هؤلاء خيرا لوحدة الأردن وشعبها وأراضيها، ولكي لا يتعرض الأردن لما يدور في العراق وسوريا وليبيا واليمن.

هناك مهام يجب على الأردنيين قيادة وشعباً إتخاذها في رص الصف الداخلي والمحافظة على وحدة أراضيه وحدوده والإنتباه لدعائم القوة وصقلها في الداخل الأردني أفضل بكثير من ردات الفعل التي تشفي الغل عاطفياً وشعبياً ولو كانت آلامها وانعكاساتها سلبية وسلبياتها كثيرة على الوضع الداخلي والجغرافيا السياسية للأردن.

نأمل من القيادة الأردنية ونحن نثق بقدراتها وقدرتها وتعقلها على استدراك المخاطر من ردات الفعل التي نسمعها ونقرأها، فوحدة الأردن وشعبها ووحدة قبائله هو في التفهم العميق لما تريد أن تنصبه داعش لتفتت الأردن ولتفتت قبائله مقدمة لإختراقات كبرى على أراضيه، نهاية حفظ الله الأردن وحفظ جيشة وقواته المسلحة وشعبه والله الحافظ، "وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة