وديع عواودة في مقاله:
العنصرية في إسرائيل اليوم سافرة وقاسية ومقوننة بل تيار مركزي خطير على الحقوق والوجود منذ هبة القدس والأقصى عام 2000 استبدلت إسرائيل سياسة الاحتواء بالاستعداء بتعاملها مع أقلية قومية أصلية ترى بها تهديدا على جوهرها وطابعها
لا شك أن القائمة المشتركة (لا العربية الموحدة) مهمة بحد ذاتها من ناحية تنجيع الأداة البرلمانية وتفوت الفرصة على اليمين لحصد مكاسب لكن أهميتها تتعدى ذلك بكثير فهي تعزيز معنوي للمجتمع العربي ودفعة لفتح أفق جديد وتنظيمه وبنائه وحمايته من نفسه ومن الآخر الإسرائيلي
مع الوعي الكامل لمحدودية ، دور ومنافع التمثيل العربي في الكنيست لا بد منه كرافد برلماني أدواتي على الأقل بموازاة الميداني والسياسي المحلي والدولي. الصهيونية ولدت وترعرعت وتحققت على فكرة عنصرية بإقامة شعب على حساب شعب آخر. لكن ما يجري اليوم وأخطر فإسرائيل 2014 مختلفة عن الماضي بعدما باتت أكثر تطرفا دينيا وسياسيا لا سيما بعد هجرة المليون روسي وتغيير مناهج التعليم عقب انقلاب الليكود في 1977 وغيرها من العوامل. إسرائيل تغيّرت والمجتمع العربي فيها قد تغيّر أيضا. مقارنة مع الفترة التالية للنكبة يوم تركنا كالأيتام على طاولة اللئام " الذين هرب منهم العالم العربي كأم هاربة تركت رضيعها بالسرير، زدنا كما وكيفا . وهذا أحد أسباب تفاقم العنصرية بسبب مخاوف ديموغرافية وسياسية تتعلق بعمق هويتنا الوطنية إضافة لمنافسة على الموارد.
الاحتواء والاستعداء
العنصرية في إسرائيل اليوم سافرة وقاسية ومقوننة بل تيار مركزي خطير على الحقوق والوجود . منذ هبة القدس والأقصى عام 2000 استبدلت إسرائيل سياسة الاحتواء بالاستعداء بتعاملها مع أقلية قومية أصلية ترى بها تهديدا على جوهرها وطابعها .
برز ذلك بوضوح بالمطلب الهستيري بالاعتراف بإسرائيل دولة للقومية اليهودية منذ ولاية إيهود أولمرت وتسيبي ليفني(2005-2009). الاستعداء الهادف لإخضاع المجتمع العربي تفاقم مع عودة الليكود بالكنيست الثامنة عشر (2009) وتشريع نحو 50 قانونا غير ديموقراطي وعنصري.
الداخل والخارج
وكشفت الحرب على غزة أن الشارع يتناغم مع السياسات العنصرية بالاعتداءات اللفظية والجسدية وقمع الحق بالاحتجاج وملاحقة القيادات. كذلك على المستوى الداخلي تعرض المجتمع العربي بالعقد الأخير لتهديدات أخطر – من العنف حتى الطائفية وقائمة برلمانية مشتركة نقطة انطلاق معنوية جديدة.
سلم الأولويات
يقتضي السير في طريق البناء وزيادة المناعة الذاتية للمجتمع إعادة تنظيمه بقلب سلم الأولويات لصالح الجبهة الداخلية والعمل الجماعي والإعلامي والاهتمام أكثر بالميداني وبالخطاب المدني الحقوقي المحلي والدولي. كما تحتاج النقلة النوعية لكف القيادات عن وضع الحزب فوق الوطن والزعيم فوقهما معا .
يدلل استطلاع " مدى الكرمل " الأخير أن المجتمع العربي يعي ما ذكر ويبعث رسالة احتجاج على " عبادة الأوثان " الحزبية والشخصية بالسياسة العربية وعلى تكلس أدواتنا وإصابة خطابنا بتصلب شرايين.
أفق جديد
المجتمع متعطش للإفلات من الأداءات الشعبوية ومن خطاب المحّقين والبحث عن أدوات أكثر ناجعة للاختراق وتسلق الجدران وإن كانت عالية وملساء ويبدي شغفا بالتجدد. لا شك أن القائمة المشتركة (لا العربية الموحدة) مهمة بحد ذاتها من ناحية تنجيع الأداة البرلمانية وتفوت الفرصة على اليمين لحصد مكاسب. لكن أهميتها تتعدى ذلك بكثير فهي تعزيز معنوي للمجتمع العربي ودفعة لفتح أفق جديد وتنظيمه وبنائه وحمايته من نفسه ومن الآخر الإسرائيلي. فلتتفق كافة الأحزاب العربية خاصة التجمع على ترشيح شخصية يهودية مناهضة للصهيونية في " القائمة المشتركة " إضافة لمرشح الجبهة. من شأن هذه القائمة أن تضع المجتمع الإسرائيلي نظاما ومواطنين أمام تحد حقيقي وتكون ردا إستراتيجيا على ما واجهناه وسنواجهه وربما مفيدة انتخابيا، ولذا هي تستحق تنازلات من قبل الأحزاب ودعما جارفا منا.
عن حيوية التمثيل البرلماني (مقابل المقاطعة) للعرب فرادى وجماعة،حقوقهم الفردية والسياسية ، أهمية القائمة المشتركة، مخاطر تحول " القائمة العربية " لفزاعة ولكيد مرتد نتيجة حساسية سياسية ومؤثرات نفسية أو لمنديل أحمر يثير الثور الإسرائيلي الهائج أصلا يعزز قوة اليمين، وعن الوجوه الشبابية والنساء، لقاء مصالح رؤسائها وغيره يتبع.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.net