الوًّحل:حالة تطيين وطلاء الواقع العربي المُر/د.شكري الهزَّيل

كل العرب
نُشر: 01/01 14:11,  حُتلن: 08:02

د.شكري الهزَّيل في مقاله:

حدثني والدي المرحوم يوم من الأيام وفي بعيد الزمان بأنه قد زار عكا قبل النكبه وزارها بعد النكبه فوجدها "مسخوطه" لا بل أنه وجد كامل الوطن "مسخوط" 

يتساءل المرء حول سر الثورية العربية وعلاقتها بتشديد الحصار على قطاع غزة وتجويع الناس و"تهشيش" عظام الأطفال وإغراق غزة في الظلام وإغلاق معبر رفح وتدمير الانفاق

الحلم بالحرية والعدالة حلم جميل ويستحق الكد والنضال والتضحية والإصرار على تحقيق هذا الحلم الرائع المقرون والمقترن بفهم معنى وفحوى ومدى إحترام الحرية وحقوق الإنسان وحقوق أيضا ما يدور في فلك حياة هذا الإنسان من مخلوقات وخصوصيات، لكن أن يتحول الحلم إلى كابوس غارق في الدم فهذا هو العكس المعكوس والمقلوب على عقب، حين يصبح مطلب الحرية ند لطاغية متجبر يواجهة بالقمع والذبح والقتل والدمار وزرع الخراب في كل مكان وبيت وحارة وشارع ومدينة وبلدة على طول وعرض الوطن وما بعد بعد الوطن حيث الشتات واللجوء القسري الملاييني التي تفرضه أدوات البطش على البشر.. سائرون.. مارون.. هاربون.. ملبطون في وحل المخيم.. جوعى.. عراه.. حفاة.. ملايين من البشر كلهم مآسي وشجون وما زال البعض من بيننا يجادل في عدالة كيس تملأه الثقوب.. عدالة غربلة الشعوب.. عدالة ساحَّت وتبخرت على جفون قرص الشمس... وما زال من هم من بيننا يتأبطون محضر الكذب ويدافعون عن حق الطغاة في الدفاع عن الوطن!.. يحاكوننا بمحاكاة الذين لا يرون مآسي الملايين ولا يسمعون أنين الأطفال والنساء الذين شردهم الطغاة ومثقفي ثقافة الهمجية والعدمية.. شعب كامل يهيم على وجهه هربا من الطاغية والهمجية.. هائم على وجهه من زعتري الأردن وحتى نواكشوط موريتانيا..معقول..؟؟

نعم هذا هو المعقول المقلوب في عالمنا العربي وهو: أن يُشرد طاغية كامل الشعب ويدمر البلاد والعباد بيتا بيتا ويطرح إسمه مجددا في مزاد الإنتخابات.. إسمه لا يعني بالضرورة واحدا وحيدا لا بل إنها أسماء ومسميات كثيرة من بلاد الرافدين وبلاد الشام ومرورا بالجزيرة العربية وحتى بلاد الكنانة وما بعد بعد الكنانة عمقا في القارات والمحيطات.. من المحيط وإلى ما بعد بعد الخليج... طغاة يعيثون في الأرض فسادا وخرابا ودمارا لا يتركون الغزال تعدو في رحاب الحرية ولا الصقر يحوم في رحاب الأفق... حاصروا الأرض وأغلقوا الأفق.. المعابر المفتوحة أما نحو التشرد والتيه أو إلى داخل مربع الموت حيث المقابر المفتوحة على مصراعيها.. هل تدرون أن الأزدهار والمد الشاسع قد طال فقط المقابر في بلاد الرافدين والشام وبلاد الأرز وبلاد العرب.. مقابر الإنعتاق من مسؤولية الحياة.. عندما تصبح نصف مساحة الوطن مقابر تتوسطها قصور الرئيس وحاشيته..وسادة تتوسد الموت!!

حدثني والدي المرحوم يوم من الأيام وفي بعيد الزمان بأنه قد زار عكا قبل النكبه وزارها بعد النكبه فوجدها "مسخوطه" لابل أنه وجد كامل الوطن "مسخوط" في رحلة قصيرة أساسها تصريح قصير المدة منحة إياه ساخطوا عكا وكامل الوطن الفلسطيني.. هذا الجزء من الساخط والمسخوط يأخذ منحى آخر وأعظم ونحن نرى بلاد الشام المسخوطة وأحفاد أبناء وبنات عكا التي سخطهم الجوع في اليرموك بعد عقود طويلة من النكبة.. هذا الساخط والمسخوط في بلاد الرافدين المسخوطة وبلاد عمر المختار المحبوكة وبلاد الكنانة المشبوك صوفها بقرنها.. نكبات الساحق والمسحوق والساخط والمسخوط حين يصبح ثلثي الشعب لاجئين وثلثي الوطن مقابر.. عشرات ومئات الألوف من البشر القتلى والجرحى وملايين المشردين.. ليست خراف هؤلاء ولا قرابين حلل الله ذبحها فداء هذا الطاغيه أو ذاك.. هؤلاء بشر من لحم ودم كان حلمهم المشروع حرية وعيش كريم وإذ بالحلم يصبح مكفوف بكل هذه المخاطر من الموت وحتى التشرد والسبا والعبوديه والتكفين... حياة مكفنة وحلم يحمل كفنه على ظهره في زمن هجرت فيه الشهامة والنخوة هذه المعمورة جمعاء الواقفة والمتفرجة على هولاكو العربي وهو يفتك بشعبه... هولاكو الجزيرة العربيه يزاود بالإنسانيه على هولاكوات الشام والرافدين والكنانة.. عرس ماذا؟

عرس دم.. عرس بغل.. عرس سخط.. هذا العرس الذي نشارك فيه أو نتشارك ونتواصل معه من خلال الشاشات المفتوحة على الفضاء العربي..؟.. نخرج من زفة حلم الدم إلى واقع الخراب والدمار .. لم يعد هناك ما نخبئه، فإنسانيتنا من عدمها مفضوحه ومنشورة على كل حبال الدنيا!... اكذوبه مستعارة شأنها شأن أسطورة المؤامرة التي سترنا بها كذبا وجهلا ووهما عوراتنا الإنسانية والوطنية على مدى عقود من الزمن... هاهو هولاكو العربي يحطم اسطورة المؤامرة ليكشف كل عورات العرب..حاصر حصارك الطويل..يوم حاصرنا وجداننا ووجودنا في داخل جَّرة المؤامره وهاهي الجَّرَّه تُكسَّر على رؤوسنا.. فخار يكسر بعضه!.. هكذا يقول المتهمون بالمؤامره؟!!

طلاء مطلي لم يعد ينطلي على أحد ونحن اليوم لا نزيد الطين بله فقط لابل أننا نزيد الواقع العربي المر ببلات متدحرجة لا تعد ولا تحصى في بحر من الوَّحل والطين.. طين يجلله الدم العربي ويكلله صرح من الجماجم التي كادت تلاطم الأفق والطغاة يقفون فوق الجمجمة الأخيرة من برج الجماجم.. حلم الحاكم الطاغية بتشييد ناطحة سحاب من جماجم يجللها الوحل المجبول بالدم العربي.. حلم الحرية يناطح حلم ناطحة سحاب الجماجم.. متضادان لا يلتقيان ولا يستويان إلا بزوال أحدهما.. المرشحون للزوال يحلمون بالبقاء حتى لو كان ثمن هذا البقاء جماجم الشعب.. إنتخابات ديموقراطية الجماجم.. منطق طاغية ومشتقاته من طائفيين ومرتزقة.. الخ من القافله المعطله ذهنيا وإنسانيا!!

مهاترات ومزاودات يصبح فيها ملك ونظام حكم رجعي يحتضن أدوات ومقومات إحتلال وإضطهاد العالم العربي نصير لثورات أقل مايقال فيها إنها فوضوية وارتوازية ولا برنامج ولا طعم ولا رائحة لها.. رائحة الدم والدمار والخراب وفوضى مدمرة نطليها بطلاء الثورية ونعطيها صبغة الثورة التي تعتمد صداقة أنظمة رجعية خائنة وأنظمة امبريالية معادية بالأصل لحرية الشعوب العربية.. طَّين طينك وامضي الى المحطة القادمة.. قتل وذبح واعدامات ميدانية.. نظام ومعارضة وجهان لعملة واحدة وعن مفهوم "المقاومة" حدث بلا حرج.. صارت تقاوم من أجل بقاء النظام وسلطة الطائفة"! كل الأمور تسير بالمقلوب نحو التقدم العكسي.. دكتاتورية.. إضطهاد.. قمع... فقر.. أمية.. دمار.. خراب...خداع..تضليل....سلخنا الثورة من مفهومها وخلعنا حجاب قدسيتها من جذوره والقينا به في اتون الكذب والجهل الذي يريدنا ان نصدق ان النظام السعودي الرجعي نصير وصديق الثورات العربية.. المَجهر العربي لم يعد يرى الجبل ولا يرى ايضا ان النظام اليمني المتمخض عن خديعة الثورة اليمنية يتيح للطائرات الأمريكية بدون طيار بقتل اليمنيين الامنين والعزَّل؟؟

يتساءل المرء حول سر الثورية العربية وعلاقتها بتشديد الحصار على قطاع غزة وتجويع الناس و"تهشيش" عظام الأطفال وإغراق غزة في الظلام وإغلاق معبر رفح وتدمير الانفاق.. هل يشفي هذا غليل الثوريه الانقلابيه؟ وهل يشفي غرس المزيد من الغلال في اللحم الفلسطيني غليل الحاقدين على "الاخوانجية" وعلى غزة هاشم.. هل تبرر هذه الثورية العكسية التي تترك المرضى يموتون على معبر رفح مصداقية الهمجية ومنظريها على الطرف الآخر من الحدود؟...نفترض ونعتقد ما نشاء ونترك الآخرون يظنون ما يشاءوا!، لكن هل يظن هؤلاء الانقلابيون والعدميون ان احتضانهم لهذا الفلسطيني او ذاك الهلفوت من امثال كافيا لاقناعنا بمصداقية بماهم فاعلون بالشعب الفلسطيني في غزة؟..اللي إختشوا فعلا ماتوا والدليل بما يروَّج في اعلام "الانقلابيات" الفضائيات من اكاذيب.. اتركونا من قصة حماس وفتح ولا تستعملوها ارجوحه لتبرير حصار قطاع غزة...الغزيين جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والامتين العربية والاسلامية لابل هم جزء لا يتجزا من مصر وعملية تجويعهم بحجة تحالف حماس مع مرسي، عمليه اجرامية ووقحة ناهيك عن انها تشير الى همجية وقمعية هذا المنطق...ياحيف..هل هذه ثوره ام نظام حسني مبارك مُعدَّل؟؟

عود على بدء للساخط والمسخوط وتفاهة نظام سلطة اوسلو ومهاترات عباس ودحلان وثقافة الدكان ودفاتر الحساب المفتوحة بين ثلل فلسطينية اوسلويه اقل ما يقال فيها انها ساقطة وتافهة ومن العار ان تكون في الواجهة او تزعم انها تمثل الشعب الفلسطيني المناضل والعريق.. حكي "عجايز" ومهاترات واتهامات دونية المستوى تتطيح بهوية ومستوى الشعب الفلسطيني الى الحضيض..بالفعل تربية منافي وليس وطن.. جاءوا لفلسطين بنفسية المنفي وصاحب الدكان..من بينهم من جاء وسرق ما يكفي ومن ثم عاد طوعيا الى المنفى والاخرون صاروا اصحاب فيلل وفيلات ومراكب فارهه وبطاقة vip يتسكعون بها في شوارع ومتاجر تل ابيب...شووف وبُص: هؤلاء التافهون والهالكون يزعمون بقيادة شعب يخوض معركة تحرر...هؤلاء يرسخون وجود الاحتلال على حساب وجود الشعب الفلسطيني...طَّين طينك وامضي من دحلان الفاسد الى عباس الهالك.."هادولاك" اللي في غزة الله يعينهم: محاصرون بين رغبة السلطة والتمسك بها وحصار كامل قطاع غزة.. الشعب يريد.. لا "هاي" مش عنا!.. عنا: الفصيل والتنظيم يريد وبس واللي مش عاجبوا "ركاض" يشرب من البحر الميت..بحر الوحل... الوًّحل: حالة تطيين وطلاء الواقع العربي المُر من المحيط الى الخليج!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة