مما جاء في المقال:
اللاجئون السوريون في الأردن لا زالوا يعتقدون بانها فترة انتقالية سوف يعودون بعدها الى بيوتهم، او ما كانت بيوتهم، ليبنوها من جديد
استمع بعض اللاجئين معنا، ومن خيمهم وغرفهم المكتظة الى صوت الاسد الذي يختبئ في جحره عن ان مؤتمر جنيف يجب ان يعالج مشكلة الارهاب في سوريا، فضحكنا، وابتسموا معنا
هل هنالك في سوريا او في المنطقة العربية كلها ارهابا اشد من ارهاب نظام الاسد الذي اجتاح البيوت من الجو والارض ليحول بيوت السوريين الى اكوام من حجارة ودفع بأساليب التنظيف العرقي والقتل المنهجي الموجه نحو فئة سكانية بعينها
عدنا قبل يومين من زيارة مخيمات اللاجئين السوريين في الاردن، حيث قدمنا باسم الحملة الشعبية لإغاثة اطفال ولاجئي سوريا ما استطعنا جمعه من اهلنا في الداخل الى اخوة سوريين وفلسطينيين، ليس لهم ذنب سوى انهم ضحايا صراع مرير يمر به البلد العزيز- سورياـ ولم يجدوا الا الاردن ليتوجهوا اليه طالبين الحماية والحياة، حتى ولو لفترة معقولة، اعتقدوا ولا زالوا يعتقدون بانها فترة انتقالية سوف يعودون بعدها الى بيوتهم، او ما كانت بيوتهم، ليبنوها من جديد.
تحدث الينا اللاجئون الذين قابلناهم عن الصراع في سوريا ومستقبله، هذا الصراع بدأ كنضال شعبي من اجل تغيير النظام الطائفي والقمعي، ونجح النظام وشبيحته في قلبه الى حرب اهلية عنيفة، عندما هب افراد من الجيش البعثي لينتقلوا الى مواقعهم الوطنية والاخلاقية في الجيش السوري الحر، والذي باشر في ترتيب محاولة النظام قمع الثورة بالقوة وتحويلها قصدا الى حرب عنيفة مستعملا جيشه وشبيحته من جهة، ومسهلا دخول مجموعات من خارج البلد تعمل باسم الاسلام لقتل اهل البلد من الجهة الاخرى. مما خلق حالة من الفوضى التي شكلت ارضية خصبة لتدخل قوى غربية وعملائها في المنطقة لاستغلال الوضع من اجل تخريب سويا تحت حجة دعم الثورة، وبالتالي تبرر للنظام استمرار قمعه للناس ولاهل الوطن، وحتى نجح في استقطاب اصوات وازلام لكي تبرر له فعلته وتفيدنا بان سوريا بحاجة الى من يضبطها، وبان اهلها ليسوا بجاهزين للانتقال الديمقراطي، وبالتالي الانضمام الى اصوات المستشرقين والمعادين للعرب، والذين طالما ادعو بان العرب امة متخلفة لا تصلح الديمقراطية لإدارتها.
استمع بعض اللاجئين معنا، ومن خيمهم وغرفهم المكتظة الى صوت الاسد الذي يختبئ في جحره عن ان مؤتمر جنيف يجب ان يعالج مشكلة الارهاب في سوريا، فضحكنا، وابتسموا معنا. فهل هنالك في سوريا او في المنطقة العربية كلها ارهابا اشد من ارهاب نظام الاسد الذي اجتاح البيوت من الجو والارض ليحول بيوت السوريين الى اكوام من حجارة ودفع بأساليب التنظيف العرقي والقتل المنهجي الموجه نحو فئة سكانية بعينها، دون غيرها، بملايين السوريين الى خارج بلادهم وبيوتهم، عدا الذين قتلهم في ارضهم او في ثكنات تعذيب خصصت لهم.
سؤال جوهري
في ذات الوقت يتابع السوريين، كما غيرهم، اخبار مؤتمر جنيف، وخطاب وزير خارجية النظام الذي يدافع عن موقعه وبأرذل ادوات المحاججة الممزوجة بالكذب، لكي يقنع العالم بان رئيسه الطائفي مستمر في موقعه ولا يجد مبررا لعدم ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة، طبعا ليزوّرها ويحصل على دعم الغالبية الساحقة من السوريين. يتابعون معنا، وقد بدأوا في فهم اوضاعهم الحالية وان مشكلة اللجوء قد تطول، بينما يناقش الغرب والنظام الفاشي في روسيا، كيف يمكن ان يتم تجاوز المحنة الحالية، وهم واللاجئون على يقين بان الاسد ونظامه الفاشي لن يذهبوا من عالمنا بغير اتخاذ التدابير لقلعهم من سوريا بالقوة والالقاء بهم في مزابل التاريخ.
يبقى السؤال الجوهري والمتعلق بنا، هنا في الداخل وفي كل اماكن الوجود الفلسطيني: كيف يمكن ان نساهم في التخفيف عن آلام اللاجئين؟ كيف يمكن ان يكون لنا دور مرتبط بالتزام اخلاقي تجاه الانسانية وقيمها/ تجاه اخوة عرب هجروا على يد زمرة قذرة تنتهك الانسان وقيمه في كل لحظة؟ كيف يمكن لنا نحن الذين لجئنا الى سوريا ولبنان والاردن وحصلنا على الدعم في الماضي وحتى الان، ان نساهم من تجربتنا المريرة لنخفف عن معاناة الاخرين؟ بالطبع نستطيع، ويستطيع المجتمع الفلسطيني في الداخل ان يتكفل بدعم واغاثة مئات الالاف من الاخوة في الاردن وسوريا وتركيا ولبنان، فهل نقوم بدورنا الانساني والوطني، وان لا نترك الساحة لأبواق النظام ومنافقيه ليزوروا ارادتنا وانسانيتنا بدعمهم القبيح والبشع والمتوحش لنظام متوحش مثلهم؟