العنف المجتمعي على الأجندات السياسية/ بقلم: المحامي نضال عثمان

كل العرب
نُشر: 01/01 14:19,  حُتلن: 17:25

المحامي نضال عثمان في مقاله:

هل العنف في مجتمعنا في تزايد؟ أم إننا بتنا ننشر ونسمع عنه أكثر؟

الفعاليات السياسية قادرة بتنظيماتها المختلفة أن تتبنى وتأخذ دورا اكبر في معركة مكافحة العنف وانهيار القيم داخل مجتمعنا

المحاولات لم تسد ولم تتجاوب مع اقل ما يمكن من الاحتياج لاستراتيجيات عمل وبرامج عمل مدروسة وضعت على أساس دراسات وأبحاث داخلية في مجتمعنا

نواقيس الخطر هذه هزت أعمدة متينة في قرانا ومدننا العربية ولاقت تجاوبا من قبل القيادات لمنع التدهور إلا أنها وللأسف لم تهز كيان أحزابنا وفعالياتنا السياسية

عند البدء بالتفكير في ماهية وتفاصيل ما ستكتب عن العنف في مجتمعنا تدخل إلى حلقات ودوائر لا نهائية من الأفكار، فهل استحضار ما قيل عن العنف واللاعنف في التقديم لهذا الموضوع هو الوسيلة للاقتحام والإقحام؟، أو استحضار المواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان والاستشهاد بالاقتباسات من الكتب المقدسة والأحاديث وأقوال النبيين؟ أم بتصريحات القيادات القومية والدينية وغيرهم ممن لهم باع طوال في السياسة وتدبير الأمور في مواقف مختلفة؟ أم باقتباسات من أبحاث أكاديمية غاصت في بواطن الأسباب والمسببات. وكم كتب في هذه الأبواب ولكن للأسف لم تتعد هذه الكتابات والتصريحات كونها إعلان نوايا لا أكثر ومن هنا اقتضي الدخول من باب آخر.


ما بين الموقف والممارسة
للمجموعات السياسية الفاعلة في المجتمع الفلسطيني في الداخل أجندات سياسية وهي لا تقتصر على القضية الفلسطينية والسلام وإنهاء الاحتلال كما يحلو للبعض بنعتها وإنما تتداخل لتربط الموقف السياسي بالموقف من الاقتصاد لدى البعض وبالموقف من الدين والديانات لدى آخرين وبقضايا أخرى كذلك ولكنها وللأسف تأخذ فقط منحى مواجهة السلطة المركزية ودون الخوض في المسؤولية والعوامل الذاتية، وهنا يحضر السؤال وبقوة عن مدى محاكاة هذه الأجندات لواقع الأقلية الفلسطينية في البلاد، إن كان على المستوى الجماعي أو المستوى الفردي الشخصي؟ وهل دور الفعاليات السياسية هو بمقارعة السلطة ومحاججتها والنضال ضدها فقط؟، أم أن هناك دورا مجتمعيا داخليا لا تتقمصه الأحزاب والحركات السياسية حتى وان كان دور المحرك والمنظم لا غير؟
في واقع حياتنا كمجموعة أقلية وكأفراد ومواطنين هذه البلاد فأن العديد من المحاور والقضايا التي تشغلنا وتؤثر على مسارات حياتنا وسلم الأوليات ليس بالذات واضحا وهو متغيرا وفق ظروف كل مرحلة وأخرى في حياتنا ولكن على ما يبدو فان أجندات الأحزاب والحركات السياسية العربية لا تحتلن وتتماشى وفق هذه الأوليات.

محطات نواقيس خطر العنف المجتمعي

عادة ما يسأل السؤال:" هل العنف في مجتمعنا في تزايد؟ أم إننا بتنا ننشر ونسمع عنه أكثر؟ هناك من يدعي أن العنف المجتمعي كان دائما وما زال في مجتمعنا، إلا إننا في السنوات الأخيرة نقابله أكثر من خلال وسائل الإعلام الحديثة والإعلام الاجتماعي وبحكم سهولة نقل المعلومات والرسائل، حيث انتقلنا في العصر الحديث إلى الإعلام الحديث بصيغه المختلفة. ولكن هل يعفينا هذا من وضع الأجندات وتطوير البرامج المجتمعية لمناهضة آفة العنف التي تزهق الأرواح والقيم في مجتمعنا وتحول حياة عائلاتنا الى حياة لا امن فيها ولا استقرار، وكيف لا تقوم الفعاليات السياسية وهي القادرة على التأثير الجماهيري والانتشار السريع من خلال كوادرها وإمكانيات عملها بالعمل لتطوير الموقف وحتلنته وفق احتياجات مجتمعنا وتطوير الموقف لاستراتيجيات عمل وبرنامج عمل واضح؟.

أكل الأخضر واليابس
مررنا في السنوات الأخيرة في محطات سيطر فيها العنف على كل مجالات الحياة في مواقع عينية، منها أزمة شهاب الدين في الناصرة والأحداث في قرية المغار وفي شفاعمرو وكانت هذه المحطات احترابات مجتمعية تحولت من شخصية فردية إلى طائفية مخيفة، وقد كان بإمكانها أن تأكل الأخضر واليابس. وهنا لا بد من إنصاف القيادات السياسية والدينية، حيث لم يقفوا موقف المتفرج وإنما عملوا وبجد لوقف تدهور الحال ومنع تأزم الموقف وفي النهاية توقفت أعمال العنف وانتهت على مستوى المرئي، إلا أنها لم تنتهي ولم تغرب بشكل جذري.

الحركات السياسية والدينية
نواقيس الخطر هذه هزت أعمدة متينة في قرانا ومدننا العربية ولاقت تجاوبا من قبل القيادات لمنع التدهور، إلا أنها وللأسف لم تهز كيان أحزابنا وفعالياتنا السياسية، ولذا لم تجد هذه الأحزاب من الضروري استمرار التعامل معها ولم تجتهد الأحزاب في وضع هذه الأحداث في السياق العام لبحثها للعمق وربما لتضع وتبني ضمن الشراكات المختلفة برامج عمل لمواجهة هذه الظاهرة. وهنا يسأل السؤال هل تهاب الأجسام الفاعلة الغوص في هذه المتاعب؟ وهل هذا الخوف والتخوف هو نتاج اعتبارات فئوية ضيقة؟ من المنصف القول انه كانت هناك محاولات في الحركات السياسية والدينية للخوض في غمار هذه الحرب وهي محاولات مباركة، إلا أنها وللأسف فان هذه المحاولات لم تسد ولم تتجاوب مع اقل ما يمكن من الاحتياج لاستراتيجيات عمل وبرامج عمل مدروسة وضعت على أساس دراسات وأبحاث داخلية في مجتمعنا.

الآن بالذات
الفعاليات السياسية قادرة بتنظيماتها المختلفة أن تتبنى وتأخذ دورا اكبر في معركة مكافحة العنف وانهيار القيم داخل مجتمعنا وبالتالي بالتأكيد الحفاظ على بقائنا وتطويره، ولذا يجدر بنا والآن بالذات مطالبة الفعاليات السياسية بإدراج قضية العنف المجتمعي على أجندتها السياسية وهذا ليس من باب إعلان الموقف والنوايا فحسب، وإنما من باب التوجه المبدئي لمحاكاة واقع الجماهير العربية في البلاد التي صمدت على أرضها وفي وطنها كذلك بجهود وبتضحيات ونشاط الأحزاب والفعاليات السياسية التي حتما تستطيع أكثر. 

* الكاتب هو مدير المشاريع في مركز مساواة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة