لا عدل ولا عليا في تمييز وتفرقة بحق الفلسطينيين/ بقلم: المحامي عمر خمايسي

كل العرب
نُشر: 01/01 13:22,  حُتلن: 09:43

المحامي عمر خمايسي في مقاله:

واقع القضاء الإسرائيلي يؤكد لنا مرة تلو الأخرى أن العدل والإنصاف مصطلحات غير متوفرة في قواميسهم عندما يتعلق بحقوق للفلسطينيين

القضاء الإسرائيلي يتفنن في وضع مسوّغات تحفظ ماء وجه المؤسسة الإسرائيلية وخصوصا أمام العالم المتحضر للدفاع عن التمييز الصارخ الذي تنتهجه المؤسسات المختلفة

القانون الدولي لا يقر ولا يعترف أن للمؤسسة الإسرائيلية سيادة شرعية على منطقة شرقي القدس وجميع أعمالها وتصرفاتها تعتبر باطلة عملا بقواعد القانون الدولي

المفروض أن يكون القضاء مرافقا للعدل والإنصاف، إلا أن واقع القضاء الإسرائيلي يؤكد لنا مرة تلو الأخرى أن العدل والإنصاف مصطلحات غير متوفرة في قواميسهم عندما يتعلق بحقوق للفلسطينيين أو أمور قد تمس سيادة الدولة أو أمنها أو مخططات ومشاريع قومية ؛فلا تنازل ولا تفاوض ولا مساومة، وعليه نجد القضاء الإسرائيلي يتفنن في وضع مسوّغات تحفظ ماء وجه المؤسسة الإسرائيلية، وخصوصا أمام العالم المتحضر للدفاع عن التمييز الصارخ الذي تنتهجه المؤسسات المختلفة.

منزلق خطير
كم هي القرارات الجائرة التي صدرت من هذه المحاكم، والواقع يبين لنا أننا نعيش وضعا اختلـّت فيه موازين العدالة وهو أمر قد اعتدنا عليه كفلسطينيين ، إلا أنني وخلال قراءتي لقرارات المحكمة العليا الأخيرة استهجنت وتعجبت لمسوغات قرارها الصادر في يوم 2012/07/04 - حيث رفض ثلاثة من قضاتها استئنافا لفلسطينيات من قطاع غزة طلبن الدخول لزيارة دينية في ذكرى مولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والصلاة في المسجد الأقصى، (زيارة دينية - إجراء معمول فيه للفلسطينيين المسيحيين في غزة) حيث أقرت المحكمة في قرارها أن هذا المسوغ لطلب دخول حدود إسرائيل لا يوجد فيه أي عمل إنساني خاص ، وعليه لم يجدوا أية حاجة لإصدار قرار يلزم السلطات المختصة بمنح الفلسطينيات اللواتي قدمن الاستئناف تأشيرة الدخول المعنية (عملا بالنظام المتبع لدى الدولة حيث تسمح بدخول سكان غزة فقط في حالات إنسانية خاصة جدا ؛مثل المرض). وأصارحكم أنني ممن لا يعوّلون على قرارات القضاء الإسرائيلي الكثير ولا حتى القليل منه، ولكن أن تصل مسوغات قرارتها لهذا الحد، باعتقادي هو منزلق خطير تنتهجه المحكمة العليا متأثرة بالأجواء العامة وسياسات الدولة.

ملاحظات كثيرة
ليس هنا بيت القصيد وإن كان لنا ملاحظات كثيرة ، وأهم الملاحظات أن منطقة شرقي القدس والمسجد الأقصى غير معترف بها دولياً على أنها تابعة لإسرائيل ،بل هناك قرارات واضحة أن هذه المنطقة محتلة واستمرار وجود المؤسسة الإسرائيلية في هذه المنطقة فيه خرق وانتهاك للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة ولمعاهدة جنيف الرابعة، فالقانون الدولي لا يقر ولا يعترف أن للمؤسسة الإسرائيلية سيادة شرعية على منطقة شرقي القدس، وجميع أعمالها وتصرفاتها تعتبر باطلة عملا بقواعد القانون الدولي.

إثارة السخرية
إلا أن ما يثير السخرية هو استمرار أصحاب القرار في المؤسسة الإسرائيلية في تصديق كذبة أنها دولة ديمقراطية، حيث تقول المحكمة العليا من خلال مسوغات قرارها اعلاه :" إن دخول الفلسطينيين المسيحيين من قطاع غزة لزيارة دينية لكنيسة القيامة والبشارة في الناصرة خلال الأعياد المركزية لا يوجد فيه تمييز وعدم مساواة مع الفلسطينيين المسلمين!! كون المسيحيين في قطاع غزة يعيشون اضطهادا دينيا تحت مظلة حكم حركة حماس، بالإضافة لكون التعامل مع الفلسطينيين المسيحيين من قطاع غزة خاضع لاعتبارات العلاقات الخارجية والأمن"! إذا كان على هذا الأساس تصدر قرارات العليا ؛أي حسب معادلة الانتهاك والاضطهاد والملاحقة ؛فماذا تقول في الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة دون تفرقة بين فلسطيني مسلم أو مسيحي ؟ ألا يحق حسب حسابات ومعادلة العليا أن "ينصف ويكافئ" الشعب الفلسطيني لأنه منذ قيام دولة إسرائيل وهو منكوب منكوس منتهكة حقوقه الأساسية ليل نهار من قبل المؤسسة الإسرائيلية؟ ألا يحق للشعب الفلسطيني استعادة أرضه وزوال الاحتلال؟ ألا يحق له أن يعاقب مجرمو الحرب الذين أبادوا الآلاف منه (مع التأكيد أننا نرى ذلك كحق وليس خاضعا لمعادلة المكافأة والإنصاف). ولننظر إلى الواقع، فها هي المؤسسة الاسرائيلية بأذرعها المختلفة تنتهك يوميا مقدساتنا كفلسطينيين؛ مسلمين ومسيحيين على حد سواء .

العلاقات الخارجية والأمنية
ألم تكن هي المحكمة العليا التي أصدرت قرارا بنبش مقبرة مأمن الله التاريخية في القدس وقرارت لنبش مقابر أخرى وانتهاك لمساجد وكنائس الفلسطينيين في القرى المهجرة أو غيرها؟ أم أنها تحولت اليوم للمنقذ والمتسامح مع المسيحيين فقط لأنهم مضطهدون!! (على حد تعبير النيابة والمحكمة) ولأن ذلك خاضع أيضا لاعتبارات العلاقات الخارجية والأمنية..؟ ألم تكن هي المحكمة العليا التي صادقت على منع إمداد أهل غزة بالكهرباء والدواء والأغذية في فترة الحرب، مع العلم أن المسيحيين كانوا وما زالوا يعيشون في غزة ؟لماذا لم تأخذ باعتبارات العلاقات الخارجية والأمنية والاضطهاد حينها؟ أم أنها كذبة كبيرة أخرى يهدف منها منع المسلمين من التواصل مع القدس والأقصى..؟
نقولها دون تردد وتلعثم :إن شعبنا شعب واحد وقضيتنا قضية واحدة ونضالنا نضال واحد، لا نقبل أن تتعامل معنا المحكمة العليا ولا غيرها من مؤسسات الدولة على اعتبارات تقسيم مسيحي أو مسلم، وسواء العليا أو النيابة فإنهم لن يكونوا هم وكلاء أو أوصياء على مسيحيي غزة أو مسلميها الفلسطينيين.. ولا حتى المهجريين منهم..

* الكاتب من مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة