د.ثابت أبو راس مدير مشروع عدالة في النقب:
عرب النقب يتعرضون الى أعنف وأشرس هجمة على الأرض منذ خمسين عاما
خطة برافر غير عملية ولا يمكن تطبيقها لأنها خطة لم تحضر بمشاركة عرب النقب الذي لم يسمع رأيهم
مصادرة حوالي 450 الف دونم والتي توازي حوالي 75% مما يملكه المواطنين العرب في المثلث والجليل سيشمل هدم 22 قرية وتجمعا سكنيا عربيا
ضلوع رئيس الحكومة في الموضوع شخصيا وحقيقة قدرته على أن يمارس بنفسه الحق باستثناء مناطق بأكملها نتيجة لأسباب عديدة تخصّه وحده هما أمر جديد
وأخيرا كشفت حكومة إسرائيل عن أنيابها من خلال نشر خطتها لحل قضية أراضي عرب النقب. تقرير لجنة برافر والتي تزمع حكومة إسرائيل إقراره كقانون في الكنيست الإسرائيلي في الأسابيع القادمه لم يفاجئ المتتبعين لسياسة الحكومة اتجاه عرب النقب. لقد رسمت السياسة الرسمية اتجاه هذا الجزء الصامد من الاقلية الفلسطينية منذ قيام دولة اسرائيل في العام 1948. هذه السياسة تمثلت بتجميع عرب النقب في اماكن محددة من صحراء النقب جنوب شرق بئر السبع, تمدينهم وسلبهم أراضيهم.
أسوأ المراحل
في هذه الأيام يمر عرب النقب في مرحلة حرجة هي من أسوأ المراحل في حياتهم. هناك 200 الف عربي نقباوي يساوون 30% من سكان المنطقة يعيشون على حوالي 2% من أراضي النقب ويطالبون بتسجيل حوالي 600 الف دونم بملكيتهم الخاصة. هذا المطلب فيما لو ووفق عليه معناه ان عرب النقب سيملكون 5% فقط من مساحة النقب الواسعة. هذا الأمر رفضته حكومات إسرائيل المتعاقبة والآن حان موعد الاجهاز على هذه الأراضي بمثابة خطة حكومية "لاسكان عرب النقب" هي خطة برافر.
مصادرة أراضي
خطة برافر, فيما اذا اقرت ونفذت, هي اعنف ما ستشهده الاقلية الفلسطينية منذ سنوات الخمسين من القرن الماضي. فمصادرة حوالي 450 الف دونم والتي توازي حوالي 75% مما يملكه المواطنين العرب في المثلث والجليل سيشمل هدم 22 قرية وتجمعا سكنيا عربيا. ما رأيناه فى قرى طويل ابو جروال والعراقيب هو فقط البداية . الخطة تشمل الترحيل بالقوة لعشرات الاف سكان القرى الغير معترف بها. هذه الخطة الجهنمية تعد بالاعتراف ببعض القرى الغير معترف بها "اذا اقتضت الضرورة لذلك" وتعد بالتعويض المادي الهزيل على مصادرة مئات الاف الدونمات الاخرى.
خطة برافر غير عملية ولا يمكن تطبيقها. لا يمكن تطبيقها لانها خطة لم تحضر بمشاركة عرب النقب الذي لم يسمع رأيهم. لذلك لم يكن مفاجئا ان تشمل بنودا تعمل على ضرب النسيج الاجتماعي لعرب النقب. وتعمل على التفريق بين ابناء الشعب الواحد. هذه الخطة توعد "بمنح" عرب النقب الجالسون على اراضيهم ب 50% من اراضيهم فقط؟ وتمنع ذلك من الذين هجروا وشردوا في سنوات الخمسين من القرن الماضي والذين عاشوا في شمال غربي النقب والمقترح عليهم تعويضات مادية زهيدة
لغة مستند "برافر"
كما أنّ لغة مستند "برافر" تمنح مساحة مناورة كبيرة لصالح مكتب رئيس الحكومة ولرئيس الحكومة نفسه. فضلوع رئيس الحكومة في الموضوع بشكل شخصيّ وحقيقة قدرته على أن يمارس بنفسه الحق في استثناء مناطق بأكملها نتيجة لأسباب عديدة تخصّه وحده، هما أمر جديد وموضع ريبة. وقد سبق وقام رئيس الحكومة نتنياهو بخطوة واحدة قبل عدة أشهر عندما تدخل ومنع الاعتراف بقريتي عتير-إم الحيران وتل عراد، واللتين أوصت بالاعتراف بهما مؤسسات التخطيط الاسرائيلية.
لم تكن حكومة اسرائيل لتجرؤ على خطة كهذه دون عمل منهجي, على مدار سنوات طويلة, هدفه تجزئة وتفريق عرب النقب. فالعصبية القبلية المتفشية اصبحت عائقا جديا تحول دون العمل الوحدوي والذي بأستطاعته صد الهجمة على اراضي عرب النقب. حكومة اسرائيل, كما هو في قضايا اخرى كثيرة, تسبح ضد التيار العالمي. حكومة اسرائيل تضرب عرب النقب في اغلى ما يملكون, حقهم التاريخي على اراضيهم, في الوقت الذي ازداد به الاعتراف دوليا بحقوق الاقليات الاصلانية في العالم. الامم المتحدة اقرت وثيقة خاصة بهذا الامر قبل سنوات قليلة.
تقرير لجنة غولدبرغ
خطة برافر والتي جاءت لتطبيق "تقرير لجنة غولدبرغ" تعمق سياسة التمييز والفجوة القائمة اصلا بين المواطنين اليهود وبين المواطنين والعرب في الجنوب. المواطن اليهودي يستطيع العيش في المدينة والقرية, في الكيبوتس والموشاب . حتى انه يستطيع العيش في مزرعة فردية اذا اراد ذلك. اما المواطن العربي فعليه قبول الحل الوحيد المقترح من الدولة وهو التمدين, اي الانتقال للعيش في احدى البلدات القائمة او التي ستقوم لهذا الغرض. المؤامرات على عرب النقب متعددة الجوانب ولا تقتصر على القضية الاولى هي قضية الارض. فأقصاء وتهميش البدو عن باقي شعبهم شملت "بدونة" قضاياهم وكانها لا تهم باقي المواطنين العرب في هذه البلاد. كذلك وفي مهمة لعزل عرب النقب عن شعبهم فأن محاولات تجنيد الشباب العربي النقباوي اخذه بالازدياد .
عرب النقب
من جهة اخرى فإن إغلاق الحدود مع قطاع غزة كليا واغلاقها جزئيا مع مدينة الخليل وقراها قد افقد عرب النقب شريان اقتصادي واجتماعي مهم. زد على ذلك تقليص مخصصات الاولاد حيث ان عرب النقب معروفون في كثرة انجابهم فكانو الخاسرون الاوائل من هذه السياسة. كل هذه المؤامرات تستدعي وقفة تفكير منا جميعا. والسؤال الاول والمطروح هو ما العمل؟ قضية اراضي عرب النقب هي قضيتنا جميعا, كما كانت مصادرة اراضي المل في الجليل عشية يوم الارض عام 1976 قضية الأقلية الفلسطينية برمتها. لذلك ومن أجل افشال مشروع مصادرة اراضي عرب النقب, والذي سيؤدي حتما الى اضعافهم وبالتالي سلخهم عن شعبهم نحن بحاجة الى خطاب وحدوي جديد. في مركز هذا الخطاب ان قضايا عرب النقب هي قضيتنا الاولى. يجب زيادة فعاليتنا الجماهيرية في النقب وتجنيد شرائح ومؤسسات شعبنا جميعها بمن فيها احزاب وحركات سياسية, مؤسسات المجتمع المدني وكل الفعاليات الاجتماعية. يجب العمل على زيادة التلاحم بين الجليل والمثلث المدن الساحلية والنقب. ولا شك ان اطار جماهيرنا الاول, لجنة المتابعة للجماهير العربية, يجب ان يقف على رأس كل الفعاليات في هذه المنطقة الغالية من وطننا. النقب نادانا في الماضي وينادينا اليوم فهل من مجيب؟
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وصورة شخصية بحجم كبير وجودة عالية وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.co.il