حين نعطي فلسطين كلمة السر سنعود لأرضها الخضراء..

بقلم : الشيخ
نُشر: 01/01 18:23,  حُتلن: 18:01

- كان ثمة من لا يرضيه هذا الواقع فلينظر إلى علم أحسن،وليشحذ عزيمته حتى تستقيم الطريق..

- طالت بنا الحياة فسوف تفتح لنا فلسطين، ويتحرر أهلها، وينعموا بالطمأنينة والأمان،ولكن دعونا نعترف أننا مقصرين بحقها

يروى أن صوفيا خرج إلى الصحراء متعبدا فرأى في طريقه طائرا أعمى كسير الجناح،فوقف يتأمل الطائر،ويفكر كيف يجد رزقه في هذا المكان المنقطع،فلم يمض وقت طويل حتى جاء طائر آخر،فاطعم الطائر كسير الجناح،كما يطعم الحمام أفراخه ،وقال في نفسه فيم أسعى واتعب ثم أوى الرجل إلى غار ؟....
وسمع به احد المتعبدين،فذهب إليه وقال له:ما حملك على القعود في هذا الغار؟فقص عليه قصته،فقال له:ويلك !! لم أحببت إن تشبه الطائر الأعمى؟هلا
فعلتما فعل الطائر السليم الذي أتى بالطعام ،فتسعى لكسب الرزق لنفسك ولغيرك؟! ....فراىالصوفي صدق هذه النصيحة ،وترك غاره، وغدا يسعى كما تسعى الطير التي تغدو خماصا وتعود بطانا....
.والشاهد في هذه الحالة أن المسلم الذي يسمع القصة قبل أن يصل إلى نصيحة الرجل الثاني الصادق في نفسه إعجاباً بالعبرة التي فهمها الصوفي الذي قعد في الغار معتزلاً بانتظار أن يأتي العون والمدد من غيره..
والشاهد الأكبر في هذا الأقصوصة أن عيوننا البصرية عكس ما ترى العيون الخلفية التي عناها الله تعالى بقوله(ولكن تعمر القلوب التي في الصدور)..
وإن الكون بما كل جزء فيه وكل قارة، وكل دولة ومدينة، مسخر للإنسان يخدم الإنسان مجاناً بلا عوض إذا فهم الإنسان بعينه الخلقية كيف يوجه أوامره إلى هذا الكون – فإذا دعاه بغير الأسلوب والأنظمة المطلوبة فإن هذا الكون يظل معرضاً صامتاً أمام الإنسان،وكما يستعصى القفل أن يفتح بغير مفتاحه،فكذلك الكون لا يستجيب إلا بعد سماعة كلمة السر..
إن السيارة مهما كانت مستعدة للحركة،وأياً كانت جودة ماركتها،فإنها لا تتحرك مع ا مرء لا يعرف فن قيادتها.. بل كل الآلات لا تتحرك للإنسان الذي يجهل كيف يحركها..وهذا الكون لا يسخر للإنسان إلا إذا عرف كيف يسخره،فالشجر مثلاً كان ولم يزل مسخراً له، ولكن في أول الأمر كان الإنسان يسخره بتناول ثمره دون زرعه،وبعد أن تعلم الإنسان زرع الشجر،زادت الأشجار وسائر النباتات من طاعتها للإنسان.
وكذلك الحيوانات بعد أن كانت ثروة للصيادين،عرق الإنسان طريقاً آخر يسخر به الحيوان ويجعله أليفاً ذا فوائد أكبر وأكثر.
وكلمة السر التي تجعل فلسطين مستنفرة لخدمتنا أن تتحرك لها إرادة وعزم وان نفتديها بمجهود جماعي تكتلي أكبر،وأن نحيطها بسياج عربي إسلامي متناسق النغمات.وحينئذ نملك ناصيتها وتعود لبيضة الأمة.
وهذا واضح في قوله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم"..فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف باكعبة لا تخاف أحداً إلا الله..ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى.. ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو نصفه يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه.. قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله.. وكنت فيمن أفتتح كنوز كسرى بن هرمز،ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملء كفه.." البخاري – كتاب المناقب..
نعم إن طالت بنا الحياة فسوف تفتح لنا فلسطين، ويتحرر أهلها، وينعموا بالطمأنينة والأمان،ولكن دعونا نعترف أننا مقصرين بحقها..ودعونا في ذات السياق من إلقاء التقصير على غيرنا،أو إلقاء أسباب تفاقم أزمتنا في سلة وملعب الآخرين،وإنه لمن المخزي أننا نفرض كل شيء للدفاع عن تقصيرنا وعجز إرادتنا وعن أخطائنا ونبحث دائماً عن كبش الفداء في كل مكان دون أن ينبض فينا عرق،أو تختلج فينا عضلة......
أن عجزنا عن إعطاء كلمة السر لفلسطين،وعدم مراجعة رصيدنا الحقيقي وذواتنا والذي أعقبه شبه صمت مطبق ، وشبه استسلام وركوع وانحناء يخنق الأنفاس هو نتيجة لفرضياتنا الطفولية.
أن مثل هذه المواقف التي يقفها الفلسطيني وكل عربي في الدفاع عن ذاته وتقصيره كأي طفل لم يبلغ سن الرشد،حين رصيف المطبات التي وقعت بها فلسطين بأنها لا دخل لنا فيها،وأن المستخرب إسرائيلياً كان أم دولياً هو الذي شلّ إرادتنا..
إن هذا الموقف المظلم التي نتستر خلفه ينبغي أن نسلط عليه بعض الأضواء لنتمكن من إبصار أنفسنا وما حولنا،ونخجل من التفسيرات العنكبوتية التي تحمي بها أنفسنا،وإن علينا أن نعلم مدى وهن الوسائل التي يريد العرب والمسلمون أن يصلحوا بها البيت الفلسطيني والعائلة الفلسطينية والأرض الفلسطينية.. وإن الحذق كل الحذق أن نعرف كيف نضيء الأسباب المظلمة بأضواء ومفاتيح المعرفة؟..
فإننا مثلاً نضحك من النعامة حين تدفن رأسها، وتقع في الفخ من جراء تصرفها الغبي.. الأرعن.. الأحمق؟ ولكن هل لدينا القدرة أن نرى النماذج الرفيعة من المدافعين عن حمى فلسطين يقعون في مثل هذا الخطأ حين يدفنون عقولهم، ويبرزون عواطفهم وكل واحد منهم يقف موقف القاضي لا موقف المتهم،كما يمكن أن نرى هذا في مثل ذلك المؤذن الذي تأخر في إقامة صلاة الفجر حتى كادت الشمس تشرق،قال له بعضهم:
أن ساعتك متأخرة،ولقد أخرتنا؟!! فأجاب بكل بساطة وبله: أن ساعتي صحيحة ولكن الشمس أسرعت في الشروق.....
ومثل هذا قد يقع في مستوى حركة الحضارة اليومية،كذلك الاخطاء الكبيرة التي وقع بها جالينوس والتي يدحضها ابسط تشريح لجسم الإنسان،وحين سئل دويوا عن هذه الأخطاء قال ببلاهة."إن جالينوس لم يخطئ،ولكن جسم الإنسان اعتراه تغيير منذ عهد جالينوس"..
أن مثلاً كهذا يدل على بساطة هذا الرجل الطيب ومحاولته للدفاع عن ذاته وما يتصل بها من ساعته،لأن كلا التبريرين لا محل لهما من الإعراب.. ولا ينطليان على عقلاء أو مجانين.
إذا استمرت حالة التبرير غير المعقولة لتدهور القضية الفلسطينية"خلفاً دُر" فلا عجب أن سنوات تحريرها ستطول،إذ كيف يكون حالها في مثل هذا الجو العقيم،غير القحط العام؟!!
فإن كان ثمة من لا يرضيه هذا الواقع فلينظر إلى علم أحسن،وليشحذ عزيمته حتى تستقيم الطريق..
وكفانا تبصرة بأخطاء غيرنا، وزحلقة أبصارنا عن خطئنا،ولنعي أن إرادتنا هي مرتكز قوتنا وهي من التنظير والتنجيم والتخريف.(فالسيف(الإرادة) أصدق أبناء عن الكتب(أقوال المنجمين الذين يجلسون في بروج عاجية)،وفي التاريخ عون عظيم على التصور الصحيح،ولنتواعد معاً على شيء ما.. خطوة ما نثق بها ونقوم بعمل شيء ذي قيمة. فليس هناك صعب مطلق،وإنما هناك سنن أن سلكت أنتجت، فإن لم يكن في أعمارنا بقية لتحقق بإرادتنا الصلبة ما عجزت عنه الأجيال السابقة فلنورثها للأجيال المقبلة كما نورث عاداتنا الاجتماعية لأطفالنا لعل وعسى أن يقوموا بما عجزنا نحن عن القيام به،أليس عيباً أن نورث أجيالنا الرفاهية،وزيادة الدخل،والمحافظة على الحياة الحيوانية فقط،بينما نغفل أن نورثهم الإرادة الكبيرة التي تبدو معها الإرادة الصغيرة جرم صغير؟.ة... أراد الجميع لفلسطين أن تموت وأراد الله لها أن تحيا.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
تضخمت فلسطين وكبرت في وعي الأحرار حتى استعصت على الصَغار..تضخمت حتى لكأن فلسطين كل الامة...ولقد يتساءل البعض -وأنا منهم- ما الذي يدفع احرار العالم للدفاع عن فلسطين وقسم كبير منهم لا يعرفون الله ولا يرجون اليوم الاخرر!!
يبدو لي -والله أعلم- أن السر هو فيما قاله قطب الفكر سيد قطب –رحمه الله- فاقرأوا ما قال:
"عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود...أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!!.
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهماً, فتصور الحياة على هذا النحو يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا، فليست الحياة بعدد السنين.. ولكنها بعداد المشاعر. وما يسميه "الواقعيون" في هذه الحالة "وهمـاً" هو في الواقع "حقيقة" أصـح من كل حقائقهـم.. لأن الحياة ليست شيئاً آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من شعوره بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي..فمتى ما أحس الإنسان شعوراً مضاعفاً بحياته فقد عاش حياة مضاعفة فعلاً..! يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال.. إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة حينما نعيش للآخرين وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية".
في العهد الجميل وفي الزمن الاستثنائي زمن الفاروق –رضي الله عنه- تعرض الحطيئة للزبرقان بن بدر بقصيدة هجائية فجاء الزبرقان مشتكياً إلى الفاروق –رضي الله عنه- فأمر عمر بحبس الحطيئة على الخطيئه. فكتب الحطيئة من سجنه إلى الفاروق مستعرضاً حالة أفراخه (أطفاله) ومستدراً بها عطفه :
ماذا أقول لأفـراخٍ بـذي مـرخٍ ## زغـب الحواصـل لا مـاءٌ ولا شجـرُ
ألقيت كاسبـهم في قعر مُظلِمةٍ ## فاغـفـر عليـك ســلام الله يا عـمـــرُ
فبكى الفاروق وأمر بإطلاق سراحه واشترى منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم كما جاءت بذلك بعض الروايات.
أما نحن فقد ألقينا فلسطين وأفراخها في قعر مظلم لا ماء ولا شجر ولا كهرباء..
ولكن لسوء الطالع ان فلسطين لا تجيد كتابة الشعر وخصوصا شعر الاستجداء والاسترحام
وحتى لو أجادت وجادت علينا بشعرها.. فلن نطلق سراحها لأننا ببساطة لا نملك قلب عمر.في هذا السجن الكبير المسمى غزة والضفة الغربية ومخيمات اللاجئين .. تركناهم عالة ولكنهم لا يتكففون الناس هل تعلمون لماذا..؟
لماذا دائما تنتظرون مني الإجابة ؟! لماذا لا تعملون عقولكم..صدقوني الجواب بسيط جداً.. ومؤسف جدا..ً
ببساطة كرامتهم العالية الجودة تابى الا ان تظل شامخة.....62 عاما مرت
من قتلنا لفلسطين ولازلنا نجوب بجثتها جميع مؤتمرات العالم والأمم المتحدة والمتفرقة وكامب ديفيد وأوسلو. 62.ستون عاماً من التيه.. فبعث الله لنا مدنيين جاءوا من اقاصي الارض ليرونا كيف نواري سوءة غزة..
أعجزنا أن نكون مثل اسطول الحرية واساطيل اخري فنواري سوءة غزة؟؟
لا أعتقد ذلك.
انهم يرون يوم العزة والتمكين بعيدا،ونحن نبصر الحلم السعيد سيخرج قريبا من تحت النوم إلى اليقظة،ويبرز من الخيال إلى العين،..
ها انذا أرى بيت المقدس تتزين ، وقد رصعت نفسها بالورد الأحمر ليوم زفافها من عاصمتها، وقد نسقت الأزهار في السماء بشكل بديع وبدت كانهاعش طائر
ملكي من طيور الجنة أبدع في نسجه وترصيعه بأشجار سقى الكوثر أغصانها......
فيا نسمات الليل الأخيرة...اسأل الله أن يهل ذلك اليوم الموعود ويقبل علينا في جماله الخلاب وأثره وبركته مثل هذا الورد المبتهج،والعطر المنعش،والضوء المحيي،فان هذين العروسين المعتلين عرش الورد قد تنسما الشذى من حور الجنة... أراد الجميع لفلسطين أن تموت وأراد الله لها أن تحيا.. والله غالب على أمره ولكن أكثر.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة