* حنا :تاريخ القدس غير قابل للتزوير ومهما حاول الأحتلال تزوير التاريخ فتاريخ القدس أقوى من كل محاولاتهم
أجرت الأذاعة اليونانية في مقابلة على الهواء مباشرة مع سيادة المطران عطاالله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس وذلك لمدة نصف ساعة حيث تمحور الحديث حول الأوضاع الجارية في القدس والممارسات الأحتلالية بحق المقدسات أضافة الى أوضاع المسيحيين والأوقاف المسيحية.
سيادته قال في المقابلة بأن الأحتلال في المدينة المقدسة حول مدينة السلام الى مدينة صراع ونزاع وتصادم ، ونحن لا يمكننا إلا أن نستنكر ونشجب بشدة ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك خاصة والقدس عامة من ممارسات يمكن وصفها بأنها غير أخلاقية وغير أنسانية.
أن التطاول على المسجد الأٌقصى وعلى المقدسات الأسلامية مرفوض من قبلنا جملة وتفصيلا وهو أمر يعنينا مباشرة لأن الشعب الفلسطيني شعب واحد رغما عن التعددية الدينية ، ووجود التعددية الدينية لم يمكن في يوم من الأيام حائلا أمام وحدة الشعب وتعاضده.
أن الأقصى مكان مقدس للمسلمين وله مكانته في العقيدة الأسلامية وهذا أمر يجب أحترامه والمسلمون في بلادنا وفي كل مكان يعتقدون أن التطاول على الأقصى هو تطاول على دينهم وأيمانهم. أما نحن المسيحيين المقدسيين فأننا نعتقد بأن التطاول على الأقصى والمقدسات الأسلامية هو تطاول علينا نحن ايضا لأننا شعب واحد مسيحيين ومسلمين عشنا معا وكنا معا في السراء والضراء. ولذلك فأن الأعتداء على الأقصى في القدس ليس شأنا أسلاميا فحسب وأنما هو شأن له علاقة بكل الشعب الفلسطيني وبكل العرب وأعتقد بأنه له علاقة أيضا بكل أنسان شريف في هذا العالم أيا كان دينه وأيا كان معتقده.
ولذلك فأننا نطالب الكنائس المسيحية في العالم وكل شعوب العالم بكافة أديانها ومذاهبها بأن تدين وتستنكر سياسات الأحتلال في القدس بحق المقدسات وبحق البشر وبحق كل شيء عربي في هذه المدينة المقدسة. ولا يجوز التغاضي عن ممارسات الأحتلال في القدس ، هذا الأحتلال الذي يسعى لبسط سيطرته من خلال أضعاف الحضور الفلسطيني فيها وطمس المعالم المسيحية والأسلامية.
الأقصى ملك للمسلمين بدون منازع وعلى الجميع أحترام هذا الحق كما أن كنيسة القيامة ملك للمسيحيين ونحن نعتقد بأن من يتطاولون اليوم على الأقصى قد يقومون بهذا غدا بحق كنيسة القيامة وهي أقدس وأهم معلم مسيحي في العالم. ولذلك من واجبنا أن نتضامن مع أخوتنا المسلمين لأنهم بشر بالدرجة الأولى وعندهم أحاسيسهم الدينية وكرامتهم والتي لا يجوز أن تمتهن. فأمتهان كرامتهم هو أمتهان لكرامتنا جميعا ، أضافة الى أننا مسلمين ومسيحيين نشكل الأسرة الوطنية الفلسطينية الواحدة.
أننا متحفظون على ما يشاع وينشر في بعض الأبواق الأعلامية في الغرب من محاولات للأساءة للمسلمين والتطاول على رموزهم الدينية.
فالمسيحية في الشرق تفاعلت مع الحضارة الأسلامية منذ قرون ونحن نعتقد بأن هذا التفاعل وهذه العلاقة كانت أنسانية وحضارية بالدرجة الأولى ، فالأسلام الذي نعرفه والذي تفاعلنا معه منذ قرون هو اسلام العهدة العمرية والتسامح والأخوة بين الناس. أما مظاهر التزمت والتطرف فهي موجودة عند كل أصحاب الديانات وهي مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا. فنحن ننادي بلقاء الديانات وتفاعلها وليس تصادمها.
الحضور المسيحي في فلسطين ليس حضورا هامشيا وأنما هو حضور أساسي ومن يتحدثون عن فلسطين بدون أبراز البعد المسيحي فهم يتحدثون عن تاريخ منقوص ومبتور. فلا يكتمل الحديث عن فلسطين وعن شعب فلسطين إلا بأبراز البعد المسيحي والبعد الاسلامي و العربي والأنساني. والمسيحيون الفلسطينيون مخلصون لقضية بلدهم ووطنهم ، واليوم وبالرغم من الهجرة وتراجع أعداد المسيحيين إلا أن من بقي منهم يدافع عن قضية فلسطين وعن وجهها الأنساني والحضاري. فقضية فلسطين وشعب فلسطين الرازح تحت الأحتلال هي قضية مسيحية أضافة الى كونها قضية أسلامية ونحن لا نتحدث عن قضية فلسطين من بعيد فهي قضيتنا ، والشعب الفلسطيني الذي عانى منذ عشرات السنين من الظلم والأستعمار والأحتلال فمعاناته لم تستثني أحدا ، فهجر المسيحيون كما المسلمون وهدمت كنائس كما هدمت مساجد. أن العالم المسيحي مطالب أيمانيا وأخلاقيا بأن يساند شعب فلسطين. فالدفاع عن فلسطين وشعبها هو دفاع عن المسيحية في موطنها الأول وفي موقع جذورها الأساسية ، كما أنه دفاع عن شعب مظلوم من واجب الجميع الوقوف الى جانبه.
أن تاريخ القدس غير قابل للتزوير ومهما حاول الأحتلال تزوير التاريخ فتاريخ القدس أقوى من كل محاولاتهم.