الرئيسية مقالات

العرب في الداخل الفلسطيني: واقع مأزوم وتجربة سياسية عابرة

بقلم: مرعي حيادري
نُشر: 20/08/25 16:38
العرب في الداخل الفلسطيني: واقع مأزوم وتجربة سياسية عابرة

العرب في الداخل الفلسطيني: واقع مأزوم وتجربة سياسية عابرة
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
بقلم: مرعي حيادري

مرت أكثر من سبعة عقود على نكبة فلسطين، وما زال المواطن العربي الفلسطيني القاطن داخل أراضي 48 يعيش حالة مزدوجة من الانتماء والاغتراب، بين الهوية الفلسطينية ووجوده ضمن دولة إسرائيل. هذه الحالة المعقدة تتجلى في أبعاد متعددة: اجتماعية، اقتصادية، سياسية، وثقافية، وهو ما يضع المجتمع العربي في مواجهة مستمرة مع القيود والتمييز المؤسسي.


1. الهوية والانتماء المزدوج
""""""""""""""""""""""""""""""""
الحياة في ظل الأغلبية اليهودية تفرض على العرب داخل إسرائيل أسئلة متواصلة عن الانتماء: هل الولاء للدولة يتناقض مع الولاء للقضية الفلسطينية؟ كثير من الشباب العربي يعيش صراعًا نفسيًا بين ثقافتهم وهويتهم الفلسطينية وبين الضغوط المجتمعية للعمل داخل النظام الإسرائيلي. هذا التوازن الصعب يولد شعورًا مستمرًا بالاغتراب، ويؤثر على الفاعلية السياسية والاجتماعية.

2. التفاوت الاقتصادي والاجتماعي
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
على الرغم من مرور عقود طويلة على تأسيس الدولة، لا تزال الفجوات بين العرب واليهود واضحة في التعليم، الإسكان، فرص العمل، والخدمات العامة. البنية التحتية في البلدات العربية أقل تطورًا، والتمويل الحكومي غالبًا ما يكون غير متكافئ. هذه الفجوات تولد شعورًا بالإقصاء، وتؤكد أن الحقوق المدنية وحدها لا تكفي لتحقيق المساواة.
3. التحزب العربي: صوت محدود وتجربة 77 عامًا..
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
على مدار سبعة وسبعين عامًا، حاول المواطن العربي ممارسة دوره السياسي عبر أحزاب تمثلهم في الكنيست. إلا أن هذه التجربة أظهرت محدودية الفاعلية:
* الأحزاب العربية غالبًا ما تكون منشغلة بالصراعات الداخلية أو التنافس على الحصص البرلمانية، ما يضعف قدرتها على التأثير الحقيقي.
* تحالف الأحزاب العربية مع الأحزاب اليهودية أو المشاركة في الحكومة أحيانًا لم تحقق تقدمًا ملموسًا، وأثارت شعورًا بالتنازل عن المبادئ.
* القوانين والسياسات المركزية في إسرائيل غالبًا ما تحد من قدرة النواب العرب على حماية الحقوق الجماعية للمواطنين العرب.
يمكن القول إن وجود الكنيست والتحزب العربي هو عبء أكثر من كونه أداة تحرير، فهو لا يفضي إلى الحرية الشخصية الحقيقية، ولا يلبي مطالب الجماعة بشكل فعال.

4. "القضايا العالقة"
""""""""""""""""""""" 
المواطن العربي الفلسطيني في إسرائيل يواجه عدة قضايا رئيسية لم تُحل بعد:
* حقوق الأرض والسكن: تهجير متكرر وحرمان من البناء أو توسعة القرى.
* التعليم والثقافة: تفاوت كبير في جودة التعليم وفرص الحصول على الموارد الثقافية.
* التمثيل السياسي الحقيقي: ضعف النفوذ في اتخاذ القرار، وتحجيم المطالب الجماعية.
* التمييز القانوني والاجتماعي: قوانين تمنح امتيازات للأغلبية اليهودية، وتضع قيودًا على مشاركة العرب في بعض المجالات.
* الحريات الشخصية: القيود الأمنية والسياسات التمييزية تؤثر على حرية التعبير والتنقل وممارسة النشاطات المدنية.

5. الطريق إلى الفاعلية والحرية
"""""""""""""""""""""""""""""""""""
على الرغم من التحديات، هناك أمل في تغيير الواقع عبر خطوات استراتيجية:
* توحيد المجتمع العربي سياسيًا ومدنيًا لتشكيل قوة مؤثرة، بدل التشتت الحزبي.
* الضغط المجتمعي المستمر على الحكومة والمؤسسات لتحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية.
* الاستثمار في التعليم والوعي الثقافي لتعزيز الهوية الفلسطينية والحفاظ على التراث.
* التحرك الدولي والمحلي لتسليط الضوء على التمييز والمطالبة بحقوق الإنسان.

"الخلاصة"
"""""""""""
تجربة العرب في الكنيست والتحزب السياسي، رغم مرور سبعة وسبعين عامًا، لم تُثمر عن حرية حقيقية، ولم تحقق مطالب المجتمع العربي الجماعية. وجودهم السياسي في البرلمان الإسرائيلي، وإن كان يمنح صوتًا محدودًا، إلا أنه لا يغني عن النضال المدني والاجتماعي المستمر. التغيير الحقيقي يتطلب توحيد الجهود ومواجهة السياسات التمييزية على الأرض، بعيدًا عن وهم المشاركة الشكلية التي لا تفضي إلى الحرية ولا الكرامة.

"الخاتمة"
"""""""""""
الحرية ليست مجرد كلمة، بل هي الحياة نفسها. حين يمتلك المواطن العربي الحرية الكاملة والمساواة الحقيقية مع الفرد اليهودي في الحقوق والفرص، حينها فقط سيظهر بصيص من الأمل في أفق المجتمع العربي داخل إسرائيل. أما وجود الكنيست والنواب العرب فيها، فهو رغم أهميته الشكلية، لن يفضي إلى حلول نهائية أو مصيرية لقضية الشعب الفلسطيني. التغيير الحقيقي يحتاج إلى إرادة جماعية، ضغط مستمر على السلطات، وتعزيز الوعي بالحقوق، بعيدًا عن وهم المشاركة الشكلية التي لا تكفل العدالة ولا الحرية.