الرئيسية خاطرة

من الإنتماء إلى العطاء

غزال أبو ريا
نُشر: 14/08/25 22:55
من الإنتماء إلى العطاء

من الإنتماء إلى العطاء

بقلم: غزال أبو ريا

التماسك أساس الاستقرار

خارطة الطريق التي توصلنا للاستقرار والطمأنينة المجتمعية تبدأ من الفرد. على كل إنسان أن يعمل في مجتمعه على تعزيز التماسك والبناء المجتمعي، وتنمية الانتماء والمسؤولية المشتركة. علينا أن نحول هويتنا إلى عطاء لا ينضب، وأن نتوحد حول أهدافنا الجماعية في قرانا ومدننا العربية.
نكافح شعور الغربة بأن يضيء كل واحد منا شمعة، فنطرد الظلام ونوسع حيز النور في حياتنا.

الإنسان كائن اجتماعي

الإنسان بطبيعته لا يعيش وحيدًا، بل ينتمي لمجموعات. هذا ما أكده ابن خلدون، المؤرخ والفيلسوف ومؤسس علم الاجتماع، الذي سبق ماسلو في الحديث عن “سلم الحاجات” لدى الإنسان: الحاجات الفسيولوجية، الحاجة إلى الأمن والأمان، التقدير، الانتماء، وتحقيق الذات.

ثقافة العطاء والتعاضد

المجتمع القوي هو الذي يُؤطَّر فيه الأفراد على اختيار طريق العطاء، ونهج التعاضد والوحدة، ليصبح ذا حصانة اجتماعية. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
“مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

هوية المكان… سفراء القرى والمدن

من عناصر الهوية الانتماء لبلدك. حين تُسأل: “ما اسمك؟” تُجيب باسمك وتضيف بلدك، لتصبح ممثلًا وسفيرًا لها.
أذكر أنني زرت صديقًا في حيفا، وهو محاضر كبير في جامعة حيفا، فأخبرني بفخر عن شخص من سخنين يعمل معه، ووصفه بأنه “سفير سخنين”. هذا ليس غريبًا عن أهل سخنين الذين يتركون بصمة طيبة في كل مكان.

دعوة إلى العمل المشترك

أدعو أهلنا في القرى والمدن العربية لأن يكونوا سفراء لمجتمعهم، وأن يحوّلوا بلداتهم إلى أماكن يطيب العيش فيها. نستثمر جهودنا ومواردنا في البناء، لا في الاستنزاف أو العيش في حالة طوارئ دائمة.
لنتوحد على أهدافنا المشتركة، ونتحاور فيما نختلف عليه، ونعزز التسامح، ونتقبل بعضنا البعض، ونتبنى النقد البناء الذي يهدف إلى التصحيح والتحسين.

مرجعية وقيم متوارثة

علينا أن ننقل التراث القيمي إلى أطفالنا وأحفادنا، وأن نحافظ على مرجعية مجتمعية. ما زلت أذكر أنه في الماضي، عندما كانت تحدث مشكلة، كان أهل الخير يتدخلون لحلها حتى ساعات الفجر. أما اليوم، فأخشى أننا وصلنا إلى مرحلة قد لا “يُمون” فيها بلد على شخص.

خاتمة

نعمل ونأمل الخير لمجتمعنا، فلا نملك مجتمعًا آخر ولا وطنًا آخر. وكما قال محمود درويش: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.