التعليم هو الحصن المنيع والسور الواقي لمستقبل أجيالنا

كتبت في الماضي عدة مقالات حول أهمية التعليم وإصلاحه ايمانا مني ان التعليم هو اكسجين الحياة للأنسان ومخرجه من الظلمات الى النور , وله أهدافا أخرى متعددة، أهمها تحقيق المعرفة والبوصلة الموجهة للاتجاهات السوية للإنسان وإكسابه المهارات المختلفة في الحياة؛ من أجل صياغة وتكوين الشخصية السوية وبناء الإنسان الصالح المنتج البعيد عن ارتكاب الجرائم ، وان تقدم الشعوب والمجتمعات مرهون ومرتبط بالتعليم , وتلك هي الغاية من التربية والتعليم .
الدول المتطورة تنفق على التعليم ما يفوق إنفاقها على المجال العسكري , لأنها تعتبر التعليم ضمان امن المجتمع واستمراره ¸ودائما تسعى هذه الدول على تطوير أنظمتها ومناهجها التعليمية ؛ وهذا ما ينقص في مدارسنا العربية في البلاد , للأسف المناهج التعليمية في مدارسنا لا تلائم وتتمشى مع متطلبات العصر , وبسبب عدم اهتمام وزارة المعارف بتطوير المناهج التعليمية وتعينها احينا لبعض المعلمين الذين لا يحملون المؤهلات لمهنة التدريس المقدسة , كانت النتائج وللأسف لا ترقى إلى مستوى الطموح. حيث يتخرج الكثير من الطلاب من المدرسة الثانوية دون تحقيق الحد الأدنى من المهارات الأساسية في الكتابة والقراءة والحساب، فضلا عن تحقيق غايات التعليم في بناء الإنسان في كل مجالات الحياة، وما يناط به من الإعداد للمهن وبناء الاتجاهات الإيجابية وإكسابه السلوكيات الصحيحة بما يؤهل الجميع للاندماج في المجتمع وتحقيق المواطنة الصالحة وعمارة الحياة. فالتعليم هو أساس التنمية ومفتاح التقدم وأداة النهضة ومصدر قوة المجتمعات وتعثر العملية التعليمية يجعل المجتمع غارقا في الجهل والمشاكل الاجتماعية فالكثير من شبابنا يبحثون اليوم عن الربح السهل بالاتجار بالممنوعات على أنواعها وهذا فشل تربوي فاضح للتربية الاسرية والمدرسية .
وبسبب ما ذكرته أعلاه يصبح إصلاح التعليم في مدارسنا لزاما علينا ومن أهم القضايا لمجتمعنا ويجب ان يكون في اول سلم الافضليات لسلطاتنا المحلية ولجنة المتابعة ، ولجنة أولياء الأمور ويشترك فيه الجميع، فبهذا الإصلاح نكون أو لا نكون في عالم قوي متجدد، وأصبح من الأهمية بمكان وجود شراكة حقيقية بين جميع مؤسسات المجتمع للنهوض بالتعليم، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الجميع شريكا حقيقيا في صياغة أهدافه والإسهام في تطويره وتقويم مخرجاته بشكل منظم ومستمر، وذلك يتطلب تغيير النظرة التقليدية حول التعليم من أنه مسؤولية الدولة والجهات الرسمية فقط، إلى أنه قضية مجتمعية وقومية وتوعوية من الدرجة الأولى، تحتاج إلى دعم ومشاركة كل شرائح المجتمع.
ومن أجل تحقيق الأهداف الأساسية للتعليم ، فإن هناك ضرورة بالغة للاهتمام باختيار أدواته الأساسية، إذ ينبغي ترشيح المعلمين وفق معايير مهنية ، بالإضافة إلى توفير البيئة والأجواء المدرسية المناسبة، والانتقال في أساليب التعليم من التلقين إلى تنمية القدرات العقلية وتشجيع الابتكار والإبداع للطالب ، كما أن ذلك يتطلب المراجعة المستمرة لمناهج التعليم وتطويرها بما يتلاءم مع متطلبات العصر المتسارعة، والبحث عن أفضل الطرق والوسائل التعليمية التي تحقق أعلى مستويات التعلم والاستفادة ، وتشجيع البحوث العلمية التي تكشف واقع التعليم، وتعالج مشكلاته، ونشر ثقافة الجودة، وتكثيف البرامج التدريبية في المؤسسات التعليمية، والعمل على تفعيل المنهج الحديث الذي لا يكتفي بالكتاب المدرسي، ويعمل على استخدام مصادر متعددة للتعلم، ويركز على تفاعل عناصر البيئة التعليمية بما فيها المعلم.
كل تلك الإجراءات من شأنها بناء شخصية الطالب المتزنة وتهيئته لمراحل ما بعد انهائه المدرسة الثانوية ، سواء في الجامعة أو العمل وتهيئته للحياة من اجل مستقبل افضل .
الدكتور صالح نجيدات