الرئيسية قصة

غَيْرة- قصة للأطفال

زهير دعيم
نُشر: 12/08/25 14:44
غَيْرة-  قصة للأطفال

كثيرًا ما سأل أمجد الصّغير أمّه معاتبًا :

متى سيأتي أخي جميل يا أمي ، إنّني أشتاق إليه ؟

وتضحك الأمّ قائلة : قريبًا يا بُني ، عندما يريد الله فهو الذي يعطي....وتضيف ضاحكة : أتمنّى أن لا تندم ، وأن تُحبّه فعلا.

ويصيح امجد : بالأمس قلتِ لي قريبًا ، متى يأتي " قريبًا " هذا.

ويرفع امجد عينيه نحو السماء وهو يقول : أرجوكَ يا الله ، أرسل أخي سريعًا  فنحن نشتاق اليه ونرغب بمجيئه.

وتبتسم الأُمّ ابتسامة خفيفة وهي تنظر الى صغيرها ابن السّادسة بحنان

وجاء " قريبًا" ...وجاء معه جميلٌ الطفل الصغير ،  الطّفل الملاك ، " النغنوش " ...جاء وجاءت مَعَهُ الفرحة .

وعاد أمجد من صفِّ البُستانِ في ذلك اليوم متلهفًا لرؤية أخيه العائد منَ المَشفى ، ليجد العائلة كلّها تلتفّ حوله تلاعبه وتراقبه وتباركه. .

فها هي الجدّةُ أميرة تحملُهُ برفقٍ وتُقبّله وهي تقول :

ما أحلاك ... ما أغلاك يا أروع ملاك .

وتناغيه الخالة وداد :  أغّو ... أغّو يا حُلو ، يا قَمَر ، أغّو  يا بهجةَ النَّظَر .

  وتُزغردُ العمّةُ وفاء فَرَحًا .

ويبتسم امجد من بعيد ؛ يبتسمُ ابتسامةً باهتةً ، ثمّ يبتعد قليلًا وهو يراقبُ المشهدَ ويقول في نفسِه : " جميل شو ؟ وين الجَمال  ؟ لا شَعَر على رأسه ولا أسنان في فمه ، فماذا يُحبّون به يا تُرى ؟!!

فتنتبه الأم وتقوم إليه تعانقه:

أنتَ أنتَ الأمير يا أمجد، أنت الحُلُو فعلًا .

أنتَ الكبيرُ الذي سيساعدني عندما يستحمّ أخوك .

وتمرّ الأيامُ والفصولُ وجميل يكبر وينمو ويناغي ، وأمجد ينطوي على نفسه، وقد قلّت شهيته للأكل ، وأضحى يبكي في كلّ صباح ، إنه لا يريد أن يذهب إلى المدرسة ، وفي كلّ يوم هناك حجّة وسبب ، فبالأمس أحسّ بوجعٍ في بطنه ، واليوم في رأسه . حاولت الأم إقناع صغيرها أنّها تحبّ الاثنين ، بل تحبّه أكثر لأنه الكبير وخفيف الظّلّ.

 وفي احدى الأُمسيّات أدخلت الأم امجد لينامَ في غرفته بجانب أخيه جميل ، وأوصته أن يُصلّي كما يفعلُ في كُلِّ مرّة .

 ووقفت عند الباب تُراقبه .

فشبك امجد يديه الصغيرتين وصلّى ببراءة :

 أرجوك يا ربّ ...أرجوكَ أن تأخذ اخي جميل  ، إنّنا لا نريده...إنه يُغلّبنا...خذه أرجوك.

وسحّت الدموع من عينيه..

ثُمّ ما لبث أن قامَ واتجه  نحو سرير أخيه ، وقلب الأُمّ يخفقُ بشدّةٍ وقالت : " دَخيلَك يا ربّ " .

واقترب أمجد من أخيه الذي كان على وشكِ النّوم فإذا به يبتسم له ويقول بلثغة جميلة : أ. م . ج . د. " بَحبَّك "

فارتمى امجد عليه وراح يُقبّله ويُداعبه :

جميل ؛ حبيبي جَميل ، حبيب أخي .وركع امجد من جديد ، ورفع عينيْهِ نحو العّلاء :

 أرجوكَ يا ربّي ، احفظهُ لنا أرجوك ...انّني أُحبّهُ .

 واجهشتِ الأُمّ بالبُكاء ؛ بكاء الفرح ، وراحت تُقبّل أمجدَ تارةً وجميلًا أُخرى.