خذلان المروءة بقلم: غزال أبو ريا

خذلان المروءة
بقلم: غزال أبو ريا
في جلسة جمعتني بعدد من الأصدقاء، أصغيت إليهم وهم يروون تجاربهم القاسية، حيث خُذلوا من أشخاص كانوا لهم سندًا في يومٍ ما.
قال أحدهم:
“كنا لهم ظهرًا، وقفنا معهم في الشدة، دعمناهم، آمنّا بهم، وفتحنا لهم أبوابًا ما كانوا ليعبروها وحدهم… لكنهم، حين اشتد عودهم، أداروا لنا ظهورهم، بل نكروا المعروف وكأن شيئًا لم يكن.”
وتابع آخر:
“الخذلان ما بيوجع من ناس غريبة، الوجع لما يجي من ناس ربيتناهم على كفوف الراحة… هذول الناس – كما نقولها بالعامية – بقطعوا المروءة من الناس.”
أصغيت وأصغيت… ثم قمت بعملية انعكاس لما قالوه. لم أتسرع في الحكم، بل تركت كلماتهم تنضج داخلي. أدركت أنني لا أملك تغيير ما جرى، لكنني كنت مدركًا لِما عليَّ فعله: أن أسمعهم، وأحتوي خيبتهم، وأذكّرهم أن المروءة الحقيقية لا تقطع، حتى إن قطعها غيرهم.
⸻
رسالتي لكم، يا من خُذلتم ولم تخذلوا:
اعلموا أن الوفاء لا يُقاس بردّ الجميل، بل بنقاء النية وصفاء القلب. أنتم لم تخسروا شيئًا حين كنتم أصحاب مروءة، بل غيركم هو من خسر حين تخلّى عنها.
لا تسمحوا لخذلان الآخرين أن يطفئ فيكم ضوءكم. استمروا في أن تكونوا كما أنتم: أوفياء، نبلاء، لا تفعلون الخير انتظارًا لردّه، بل لأن الخير جزء منكم.
وصدق من قال:
“كلُّ إناءٍ بما فيه ينضح، فكونوا أنتم الينبوع الصافي، وإن تعكّر ما حولكم.”