إليكَ رفعتُ صلاتي

إليكَ،
لا لأنّي فقدتُ الرجاء،
بل لأنّي ما عدتُ أؤمن بعدالةِ البشر.
رفعتُ صلاتي إليكَ،
وأنا أعبرُ بينَ الخرائبِ،
والنوافذِ المكسورةِ،
وأضرحةِ من قالوا لا
فسُحِقوا تحتَ أكفِّ الطغاة.
صلاتي ليستْ ترتيلاً،
ولا تسابيحَ راهبٍ
نذرَ الصمتَ في ديرٍ ناءٍ،
بل شهقةَ أمٍّ
تُلملمُ بقايا ابنها من الرماد.
إليكَ رفعتُها،
وأنا أستجيرُ بكَ من وطنٍ
صارَ فيهِ الحُبُّ خيانة،
والكلمةُ طلقة،
والصمتُ جريمة.
يا ربّ،
علّمني أن أغفر
ولا أنسى،
أن أحبّ دون أن أنكسر،
وأن أمشي على الماء
دون أن أبلّل قلبي بالخوف.
رفعتُ صلاتي،
حين ضاقتِ الأرضُ عليّ
كما ضاقتْ على يونس،
لكنني لم أبتلعْ
بل ابتلعني التيهُ
في عواصمَ منسيةٍ
تتفاخرُ بصلبانها
وتنسى المصلوبين.
إليكَ رفعتُها،
إن كنتَ حقًّا ترى،
فامنحْنا طهرَ السجود،
لا سيفَ الجنود،
وامنحْنا وقتًا لنقولَ لبعضنا:
“سلامٌ عليك”،
لا “ابتعد عن وجهي، فأنتمي لطائفةٍ أرقى!”
إليكَ رفعتُ صلاتي،
ليس لتمطرَ علينا السماءُ خبزًا،
بل لتُعيدَ للإنسانِ بعضًا من ملامحه
التي دفنها العار