كثيرا ما ذكرت في مقالاتي اني لا اهضم ولا أميل الى استخدام تسمية "عرب إسرائيل" على الفلسطينيين الذين ظلوا في البلاد بعد نكبة 1948 وتأسيس دولة إسرائيل، وأستخدم في كتاباتي تسمية "فلسطينيّو الـ 48" لأن التسمية "عرب إسرائيل" من ناحية منطقية غير صحيحة، فعندما نقول "عرب إسرائيل" فهذا يعني وجود فلسطينيين وغير فلسطينيين، وهذا غير صحيح. لكن لا مجال للشك في ان التسمية لها بعد سياسي، لا مجال للخوض فيه الآن خصوصا ورقابنا تحت سيف قانون الطوارئ.
أقول دائما في نقاشات حول موضوع العنف في مجتمعنا العربي: يا ليتنا نكون من المتفوقين في التربية والثقافة مثل تفوقنا في عالم القتل. فهل أصبح فلسطينيّو الـ 48 عنوانا رئيسا لتفشي الاجرام والعنف؟ وهل سيصل مجتمعا الى مرحلة انعدام أمن اجتماعي؟
في مطلع شهر يونيو/حزيران الفائت أصدرت " جمعية مبادرات إبراهيم" بيانا قالت فيه انه تم تسجيل سقوط 88 ضحية في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام من جرّاء إطلاق النار والطّعن في ظروف متعلقة بالعنف والجريمة وفي الفترة المقابلة لعام 2023 كان عدد الضحايا 86 ضحية. تقدم ملحوظ وإن كان قليلا لكنه يسجل في ازدياد حالات القتل.
الأمر المستغرب ان المتحدث باسم الشرطة وبعد نشر بيان جمعية مبادرات إبراهيم، سارع الى اصدار بيان في الثاني من شهر يونيو /حزيران كما ورد في موقع " كل العرب" جاء فيه: ان "شرطة إسرائيل تواصل نضالها الحازم بلا هوادة ضدّ ظاهرة العنف والجريمة في المجتمع العربيّ، وكلّ ذلك في إطار نشاط تطبيق المسار الآمن الأخضر". وأتحفنا المتحدث بكلماته بقوله:" شرطة إسرائيل تواصل هذا النضال الحازم، الذي يهدف إلى اجتثاث مرتكبي الجرائم من الشارع العربي، مع ضبط كمية كبيرة من الوسائل القتالية والأموال التي تم الحصول عليها من أعمال إجرامية. "
ولكن ما الذي حدث بعد اصدار البيان والحديث عن اعتقالات اشخاص وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر ووعود بإحلال الامن والأمن في المجتمع العربي؟ لا شئ بل على العكس من ذلك ازدادت حالات الاجرام. اسمعوا ما يقوله روي كحلون، رئيس الفريق في مكتب رئيس الوزراء لتنسيق مكافحة الجريمة في المجتمع العربي عن الوضع الحالي في المجتمع العربي: "إن دولة إسرائيل فقدت الحكم وأن المنظمات الإجرامية سيطرت على المجتمع العربي وأصبحت هي السلطة القانونية والتنفيذية عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التحكيم؛ إنهم يديرون نظاماً من الخاوة والابتزاز”. حسب رأي كحلون.
وتأكيدا لما قاله كحلون فقد جاء في البيان الصادر في الثلاثين من الشهر الماضي عن "مركز أمان- المركز العربي للمجتمع الآمن" ان "هذه الحكومة تحولت من مرحلة التقصير إلى مرحلة الانكسار في أداء واجبها أمام وحش الجريمة، وحالة الانفلات الّتي يشهدها مجتمعنا".
وأخيراً... ما نقرأه يوميا في عناوين اعلامنا العربي: مقتل شاب، وفاة شاب متأثرا بجروحه، مقتل شاب بإطلاق نار، جريمة قتل مزدوجة، تعرض شاب لإطلاق رصاص، شاب يتعرض للطعن، وعناوين مشابهة أخرى. فهل اقتربنا من مرحلة انعدام الامن الاجتماعي، أو أصبحنا نعيشها؟