مقال بقلم منصور عباس: لنا دورنا ولهم دورهم. لن تجد كلّ ما تريده في حزب واحد!
تصلني رسائل وتوجّهات حول منشوري السابق، والّذي قلت فيه: على المواطن العربي أن يصوّت للأحزاب العربية.
هناك من رأى هذا القول إيجابيًّا جدًّا، وهناك من طلب توضيح هذا التوجّه نظرًا للخلافات القائمة واختلافات وجهات النظر، وعلى هذا أقول:
لنقارن المنافسة الحزبيّة فيما بيننا بالمنافسات المحلّيّة والعالميّة. في أمريكا- على سبيل المثال- هناك تيّاران مركزيّان، جمهوريّون وديمقراطيّون، جميعهم أمريكان، يتنافسان ويتّفقان في نهاية المطاف على مصلحة أمريكا. الأحزاب اليهوديّة في إسرائيل تتنافس بشراسة بين يمين ومركز ويسار وتقسيمات أخرى، ويتفّقون جميعهم على مصلحة المجتمع اليهودي. وكذلك في معظم دول العالم. وهذا ما يجب أن يكون فيما بيننا كعرب في هذه البلاد، حيث نتنافس كأحزاب عربيّة، لكن نتّفق جميعًا على مصلحة المجتمع العربي.
البرلمان هو ساحة واحدة من عدّة ساحات يمكن أن تخدم فيها مجتمعك، وقد ذكرتُ ذلك في منشوري "دورنا الأهم" حين تطرّقت لأهمّيّة تقاسم الأدوار بين الميدان والبرلمان، بحيث يقوم كلٌّ منّا بدوره من خلال موقعه، وجئت بمثال عن مؤسّسات الحركة، وكيف أنّها تقوم بدورها في الميدان وتقوم الموحّدة بدورها في البرلمان، الأمر الّذي يُحدث توازنًا وتكاملًا.
بذات المنطق، يمكننا أيضًا كأحزاب عربيّة أن نُحدث توازنًا وتكاملًا سياسيًّا. فكما أنّنا اخترنا دورنا وأسلوبنا ورأينا كيف أصبح نهج التأثير ضروريًّا لحلّ قضايا مجتمعنا، كذلك من حقّ غيرنا من الأحزاب العربيّة أن يأخذ دوره بالطريقة والأسلوب الّذي يراه كلّ حزب مناسبًا له، ليُمثّل به شرائح وآراء أخرى من المجتمع العربي.
قال لي أحدهم: "في مجتمعنا هناك من يؤيّد الدخول للائتلاف وهناك من يعارض، هناك حتى من يؤيّد الترشّح والتصويت للكنيست وهناك من يعارض، هناك من يتّفق أحيانًا مع أسلوبك في مخاطبة الآخر وهو نفسه قد يعارض نفس أسلوبك في موقف آخر وتوقيت آخر نظرًا لأحداث طارئة قد تكون لامست مشاعره، هناك من يريد أن نذهب لنقول موقفنا مهما كانت النتيجة وهناك من يريد أن نقول موقفنا بعقلانيّة أكثر. ولا يمكن أن تتوفّر كلّ هذه المواقف والآراء في حزب واحد أو في تيّار واحد". أنا اتّفق معه، وأرى قوله يلخّص الحال بدقّة.
علينا أن نعلم أنّ التعدّديّة وتقبّل وجود الرأي الآخر وتقسيم الأدوار هي شروط أساسيّة لنهضة مجتمعنا، وعلينا أن نعلم أنّ اختلافاتنا قد تكون قوّة نجهلها، لهذا أعود لأقول مجدّدًا: نحن مختلفون في كثير من التوجّهات والآراء، وكلٌّ منّا يمثّل فكرًا اجتماعيًّا وسياسيًّا مختلفًا عن الآخر، لذلك من الطبيعي أن نتعارض ونختلف سياسيًّا وننقسم إلى أحزاب، ومن المطلوب منّا أن نعمل ونتكامل من أجل مصلحة مجتمعنا. لكن بغضّ النظر عن الاختلافات بيننا كأفراد وكأحزاب، إذا أردت أن ترفع من شأن العرب في المعادلة السياسية الإسرائيلية، عليك بالتصويت للعرب.