أنهى الشيخ طراد الفايز، القاضي العشائري الأردني، زيارته الأولى لفلسطين وأراضي الـ48، وعاد اليوم إلى بيته في الأردن، بعد فشل مساعيه للإصلاح بين عائلتي الجعبري والعويوي في الخليل، بعد اختيار العائلتين للتحكيم الملزم فيما بينهما.

وفي لقاء خاص بموقع وصحيفة "كل العرب" قال القاضي العشائري الفايز: "هناك امتداد تاريخي قديم بين قبائل الأردن والقبائل البدوية في النقب، وعلاقات قديمة تمتد إلى ما قبل الحكم الهاشمي وإلى الفترة العثمانية، ونحن وهم عائلات متداخلة وهناك صهر ونسب وحتى تبادل الخيل، وعلاقتنا معها علاقات جيدة – ولم تكن أبدا مشاكل بين بدو بئر السبع وبين بني صخر والقبائل الأردنية، بل بنيت العلاقات على الود والاحترام فيما بينهم".
وحول آفة العنف في أراضي الـ48 والضفة الغربية، قال الفايز: "المشاكل في الضفة الغربية والـ48 – خاصة بدو السبع – هي مشاكل ممنهجة لم تكن وليدة الساعة، بل هي ناتجة عن مخطط لنسف هذه القبائل وهذه العشائر من مكانها. أما بالنسبة للضفة الغربية فيقف خلفها الاحتلال وعملاء الاحتلال لكي يفتتوا الشعب الفلسطيني، لتنعم إسرائيل بالأمن والأمان، وحتى يقول العالم إنّ هذا الشعب الفلسطيني لا يستحق الحكم، لأنهم يقتلون بعضهم البعض. حتى في عصر الجاهلية لم يحصل مثلما نراه اليوم في الخليل والضفة والنقب والداخل الفلسطيني".
وتابع قائلا: "أنصح الأيادي البيضاء والوجهاء وشيوخ العشائر والقضاة العشائريين وكل من له باع في هذه العملية، المسارعة إلى رأب الصدع ووأد الفتنة، التي تأكل الأخضر واليابس وتمتد من هنا إلى الأردن، لأن في النقب عشائر لها امتداد في الأردن، فنجد القديرات والتياها والعزازمة والترابين – فكل العشائر لها امتداد في الأردن مع حفظ الألقاب والأسماء. لا يوجد قبيلة في السبع أو النقب إلا ولها جذور في الأردن. أحذر من هنا أن المحرقة في الضفة الغربية وفي بئر السبع ستنتقل لا سمح الله إلى الأردن، وبالتالي نطلب من الأخوة – الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر - أن يوقفوا الفتنة ويجمعوا الصف ولا يكونوا كالذين يصبون الكاز على النار.. وحتى نجسد مقولة رسول الله عليه الصلاة والسلام، يجب أن نحرم القتل فهو خطيئة، فمن قتل مؤمنا كأنه قتل الناس أجمعين ومن أحيا نفسا وكأنه أحيا الناس جميعا".

التحكيم بدل الصلح

هذا، وبعد أشهر من الخلافات المسلحة بين عائلتي الجعبري والعويوي في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، تم التوصل إلى قرار التحكيم بين العائلتين، بعد رفضهم قرار الصلح خلال الفترة الماضية.
ووفقا للقاضي العشائري الأردني الشيخ طراد الفايز، فإن المناقشات والمباحثات والاستماع للعائلتين التي استمرت عشرة أيام، توصلت لقرار التحكيم بناء على طلبهما.
وأوضح أن القرار سيصدر من القضاء العشائري مبينا أنه سرّي إلى حين إصدار الحكم النهائي. وشدّد على أن قرار التحكيم سيكون ملزما للطرفين، بعدما توافقوا على اللجوء للتحكيم.
ووصل القاضي العشائري الأردني الشيخ طراد الفايز، كبير شيوخ قبيلة بني صخر، قبل أسبوعين وتوجه إلى مدينة الخليل لحل المشكلة بين العائلتين، بناء على توجيه من عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني. إلا أن مساعيه باءت بالفشل.
وتجدر الإشارة إلى أن "التحكيم العشائري"، عبارة عن إصدار حكم من قبل القاضي العشائري بعد الاستماع لكافة تفاصيل القضية من قبل الطرفين ويكون بشكل سري وملزم للطرفين.
وهذه أول زيارة لقاضي عشائري أردني إلى فلسطين”، للمشاركة في حل النزاع العشائري بين عائلتي العويوي والجعبري، المشتعل منذ أكثر من عام، وأخفقت مجموعة من المبادرات في حله.

احتفاء ملوكي

وقد تمّ استقبال الشيخ طراد الفايز استقبالا ملوكيا، حيث احتفى به الآلاف من العرب البدو في النقب والرملة. وأكد خلال خطاباته تغيير تفكيره عن العرب-البدو بصورة جذرية، بعد أن رأى كيف يحافظون على أراضيهم وقراهم، بالرغم من عدم وجود الماء والكهرباء والبنى التحتية، وأشار إلى أنه يحرّم توجيه الأسلحة للأخوة بينهم وبين بعض، معبرا عن أسفه من آفة العنف المستشري في الجليل والساحل والمثلث والقدس والضفة الغربية.
وكان الشيخ الفايز في استضافة عشيرة أبو ربيعة، وعائلة العمور في بلدة كسيفة، وأبو سبيت في حورة، وأبو نادي في وادي الخليل، وزنون العزازمة في وادي النعم، وعشيرة الهزيّل في رهط، والجاروشي في الرملة. وقام أيضا بزيارة خاصة لرئيس اللجنة المحلية لقرية صووين مسلوبة الاعتراف حيث استضافه خالد الأصلع ممثلا عن العائلة وعشيرة الأعسم وبات ليلته في القرية وفي اليوم الثاني وصل إلى الجليل. وقد أنهى زيارته أمس الأحد ضيفا على عشيرة أبو القيعان (القواعين) في حورة، في مهرجان شارك فيه نحو 3500 شخص من كافة أنحاء البلاد، على رأسهم الشيخ الدكتور عكرمة صبري.