أوروبا ترمي بثقلها في أزمة سد النهضة/ بقلم: فاضل المناصفة

فاضل المناصفة
نُشر: 01/01 19:07

جاءت دعوة السفير الإثيوبي في أمريكا لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة مع الطرفين المصري والسوداني لتفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول توقيت الدعوة وعلاقتها بالموقف الأوروبي الأخير الصادر في بيان مجلس الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي الذي وصف أهمية الوصول لاتفاق مقبول وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي ب "الأولوية القصوى"، وهو ما قد يشير الى أن الاتحاد الأوروبي قد بدأ بممارسة ضغط على إثيوبيا فيما يخص قضية السد بما يخدم مصالح القاهرة على اعتبار أنها تعتبر شريكا استراتيجيا مؤثرا في قضايا المنطقة، إضافة الى انضمامها مؤخرا الى الاتفاقية الثلاثية المبرمة في مجال الغاز الذي سيمكن من تعويض نحو 10% من الغاز الروسي إلى أوروبا ، بينما ذهبت بعض التحليلات في سياق مغاير واصفة الدعوة الإثيوبية بالمراوغة السياسية ومحاولة لكسب الوقت .
عقد من الزمن عرف مسارا شاقا من المفاوضات بين التعنت الإثيوبي والإصرار المصري على ضمان أمنها المائي دون أن يؤدي ذلك الى المساس بحقوق إثيوبيا في التنمية، وبالرغم من دخول القضية الى التدويل والوساطات استمر الطرف الإثيوبي في التهرب من اجراء اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملأ وتشغيل السد تدعو له القاهرة لضمان حصتها من النيل وترى في ذلك تقويضا لسيادتها، وحتى مع الضغط الأمريكي على اديس ابابا ومنع المساعدات المالية استمرت إثيوبيا بالمكابرة والعناد، الامر الذي جعل الرئيس الامريكي السابق ترامب لا يستبعد أن توجه مصر ضربة عسكرية للسد مع ايحاء بأن الإدارة الامريكية ستغض الطرف عن ذلك .
ان وصف الاتحاد الأوروبي لملف السد ب " الأولوية القصوى " يؤكد أنه استشعر بالخطر الوجودي الذي تبديه مصر خاصة بعد اعلان اديس ابابا في الشروع عن التعبئة الثالثة بعد شهرين والذي قد يؤدي الى مالا يحمد عقباه خاصة وأننا نتحدث عن أمن مصر القومي الذي أصبح في المحك بعد تعثر كل قنوات الحوار والمفاوضات مع الطرف الإثيوبي، ومع حاجة أوروبا الى الدور المصري في ملف الغاز أصبح من الضروري توسيع دائرة الضغط على إثيوبيا والزامها باحترام الاتفاقيات المبرمة بينها وبين مصر أمرا لا يحتمل التأجيل.
وصول ملف سد النهضة الى طريق مسدود ومرحلة حاسمة مع قرب الملأ الثالث، يرجح أن وساطة الاتحاد الأوروبي ستنجح هذه المرة، لما لهذا الأخير ثقل كفيل بأن يشكل وسيلة ضغط على اديس ابابا فيما يخص ملف إقليم تيغراي حيث أنها تملك ملفات ثقيلة عن انتهاكات فظيعة حصلت في الإقليم قد تورط رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وتقوده الى محكمة العدل الدولية بشأن ارتكاب جرائم تطهير عرقي، وقد أشار الاتحاد الأوروبي مؤخرا الى بعض النقاط الحساسة في ملف تيغراي على لسان المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز لينارتشيتش، حيث اتهم الحكومة الإثيوبية بممارسة حصار على الإقليم الأمر الذي حال دون وصول الغداء المتكدس في المستودعات، ومن هنا استشعرت الحكومة الإثيوبية أن التقارب المصري الأوروبي وقوة علاقات مصر مع المنطقة الخليجية وتحديدا مع السعودية سيكون له وقع كبير على ما يجري في تيغراي وسيستمر في تسليط الضوء على الانتهاكات التي تحصل اذا استمر التعنت الإثيوبي في ما يخص ملف سد النهضة وسيجبرها القبول بالمضي في الاتفاق مع مصر على مضض .
انقلب السحر على الساحر وأصبحت إثيوبيا ملزمة أكثر من أي وقت مضى على انهاء أزمة السد، لأنها تدرك بأن ملف تيغراي قد أفسد الطبخة وأن الطريقة الوحيدة لتفادي تدويله قد تبدأ بتقديم تنازلات يريدها الاتحاد الأوروبي لإرضاء مصر بعد أن أصبحت محطة مهمة في مسار نقل الغاز الى أوروبا، ولا يستبعد أن يتم الإعلان في الأسابيع القادمة عن ترتيبات لمفاوضات يرعاها الاتحاد الأوروبي بين إثيوبيا و مصر والسودان تنهي ازمة طال انتظار حلها .

  المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة