نهجان متناقضان متضادان مُختلا التكافؤ يسودان ويتعاركان في منطقة الشرق الأوسط-السفير منجد صالح
ضربت المقاتلات الحربية الإسرائيلية المُعتدية ليلة أمس وليلة أوّل أمس وليلة أوّل أوّل أمس مطار "تي فور" قرب حمص، وفي محيط دمشق العاصمة، وتدمر في الاراضي العربية السورية المستقلة ذات السيادة، الخالية من ذوي اللحى السوداء والمحمرّة، الدواعش ومشتقاتهم وتفرّعاتهم وأخواتهم من جبهة النصرة وأحرار الشام والجيش السوري الحر، وتنظيمات أخرى دخيلة لم نعد نذكر أسماءها وإنتماءاتها وربما إندثرت بفعل عوامل التعرية و"المدّ والجزر" بين القوى المُتصارعة والمتقاتلة وتبدّل الولاءات والخوذ العسكرية ونوعية السلاح.
المنطقة خالية من جميع اللحى المذكورة، اللهمّ إلا من اللحى المشذّبة اللطيفة المُستضافة بكل حفاوة من قبل الدولة السورية، والمكروهة جدا من قبل دولة الكيان الإسرائيلي، التي ترى فيها تهديدا لكيانها وحدودها ووجودها و"مربط خيلها" وحظائر عُجولها وخرافها وقنن دجاجها!!!
وكان هناك جدال جدّي وهام ومشروع حول الطريق الجوّي الذي سلكته وتسلكه الطائرات "الملعونة" المُعتدية على ثرى بلاد الشام العزيزة.
فقد أخبرونا بأن الطائرات المُغيرة جاءت من فوق الأراضي العراقية؟؟؟ طيُب يا سيدي، بارك الله فيكم لهذه المعلومة العسكرية الامنية التكتيكية الاستراتيجية القيّمة!!!
أضاف مصدر آخر أكثر دقة و"فصاحة" بأن الطائرات العدوانية المُعتدية المُغيرة إذا ما جاءت من جهة العراق فانها بالضرورة كانت قد إخترقت المجال الجوّي الأردني حتى تصل للمجال الجوّي العراقي واخيرا للسوري!!!
والله هيك مع هالدقّة في تتبُع خطّ سير الطائرات الصهيونية المّعتدية طمّنتونا يا جماعة الخير!!!
طيّب، وبعدين؟؟؟!!!
الطائرات المّغيرة أصابت أهدافها بأربعة صواريخ، (أطلقت أكثر من أربعة ولكن المضادات الارضية السورية إعترضتها).
دمّرت مخازن اسلحة "للمستشارين الإيرانيين" في القاعدة أو المطار. لم يسقط قتلى أو جرحى والحمد لله رب العالمين. لكن الطائرات عادت الى قواعدها كما إنطلقت. لم تصب أية طائرة بفعل النار السورية المضادة.
على فكرة يا جماعة، هل تذكرون بأن سوريا لديها منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز أس 300 إقتنتها من روسيا قبل أعوام، ولكن يبدو أنها لا ولم تستخدمها حتى الآن.
كان الخبراء العسكريّون قد أخبرونا بأن هذه المنظومة قادرة على إسقاط الطائرات الإسرائيلية فور إقلاعها من قواعدها في فلسطين المُحتلة!!!
فأين هي هذه الصواريخ؟؟؟
لو كانوا إشتروها في الصيف وخبأوها للشتاء، فقد مرّ عليهم شتاءين أو ثلاث، ولوكانوا إشتروها في الشتاء لإستخدامها في الصيف فقد مرّ عليهم صيفين أو ثلاث أيضا، وبينهما مرّ ربيعين أو ثلاث وخريفين أو ثلاث!!!.
لقد نفذت الفصول الأربعة مرّتين أو ثلاث ولم نسمع عن إس 300 يّطيح ب إف 16، ولا يوجد فصل خامس بعد الفصول الأربعة إلا إذا، وعلمها عند الله، سننتظر توقيتهم المناسب في الزمان والمكان المناسب، حتى يردّوا!!!
إنطلق صاروخ أو قذيفة أو "شمروخ" من الألعاب النارية من غزة نحو "غلاف غزة"، أي إلى المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع المحاصر، الذي يحوي في أحشائه الضيّقة مليوني فلسطيني، يعيشون بنصف كهرباء ونصف غذاء ونصف دواء.
الصاروخ إنطلق بصورة مقصودة وربما عن طريق الخطأ، من يدري؟؟؟ فالصواريخ تُطلق عن طريق الخطأ.
لكن إسرائيل ردّت فورا، أوّلا بطائرة مسيّرة وبعدها بطائرات حربية من طراز إف 16، وضربت بناية "السفينة"، مقر المخابرات سابقا ودمّرته، وضربت مواقع للمقاومة في شمال قطاع غزة وفي جنويه.
أحدثت دمارا وخرابا ورعبا وربما خسائر بشرية، مع أن "الصاروخ" المُرسل من قطاع غزة الى جوار المستوطنات لم يُحدث إلا حفرة صغيرة في أرضٍ خلاء.
إذن يا سادة يا كرام، نحن في حضرة نهجين متناقضين متضادين مُختلا التكافؤ يسودان ويتعاركان في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي ومضيق هرمز:
"نهج مبادر عدواني قوي يردّ فورا وجاهز للردّ في أيّ وقتٍ، يمتلك بنكا من الأهداف في غزة وفي الضفة الغربية وفي سوريا وفي العراق وفي اليمن وحتى في إيران".
"ونهج آخر دفاعي يقوم بردّات فعلٍ أحيانا، وغالبا ما تكون محدودة النجاعة والتأثير. نهج يميل إلى التأجيل والتسويف وسوق وتسويق التبريرات والمبررات والإتكال على الجار وعلى الحليف وعلى الصديق وعلى الظروف وعلى تقلّب الفصول وعلى تبدّل الأزمنة وإنتظار الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وأعاصير حتى تهب على العدو اللعين تقتص منه وتشفي الغليل!!!".
عندما هاجمت اليابان الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر، في نهاية الحرب العالمية الثانية، هجوما إنتحاريا كاسحا، أغرقت فيه عشرات القطع البحرية من الأسطول الأمريكي وقتلت وجرحت مئات الجنود الامريكيين. الولايات المتحدة الأمريكية لم تضع يدها على خدّها تندب حظّها وتنتظر الزمان والمكان المناسبين، وإنّما خلقت المكانين المناسبين فورا، وقامت بقصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيّتين بالقنابل النووية لأول مرّة في التاريخ البشري والعسكري، محدثة دمارا هائلا وموقعة أكثر من ثمانين ألف قتيل وعشرات آلاف الجرحى والمعوّقين الى يومنا هذا.
أنا لا أذكر هذا كعمل بطولي للولايات المتحدة، ولكن كعمل إجرامي فظيع ووصمة عار في جبين الأمريكيين، ولكن لأدلل على أن الدول والأمم والشعوب تردّ على إعتداءات أعدائها.
ألا يوجد في الترسانة السورية أربعة صواريخ فقط؟؟؟ كان الأولى والأحقّ بالجيش العربي السوري، الذي يخوض معارك وحروب داخلية منذ سنوات، أن يقصف قواعد عسكرية إسرائيلية فورا بهذه الصواريخ الأربعة، ردا على قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لمطار تي فور قرب حمص.
"فالغريق لا يخاف من البلل"، على أقل تقدير!!!
"ودُقّ الحديد وهو ساخن".
قال الحق جلّ وعلى في كتابه العزيز:
"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، صدق الله العظيم.
ودمتم بالف خير.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد:
مجموعة تلجرام >>
t.me/alarabemergency
للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >>
bit.ly/3AG8ibK
تابع كل العرب عبر انستجرام >>
t.me/alarabemergency