سامي مرعي علما هاما في تاريخ المجتمع الفلسطيني في إسرائيل
" د. سامي خليل مرعي: الإنسان، الرؤيا، المشروع والإرث الثقافي" من تأليف الدكتور خالد حسني عرار
صدر مؤخراً عن دراسات المركز العربي للحقوق والسياسات مؤلف للدكتور خالد عرار بعنوان " د. سامي خليل مرعي: الإنسان، الرؤيا، المشروع والإرث الثقافي"، وهي الدراسة التي استغرقت 3 أعوام وتخللت دراسة ميدانية شملت مقابلات لشخصيات مفصلية في حياته، أهم دراساته ومنشوراته، وجل ما تعنى به الدراسة الفكر التربوي للمفكر التربوي سامي مرعي، وتتعرج على ظروف نشأته، فكره وأهم ما قاد إليه في ثلاث ساحات أساس: ساحة البحث في قضايا التربية والمجتمع العربي والساحة الجماهيرية، ونضاله المتواصل لإقامة جامعة عربية. وأشار الدكتور يوسف جبارين رئيس مركز دراسات للحقوق والسياسات إلى أهمية الدراسة والحاجة إليها في متن الكتاب: "برز الدكتور سامي مرعي في مرحلة كان فيها الباحثون العرب في البلاد يُعدّون، لربما، على أصابع اليد الواحدة. وكانت له إسهامات مؤسِّسة حول المجتمع العربي، وخاصة في التربية والسياسات، ما زالت بمثابة مراجع تُعتمد إلى يومنا هذا. وتجاوزت إسهاماته البعد المحلوي إذ أنتج أيضًا دراسات هامة في التربية المقارنة.
شخصية تربوية وفكرية
لم يكن الدكتور سامي مرعي باحثًا في التربية فحسب، بل شخصية تربوية وفكرية رائدة. لم يكن همّه بحث وفهم الظواهر التربوية فقط، وإنما تخطاها ليحوّلها إلى آليات عمل. ومما لا شك فيه أن التحديات التي حاول مواجهتها ما زالت ترافقنا إلى يومنا هذا، وإن تغيّرت شكلاً. ومن هنا أهمية هذا الكتاب الذي أنجزه الدكتور خالد عرار مشكورًا، لأنه يوثق ذكرى باحث عربي فلسطيني له إسهاماته ودوره في تطوير العملية التربوية والبناء المجتمعي السليم، ولأنه حاول وضع لبنات أولى لسياسات تربوية. وهنا يكمن أيضا الارتباط مع "دراسات"، المركز العربي للحقوق والسياسات، الذي أقيم منذ عهد قريب وأخذ على كاهله مواجهة العديد من التحديات في مجتمعنا لقضايا تتعلق بالسياسات التربوية، الحكم المحلي، الصحة ومواضيع أخرى، وذلك عن طريق المبادرة لأبحاث مهنية-تطبيقية لا تكتفي بتصوير الواقع وتشخيصه، وإنما تمعن في نقد الواقع وطرح السياسات والبدائل، آملين المساهمة في توفير آليات مهنية لمتخذي القرار العرب، تمكّننا كمجتمع من الوقوف على أرضية صلبة في نضالنا أمام المؤسسة الحاكمة وسياساتها الإقصائية".
سامي متوقد الذكاء
ولقد قدم للدراسة البروفسور الفلسطيني جورج قنازع الذي رافق المرحوم سنوات طوال وعلق على دور سامي بالعبارات التالية: "لقد كان سامي متوقد الذكاء، جريئا على قول الحق، صريحا لا يوارب ولا ينثني، يفكر بسرعة ويبلور موقفه، ثم يقف الموقف الذي يمليه عليه فكره بلا مواربة أو تخاذل".
الحركات الوطنية
وأكد المؤلف خالد عرار في متن الكتاب على دور سامي الإنسان والمشروع وضرورة تخليد دور الأعلام في حياة الأمة: "تعد التربية من الوسائل المركزية لبناء الحركات الوطنية، والدكتور الراحل سامي مرعي كان من أوائل من وضعوا نص الرسالة التربوية لدى الأقلية الفلسطينية في إسرائيل. في هذا الكتاب نحاول التعريف بشخصية المفكر التربوي سامي مرعي: ظروف نشأته، ورؤيته التربوية الثاقبة وتفاعله مع شعبه في ميادين شتى. والكتاب يتوجه من ضرورة ترسيخ دور الأعلام في بناء البيت الوطني، وهو ما قاد اليه سامي في الفكر والعمل التربوي منه والجماهيري.
الرواية الفلسطينية
بعد تقديم ظروف نشأة سامي مرعي والتي تعبر عن الرواية الفلسطينية في أعظم تجلياتها، نحاول التعرف على فكره التربوي النشط، ويرتكز الكتاب على أربعة محاور أساسية: التعرف على سامي الإنسان، والولوج في فكره التربوي الذي تمثل في نظرية الصراع والتحدي، والتربية للفكر التعددي الناقد والرافض للقهر والسيطرة أو التهميش، كما ونحاول التعرف على دوره في التأسيس لمعهد بحث وتنمية جهاز التربية والتعليم العربي في جامعة حيفا، وعلى ريادته بإلحاح لفكرة التأسيس لجامعة عربية تقود إلى فكر ورواية وطنية تعبر عن خاصية الأقلية الفلسطينية، كما ونتناول بالدراسة والتحليل كتابه "جهاز التعليم العربي في إسرائيل" المنشور في الولايات المتحدة، والذي كان بمثابة باكورة وحجة أساس لمن تلاه في بحث المجتمع والتعليم العربي لدى الأقلية الفلسطينية". وعقب على الدراسة الباحث الاجتماعي والتربوي الدكتور خالد أبو عصبة والذي أشار إلى القضايا التربوية التي عالجها سامي وأكد على القضايا العالقة في جهاز تربية العرب في إسرائيل.
الرحيل المبكّر
وفي تعليقها على الدراسة كتبت البروفسور خولة أبو بكر: "حرم الرحيل المبكّر لدكتور سامي مرعي مجتمعه من شخصيته الخاصة وفكره المتقد وآرائه الريادية ذات الأفق البعيد. كان د. سامي مرعي فلسطيني المنشأ والهوية والتفكير والتجربة والهم اليومي. لم يتوقف عن التعامل مع قضية كونه رجلا عربيا شرقيا ذا ثقافة مزدوجة عربية وغربية ومع واقع كونه ابنا لمجتمع فلسطيني داخل إسرائيل. فتناول هذه التأثيرات في كل لحظة خلال حياته كباحث ومحاضر ومفكر وكعضو مساهم في بيئته ومجتمعه. كان التواصل معه في كل هذه المواضيع أشبه بورشة عصف فكري بها تدارس للقائم واستشفاف اقتراحات للسير قدما للأفضل.
لهذة الدراسة "عن د. سامي مرعي: الإنسان، الرؤيا، المشروع، الإرث" مساهمة تاريخية, قيمية, فكرية وسياسية هامة جدا. فمن جهة يبرز مجمل إنجازات د. سامي مرعي كباحث ومفكر فلسطيني صاغ وصمم ونفّذ الهيكل والمضمون للفكر الفلسطيني في شتى المجالات داخل اسرائيل - وبهذا تحيى الدراسة الذكرى الطيبة لهذا الإنسان الفذ ويقوم د. خالد عرار بتطبيق الخط التربوي لسامي مرعي في دراسة وتذويت دور الشخصيات الأعلام في المجتمع. ومن جهة ثانية تمنح الدراسة المجتمع الفلسطيني الفتي، والذي لم يحظ في مواكبة أفكار د. سامي مرعي إبان حياته، أن يطّلع عليها ويستفيد منها ويجلعها من خمائر الأفكار التي تساعد في إنضاج كل ما يوضع معها. وتفسح الدراسة التعرف على كل هذا من خلال المذكرات الشخصية ومن خلال المنشورات الأكاديمية والطروحات الفكرية.إن تدارس أفكار الباحث والمفكر واستعمالها كخميرة متناقلة تمنعه من الغياب".
قضايا تربوية وتعليمية
وأكدر البروفسور محمد أمارة من على صفحة الغلاف الخارجي: "لامس المرحوم الدكتور سامي مرعي قضايا تربوية وتعليمية حارقة في المجتمع العربي في البلاد، ووضعها في سياقاتها الشمولية، ورسم معالم الهوية التربوية، وتحدث عن أهمية التعليم في التطوير والتنمية المجتمعية. فهو لم يكتف بالتنظير، وإنما حاول أن يبني آليات للنهوض في التعليم العربي. رغم أن المنية وافته في ريعان الشباب، استطاع أن يضع بصماته التربوية والمجتمعية.
فالعمل الذي قام به الدكتور خالد عرار بإلقاء الضوء على زوايا مختلفة من شخصية وأعمال الدكتور سامي مرعي هو لفتة طيبة يستحق عليها الشكر والتقدير، وبهذا لربما فتح الباب للسير قدما بهذا الاتجاه مع شخصيات عربية أخرى لها رصيد مجتمعي غني جدا".
وجاء في تعليق آخر للباحث مهند مصطفى: "يعتبر سامي مرعي علما هاما في تاريخ المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، كان سامي باحثا وكاتبا ترك بصماته في المكتبة العربية وخاصة فيما يتعلق ببحث التعليم العربي في كل جوانبه..."