طيب الذكر المرحوم المهندس كمال إبراهيم الفاهوم 2016 – 1923
مهما حاولنا النسيان، إلا أنّ الذكريات تبقى محفورةً داخلنا، تُذهِبُنا لعالم جميل نتذكّر فيه أجمل اللحظات، حتى وإن كانت مؤلمة يبقى لها رونق خاص بالقلب، فقد تجمعنا الدنيا بأشخاص أو قد نمر بأماكن لم نعتبرها في بداية الأمر مهمّةً، ولكن عند الابتعاد نشعر بقيمتها ومدى تأثيرها، فنعيش بذكريات وأمل أن تعود من جديد، لهذا نورد لكم هنا أجمل الكلمات عن ذكريات مضت لكنها ما زالت تنبض بالحياة.
ابن بار لعائلة طيبة الأعراف سكنت الناصرة منذ القدم جنبا إلى جنب مع عائلاتها مسلميها ومسيحييها بكل حب وتسامح فانبتت هذه العائلة هذا الكمال رحمه الله وقد أحبه كل من عرفة وعاصره من أهل هذه المدينة المقدسة ورحل عنا وظلت عتبة بيته في الناصرة تنادي " أهلا وسهلا ....
كمال من مواليد الناصرة وهو من رجالاتها الذين مثلوها في حب العمل ومصادقة الناس في أعمالهم ومشاركتهم في الحياة اليومية فأحبه الجميع وهم يذكرونه اليوم بعد رحيله جسدا، الإنسان المثقف المتعلم والشيخ الكبير فقد بلغ من العمر التسعين ونيف وكان ما زال مشاركا الناس فرحهم وحزنهم ولم يذكره أي شخص إلا بالخير ولم تشوبه أي ضارة.
تعلم المرحوم كمال الفاهوم في مدارس الناصرة على يد أساتذة من أبناء المدينة لاسيما منهم المرحوم نعمة الصباغ ونصر رمضان والشيخ قاسم الفاهوم مفتي الناصرة وغيرهم حتى تشرب وانتهل العلم ونشأ في بيئة محبة ومشجعة للعلم فعائلته كانت لها بصمات في هذا الباب فقد كان اسلافه واجداده من كبار العلماء والعلم والثقافة حتى لقبت عائلتهم بالفاهوم وهي الدلالة على النبوغ والفهم ..
تابع المرحوم دراسته الأكاديمية في الكلية الرشيدية في موضوع الهندسة سنة 1941 بعد أن نال شهادة المتروكليشن " المترك الفلسطيني " بتفوق " وانهى دراسته في القدس ونال شهادته في الهندسة وبدأ يعمل بها سنوات عديدة وكان مكتبه معروفا ومعلما من معالم المدينة..
كان كمال الفاهوم أبا إبراهيم يجلس في مكتبة الهندسي الصغير في البلدة القديمة يقرأ الصحف والكتب بشغف وهو قارئ من الطراز الأول كنت أتردد عليه باكرا واستمع إلى احاديثه العتيقة التي عاصرها في شبابه ولم تأبى النسيان في مخيلته .. بصوت هادئ خافت وبنبرة حادة حدثني عن ما مر بالناصرة من أحداث ومن معالم ثقافية وأندية رياضية وعن الأعلام والشخصيات وكل من كانت له بصمة في تاريخ هذه المدينة. عن أول مطبعة ليونس وعودة الحلاق، عن ملعب كرة المضرب: التنس وعن المركز الثقافي البريطاني في بيت الفاهوم، وعن زيارة المشاهير للناصرة وعن دور السينما وغيرها من المرفقات الثقافية والاجتماعية التي عاصرها وكان شاهدا عليها.
اذكر أنه حدثني أنه قام بكتابة مقالة سنة 1943 نشرت لة في صحيفة الدفاع التي كانت تصدر في مدينة يافا وسبب كتابتها هو رثاء والدته التي توفت في نفس السنة وكيف أنه احتفظ بها بين أوراقة التي كانت في مكتبه مع الكثير من الصور التذكارية العائلية والمجلات المصرية والفلسطينية التي كانت تصدر في سنوات الأربعينيات التي قام باقتنائها وهو طالب في كلية الهندسة في مدينة القدس وواظب على قراءتها حتى عام 1948 .!
كان أبو إبراهيم محبا فأحبه الجميع وفارقنا جسدا لكنه سيبقى في ذاكرة من أحبه حتى وأن غاب ..!
رثاء للمرحوم بقلم الأديبة فريدة صفدي
ايا عين جودي وابكي قمما شماء
بصدق رجال عاهدوا الحب ببهاء
دمع ساكن الأحداق اسكبيه واسأليه
كيف صمتت العيون والألم بحصن سناء
رحلتم بعيدا فارتحلت بنا الأرض
وحزن الفؤاد ضباب يغطي السماء
تجردت الروح وظلها فينا اثر باق
بطيب ذكر بلا نهاية وركبه مضاء
هناؤك فاتن وحنينك شذى عبير
بوجل الأيام يصارع الفراق بخفاء
مرت الأيام هنية حاملة ما لم نعي
فتجردنا وغطت مساحات احتواء
أين منا تاجا وفهما راقيا ونبراس
وتعاليم تسود أصول الكرم بسخاء
كيف نسترجع شموخ سيد مهلل
واصل فروعه نواميس احتماء
يطيب الذكر لنا والمنبت والجذر
وثوب الصبر فيض كمال وإرضاء
شكر خاص لحفيد المرحوم – الدكتور ابراهيم عفو فاهوم لتزويدي ببعض المعلومات.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net