فجر يوم الحادي عشر من يونيو/حزيران هذا العام تاريخ لا ينسى لدى "الإسلامية الجنوبية" بشكل عام والدكتور منصور عباس بشكل خاص. ففي هذا اليوم وقع عباس رسمياً على الاتفاقية الرسمية لدخول الحكومة مع حزب يش عتيد برئاسة يائير لبيد. الاتفاقية، تضمن للقائمة العربية الموحدة منصبي نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة، بالإضافة إلى رئاسة لجنة الداخلية ورئاسة لجنة المجتمع العربي ونائب رئيس الكنيست، وبنود أخرى تتعلق بميزانيات وببعض القرى غير المعترف بها في النقب.
أعترف بأن عباس استطاع أن يبني لنفسه لدى أنصاره وحزبه شخصية "صانع المعجزات". ولكن كيف؟ الرد على هذا السؤال أتركه للقيادي في الإسلامية الجنوبية الشيخ إبراهيم صرصور، الذي يدّعي في مقال له في موقع العرب بتاريخ الحادي عشر من الشهر الجاري: بأن " قرار الحركة الإسلامية فَرَّغَ قانون القومية من واحد من أخطر بنوده، وجعل إسرائيل رغماً عن أنفها دولة كل قومياتها وليس فقط دولة كل مواطنيها. ولكن الشيخ صرصور لم يشرح لنا "فلسفته" كيف تم إفراغ "قانون القومية" من مضمونه لنقتنع بموقفه؟ فعلاً،هذه فلسفة خاصة بالحركة الإسلامية الجنوبية ونظرتها (غير) الواقعية للمعادلات.
الشيخ صرصور وبسذاجة ملحوظة، يعتقد بأن دخول عباس الحكومة أرغمها على توفير منصبي نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة، ومنصب نائب رئيس كنيست، وأن تخصيص هذين المنصبين للعرب مع "شوية" ميزانيات، يجعلوا إسرائيل دولة لكل مواطنيها ودولة لكل قومياتها. هذا الإعتقاد هو بالطبع في منتهى فصر النظر السياسي. فقد سبق للعرب تولي هذين المنصبين في السابق. ومن غير المعقول أن تتحول ‘سرائيل إلى دولة لكل قومياتها بمجرد موافقتها على ميزانية هي بالأصل من حق العرب.
أنا أقول للشيخ صرصور، ان الذي لا يمكن أن ينسى في هذا اليوم بالنسبة للجماهير العربية في البلاد، هو مشاركة منصور عباس في حكومة تشرّع زواج المثليين، أي أن عباس لم يصدر عنه أي تعليق وهذا يعني أن عباس غض النظر عن هذا البند في الاتفاقية، التي ورد فيها:" كما وشمل الاتفاق بندًا يلزم الحكومة بأن تسن قوانين لصالح المثليين، وإيجاد حل لزواج أبناء الجنس الواحد وتشريعه بشكل رسمي". انتبهوا لكلمة "يلزم". بمعنى أن عباس ملتزم بهذا البند. برافو دكتور. فهل هذا "الإلتزام" لصالح المجتمع العربي؟
هل تذكرون، "الهيصة" التي افتعلها عباس ضد أعضاء المشتركة فيما يتعلق بالمثليين؟ "وعمل منها قصة كبيرة" ومضمونها كان يختلف كلياً عن المضمون الذي ورد في بند اتفاقية الحكومة الجديدة. فما الذي تغيّر يا سعادة النائب عباس؟ سؤال بحاجة إلى جواب.
لقد ارتكب الشيخ صرصور خطأ فاحشاً ( قصدا أو بدون قصد لا نعرف)) عندما اعترف بأن إسرائيل أصبحت بفضل عباس رغما عن أنفها "دولة كل قومياتها" وليس فقط "دولة كل مواطنيها". ما شاء الله عليك شيخ ابراهيم، يعني ما يطالب به "التجمع" منذ سنين طويلة لم يتحقق، وبقدرة الولي الصالح عضو الكنيست الفالح منصور (الناجح) تحقق حلم "التجمع".
سمعتها أكثر من مرة، أن الشيخ صرصور يعتبر مفكراً في حركته، ومنهم من قال أنه بمثابة "فيلسوف" الحركة. قد يكون كذلك بالنسبة لهم وهم أحرار فيما يطلقون عليه، فهم لهم تظرتهم ونحن لنا موقفنا. تقييم الإنسان يتم من خلال مواقفه. فإذا كان هذا "المفكر" أو هذا "الفيلسوف" يرى أن إسرائيل أصبحت دولة لكل مواطنيها بفضل عباس، فما علينا إلاً أن ننعي الفلسفة والفكر معاً. لكن الشيخ ابراهيم صرصور(والحق يجب أن يقال) لم يكتف بتعبير عباس "بيضة القبان" بل زاد عليه تعبيرا آخر حيث حمل في مقاله وصفاً جديدا للموحدة وهو"لسان الميزان". فأصبحت "الموحدة" تتمايل ممشوقة القوام في حكومة بينيت بين "بيضة القبان ولسان الميزان". صحيح أنها ليس في جيب اليسار، لكنها وضعت نفسها تحت عباءة حكومة اليميني الديني نفتالي بينيت.
إسمعوا يا "عرب إسرائيل" في الجنوبية: ان قانون كامينتش (حسب الاتفاق) لم يتم إلغاؤه، بل تم تجميد بعض البنود وسيتم تجميد هدم البيوت المسكونة في النقب باستثناء بعد الحالات ( يعني حالات الهدم ستستمر) كما وتلتزم الموحدة في دعم كل قرارات الحكومة وقيادة الائتلاف.
وأخيراً، يقول الشيخ صرصور في نهاية مقاله:" ان الحركة الاسلامية ستحتفظ بحقها دائما في قلب الطاولة في وجه الاتفاق الائتلافي عند اول انتهاك للاتفاق او اعتداء على فلسطين ارضا وشعبا ومقدسات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة".
والله يا شيخ ابراهيم كلامك لا صحة له والدليل على ذلك: لقد وعدوكم بمنصب نائب وزير الداخلية تم تراجعوا ورضيتم، وبعدها وعدوكم بمنصب رئاسة لجنة الداخلية لكنهم جردوكم من مراقبة الشرطة والأمن (يعني منصب مخصي) رغم أن المراقبة تخضع لصلاحيات رئاسة اللجنة، ولم تقلبوا الطاولة بل انقلبت عليكم. و"الحبل عالجرار". فماذا تنتظرون بعد؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com