يافا ، مدينة البرتقال الحزين، وعروس فلسطين وعاصمتها الثقافية بلا منازع، ومركز الاشعاع الثقافي والادبي والصحفي ابان فترة الانتداب.
هذه المدينة الساحلية فواحة الشذى، الجميلة بين المدائن، ذات الجذور الكنعانية، كانت وستظل جذوة الشعر ومعبودة الشعراء، الذين تغنوا بترابها وبياراتها وبرتقالها وبحرها وشاطئها ومينائها وآثارها واماكنها الخالدة. وقد قال في هواها وعشقها ابنها الشاعر جميل دحلان:
يافا الحبيبة .. اي ارض مثلها
من سحرها الفتان بدع بياني
اشتاق رؤياها الدار وهي بعيدة
لا الأهل فيها .. لا ولا خلاني
ما زال في يافا الحبيبة منزلي
خاوٍ.. رميم .. مصدع الاركان
يافا / مدينة فلسطينية تاريخية عريقة بناها الكنعانيون وغزاها الفراعنة والآشوريون والبابليون والفرس واليونان والرومان وفتحها القائد عمرو بن العاص واحتلها فيما بعد الأتراك ثم الانتداب الانجليزي فالعصابات الصهيونية، التي شردت وهجرت غالبية سكانها في عام النكبة الفلسطينية عام 1948. وهي تضم سبعة احياء ، هي : حي العجمي ، حي المنشية ، حي ارشيد ، البلدة القديمة ، حي النزهة ، حي الجبلية ، هريش .
ومن أبرز معالم يافا التاريخية : المسجد الكبير، كنيسة القلعة، تل حريشة، تل الريش، البصة، ساحة الساعة أو ساحة الشهداء، ساحة الصيد، الحمامات القديمة، جامع حسن بك وغير ذلك .
اما أشهر اسواقها فهي : سوق الدير، سوق الحبوب، سوق المنشية، سوق البلابسة .
ومن الناحية الثقافية احتلت يافا موقعاً متميزًا، وشكلت أهم مركز ثقافي بفلسطين، وكانت احدى منارات العلم والثقافة والوعي، ونشطت فيها حركة ثقافية وأدبية. وقد صدرت فيها أبرز الصحف الفلسطينية كالدفاع وفلسطين وغيرها العشرات من الصحف والمجلات الادبية، وكان فيها دور للسينما والمسرح .
وفي يافا ولد ونشأ العديد من الشعراء والادباء والمثقفين ورجالات الفكر والأدب، الذين كان لهم دور بارز ومهم في النهضة الأدبية اليافية والفلسطينية نذكر منهم: محمود الحوت، محمود الافغاني، محمود سيف الدين الايراني، عارف العزوني، احمد يوسف، ابراهيم الشنطي، عيسى القبسي، عبد الوهاب الكيالي، هشام شرابي، ابراهيم أبو لغد، جميل دحلان وسواهم .
يافا مدينة تختصر وطنًا. إنها تاريخ وثقافة وحضارة وذاكرة، وبيت مهدد، وبيارة باقية، وشعب منفي في وطنه، وبحر يحكي قصة نكبتنا وحكايات أهلنا كل يوم وهي مثل حيفا ومدن فلسطين التاريخية الباقية قصيدة لم يكتب الزمان مثلها، وستظل عروس الشرق وعبير البرتقال الفواح التي يحن اليها قلب المشردين والمهجرين واللاجئين، وتهفو إليها الروح الفلسطينية المعذبة .