الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 17:01

بين غولدا مئير ويغئال ألون

بقلم: الكاتب والأديب محمد علي طه

محمد علي طه
نُشر: 01/04/21 16:56,  حُتلن: 18:52

ذكر روائيّ عربيّ فلسطينيّ بارز في محاضرة لقرّائه أنّ غولدا مئير "أنكرت وجود أدب فلسطينيّ" ولعلّه أراد أن يقول بأنّ ما ينتجه هو وزملاؤه الأدباء والشّعراء من أعمال ابداعيّة جميلة يدحض قول غولدا مئير العنصريّ.
تبوّأت غولدا مئير (مايرسون) مناصب ومراكز قياديّة في الحركة الصّهيونيّة وفي حكومات إسرائيل مثل وزيرة العمل (1949-1956) ووزيرة الخارجيّة (1956-1966) ورئيسة الحكومة (اذار 1969-حزيران 1974) وفي فترة حكمها حدثت حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر..واشتهرت مئير بجمودها السياسيّ وتعنّتها العنصريّ وغرورها القوميّ وبكراهيتّها للعرب ومن تصريحاتها المقزّزة "أين هو الشّعب الفلسطينيّ الّذي تسألون عنه؟" وتصريحها العنصريّ الاستعلائيّ عندما حمّلت الفدائيّين ورجال المقاومة الفلسطينيّة مسؤوليّة "تحويل أبنائنا الجنود من جيش أخلاقيّ الى قتلة للعرب".
برزت غولدا مئير قائدة عنصريّة وعدوّة لدودة للعرب ومن المؤكّد أنّ عنادها وغرورها واصرارها على عدم انسحاب إسرائيل من الأراضي العربيّة المحتلّة في حرب حزيران ولو كيلومترات قليلة إلى ما وراء قناة السّويس-أدّى إلى حرب أكتوبر والزّلزال الّذي حدث في إسرائيل بسبب نتائج الحرب.
لم أقرأ تصريحًا لغولدا مئير تطرّقت فيه للأدب الفلسطينيّ أو للحضارة الفلسطينيّة فمن الطبيعيّ لمن تُنكر وجود شعب فلسطينيّ ألّا تتطرّق لأدبه أو حضارته.. ولكنّني قرأت ما قاله زميلها في الحكومة يغئال ألون وهو من قادة حرب 1948 وكان وزيرًا للمعارف ثم وزيرًا للخارجيّة: "عندما قدمنا الى هذه البلاد وجدناها قفرًا ولم نجد بها حضارة ما، ولو عاش بها شعب لترك فيها حضارة أو ثقافة".
وقد أبرزتُ هذا التّصريح ودحضته بالبراهين الواضحة في محاضرة لي في مركز شومان في عمّان في العام 1995 ثمّ نشرتها بعنوان "ثقافة في حصار" في مجلة "48" العدد الثّالث الّتي كان يصدرها اتّحاد الكتّاب العرب وكنت المحرّر المسؤول عنها.
ولا يسعني في هذه المقالة القصيرة إلّا أن أذكر القليل ممّا قلته فقد كانت مدينة يافا مركزًا للحضارة والثّقافة وتصدر فيها الصّحف اليوميّة والمجلّات الأسبوعيّة والشّهريّة مثل "فلسطين" و "الدّفاع" و"الفجر" وفيها دور السّينما والمسرح وكانت نواديها تستضيف اعلام الأدباء والشّعراء من العالم العربيّ والفرق المسرحيّة المعروفة، وما زال بعض الأهل يحتفظ حتّى اليوم ببطاقات دخول للمسارح ودور السينما في يافا وحيفا والقدس وعكّا وغيرها من المدن ليشاهد الفنّانين نجيب الرّيحاني وأم كلثوم وأسمهان وعبد الوهاب وفريد الأطرش في أعمالهم الفنيّة.. كما استضافت النّوادي الثقافيّة في المدن الشّعراء والكتّاب أمثال توفيق الحكيم ورئيف خوري ومعروف الرّصافيّ والجواهريّ وعبّاس محمود العقاد وغيرهم..
وبرز في تلك الفترة أدباء فلسطينيّون ومفكّرون واعلاميّون كبار مثل روحي الخالديّ واسعاف النشاشيبيّ واسحاق الحسينيّ وإبراهيم طوقان وأبو سلمى ونجيب نصّار وخليل السكاكينيّ وغيرهم..
وكانت المكتبات في المدن الفلسطينيّة تعجّ بالكتب الصادرة في بيروت والقاهرة وقد نهبتها القوّات الاسرائيليّة الّتي كان يغئال ألون يقود لواء منها، واشتهرَ يومئذ القول بأنّ الكتاب يُؤلّف في القاهرة ويُطبع في بيروت ويُقرأ في يافا، وهذا دليل على أنّ شعبنا كان قارئًا نهمًا للكتب والمجلّات والصّحف.
كان هدف المؤسّسة الاسرائيليّة الصّهيونيّة محو الوجود الفلسطينيّ بشريًّا وتاريخيًّا وحضاريًّا من على خريطة الانسانيّة، ولا شكّ بأنّها فشلت فشلًا ذريعًا. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   


مقالات متعلقة

.