لا يهمّني أن يكون بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، فاسدًا مرتشيًا يتلقّى من رجال الأعمال صناديق مملوءة بزجاجات الشّمبانيا والسّيجار الفاخر، ولا تشغلني علاقته مع صحيفة "يسرائيل هيوم" ومالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" وموقع "وللا"، ولا يزعجني ما جرى في الخفاء في صفقة الغوّاصات الألمانيّة-المصريّة، ولا كلّ ما جاء في ملّفات الفساد. وهذا لا يعني أنّني أدعو كما يفعل البعض إلى بقائه في السّلطة لأنّه أفضل من جدعون ساعر ونفتالي بنيت اللذين يفوقانه تطرّفًا وعداء للشّعب الفلسطينيّ ويسعيان إلى فرض السّيادة الاسرائيليّة على كلّ شبر أرض في الضّفّة الغربيّة بل كنت أرغب بأن تكون للأحزاب والقوائم الّتي تطالب بتغييره برامج سياسيّة تدعو لإنهاء الاحتلال وإلغاء قانون القوميّة.
وأصارحكم بأنّني لا أثق بما تتوقّعه استطلاعات الرّأي الانتخابيّة ألّتي تزعم بأنّ النّاخبين العرب سيمنحون في الانتخابات القريبة العديد من أصواتهم لحزب الليكود، حزب نتنياهو، نعم حزب نتنياهو لأنّه قضى على الليكود ومؤسّساته وقادته وحوّله إلى حزب سلطة في دول العالم الثّالث، يمجّد الرّئيس ويصلّي ويغنّي له، كما لا أصدّق نتنياهو، الّذي ادّعى بأنّ صبيانًا من جسر الزّرقاء هتفوا له عندما شاهدوه يمشي في حديقة قصره في قيساريا لأنّ أهل جسر الزّرقاء لا يستطيعون مشاهدته بسبب الجدار العالي الّذي يفصل مدينة القصور والرّفاهيّة عن قرية الفقراء.
ولا أتصوّر انسانًا عربيًّا عانى طيلة اثني عشر عامًا وما زال يعاني من سياسة نتنياهو يمنحه صوته أي ضميره.
لا يمكن لناخب (ة) يجري في عروقه (ها) دمّ عربيّ أن يبيع روحه (ها) للشّيطان ويضع بطاقة (م.ح.ل) في صندوق الاقتراع.
عندما يقف النّاخب العربيّ وراء السّتار ليختار الورقة الانتخابيّة سوف يتذكّر نتنياهو الّذي أملى على الرّئيس الأمريكيّ ترامب بنود صفقة القرن الّتي تتنكّر لحقوق الشّعب الفلسطينيّ وتنصّ على التخلّص من المدن والقرى العربيّة في المثلث، وسبحان الله الّذي جعل الرّئيس الجاهل ترامب يعرف جلجوليّة وكفر قرع!!
وسوف يتذكّر العربيّ نقل السّفارة الأمريكيّة من تل أبيب الى القدس، ودعم نتنياهو غلاة اليمين مثل الكهانيّ بن غفير الّذين يسعون الى هدم الأقصى وبناء الهيكل مكانه. والأقصى ليس مسجدًا مقدّسًا لملايين المسلمين فحسب بل هو حضارة وتاريخ ووجود وهويّة.
وسوف يتذكّر العربيّ تحريض نتنياهو المنهجيّ طيلة عقد كامل مثل: العرب يهرولون (مثل الماشيّة) الى صناديق الاقتراع، وقوّاتنا تعمل في قلنسوة، وهدم أم الحيران، ومقتل المربّي أبو القيعان والصاق تهمة الدّاعشيّة به، وهدم العراقيب مائتيّ مرّة، والعرب أعداء الدّولة ويؤيدون الإرهاب، ولا بدّ للعربيّ من أن يتذكّر قانون القوميّة العنصريّ، والعداء للغة العربيّة، وقانون كامنتس، وهدم مئات البيوت.
وسوف يتذكّر العربيّ قانون النّكبة وقانون المؤذّن وصوت الآذان من على مئذنة جامع جسر الزّرقاء الّذي أزعج يئير الابن المدلّل لنتنياهو..
ولا بدّ من أن يقول: ما رفعه بلال لن يسكته نتنياهو وأوحانا.
وسوف يتذكّر العربيّ نتنياهو الّذي نجح في تغييب كلمات "احتلال" ودولة فلسطينيّة و"سلام" من القاموس السّياسيّ والشّعبيّ الاسرائيليّ.
وسوف يرى العربيّ مئات المستوطنات على الأراضي الفلسطينيّة ومئات آلاف المستوطنين (ومنهم وزراء وأعضاء كنيست وقضاة في محكمة العدل العليا) يسلبون الأرض ويقلعون أشجار الزّيتون والكرمة من الكروم الفلسطينيّة ويعتدون على الفلّاحين والرّعاة العرب.
وسوف يشاهد جنود الاحتلال يقتحمون البيوت الفلسطينيّة في الليل.
هل يمكن أن يفعلها العربيّ وينتخب نتنياهو؟
لا أصدّقُ. ومن الطّبيعيّ ألّا تصدّقوا.
شعبنا طيّب، وأبناؤه وبناته طيّبون وواعون.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com