الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 15 / نوفمبر 02:01

عبد الحفيظ صقر شَاعرا .. قراءة في ديوانه .. خفقات قلب-بقلم / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

محسن عبد المعطي
نُشر: 20/01/21 01:38


الشاعر عبد الحفيظ صقر من الشعراء الذين وهبوا حياتهم للشعر فالشعر هو حياته إلا أن شاعرنا كان يعتز بلون واحد من ألوان الشعر ويزهو الشاعر ويفخر بهذا اللون من الشعر الذي قصر حياته عليه ألا وهو الشعر الإسلامي من حب الله ورسوله إلى قضايا أمته الشخصية التي يرسم صورتها بين الأمم ويعبر عن همومها وآمالها وآلامها كما كان يعبر عن أحاسيسه الذاتية من خلال الإطار الإسلامي
الصرف عرفته شاعرا عظيما فذا ملتزما بقواعد الشعر العربي الأصيل من حيث المحافظة على الوزن والقافية وقواعد لغتنا الجميلة ولا عجب !!! فشاعرنا كان يعمل مدرسا للعلوم العربية في كل من دار المعلمين و دار المعلمات بمدينة المحلة الكبرى بجمهورية مصر العربية وكان يكتب القصيدة ملتزما بجميع الأدوات الفنية التي ترفعه إلى قائمة الشعراء الفحول أعير للعمل بالتدريس في بعض الدول العربية الشقيقة التي اعتزت بشعره وأعجبت به فوضعته ضمن المقررات الدراسية لكتب اللغة العربية في مدارسها وقد تعرفت على الشاعر عن قرب من خلال حضورنا معا ندوات الأدب وأمسيات الشعر في نادي الأدب بقصر ثقافة المحلة الكبرى وقد انتقل الشاعر إلى رحمة ربه منذ سنوات قليلة تاركا لنا هذه الثروة الشعرية الهائلة
ديوان

خفقات قلب :
وديوان شَاعرنا عبد الحفيظ صقر{خفقات قلب} صدر عن دار البشير للثقافة والعلوم الإسلامية وكانت الطبعة الأولى منه في عام 1407هـ - 1987 م في حياة الشاعر وقد أهداه إلى الشرفاء في كل زمان ومكان ومن قبل صدور هذا الديوان بأكثر من ربع قرن أهدى الشاعر ديوانه الأول {أصداء الوجدان} إلى أشقائه في الآلام والآمال {1} ويتكون الديوان من مائة وثلاث وأربعين صفحة من القطع المتوسط بما فيها فهرس الديوان ويشتمل الديوان على تسع وثلاثين قصيدة كلها تدور في فلك الشعر الإسلامي


والشاعر حريص كل الحرص أن يكون وفيا لدينه الإسلامي وأن يكون شعره - بصفة دائمة – أداة للدفاع عن هذا الدين فيعلنها في صراحة ووضوح وفخر أن الإسلام أبوه وأن قلبه ممتلئ بالحب لذلك الأب ولهذا فهو يدين له بالولاء طيلة حياته ولنستمع إليه وهو يقول في قصيدته (تلبية) {2} والتي ألقاها بجمعية الشبان المسلمين في القاهرة :
لَبَّيْكَ إِسْلَامِي مِنَ الْأَعْمَاقِ = أَنَا لَمْ أَخُنْ عَهْدِي وَلَا مِيثَاقِي
لَبَّيْكَ فِي شَرْقٍ وَفِي غَرْبٍ هُنَا = وَهُنَاكَ فِي الْأَرْجَاءِ وَالْآفَاقِ
لَبَّيْكَ إِنِّي لَمْ أَزَلْ بِكَ هَاتِفاً = مَا جَنَّ لَيْلِي أَوْ صَحَا إِشْرَاقِي
إِنِّي أَنَا ابْنُكَ مَا جَفَوْتُكَ يَا أَبِي = مَا زَالَ حُبُّكَ سَاكِناً أَعْمَاقِي
ويبين الشاعر جهاد المسلمين الأوائل وتضحيتهم بأنفسهم واستشهادهم في سبيل الحق من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى فيتذكر أن هؤلاء الأجداد كانت انطلاقتهم الأولى من الصحراء التي تحولت إلى جنة خضراء على أيديهم وكانوا ريا للقلوب المتعطشة إلى الإسلام في كل أنحاء الدنيا ففكوا عنها قيود العبودية والجهل والظلم ويوازن الشاعر بين هؤلاء الأجداد وأبنائهم الذين أضاعوا مجدهم بسبب الفرقة والخلاف وعدم تمسكهم بدين الله فهم يتأولون الدين وفقا لميول مدنية جوفاء مقفرة وهم يتمسكون بكل ما يروق لهم من الشريعة الإسلامية وينأون عن كل ما فيه تكليف وإرهاق في هذه الشريعة السمحاء ويبحثون فيها عن كل ما فيه مغنم وفقط ولكن الشاعر لم يزل بأبناء الإسلام يدعوهم إلى الاتحاد والالتقاء على كلمة الحق والبعد عن الخلاف


يقول الشاعر : {3}
لَكِنَّنِي مَهْمَا تَنَاسَوْا عَهْدَهُمْ = بَاقٍ عَلَى عَهْدِ الْأُبُوَّةِ بَاقِ
فَلَكَمْ عَدَوْتُ بِنَاظِرِي فِي إِثْرِهِمْ = أَدْعُوهُمُ لِتَجَمُّعٍ وَتَلَاقِ
وَبَعَثْتُ خَلْفَهُمُ النِّدَاءَ وَلَوَّحَتْ = كَفِّي لَهُمْ بِنِدَائِكَ الْخَفَّاقِ
وَيَتَحَدَّثُ الشاعر عن أَمانة الإفتاء وأنه ينبغي ألا يتصدى للإفتاء إلا من هو أهل له ويدعو الشاعر المسلمين إلى العودة لكتاب الله الذي يهديهم وينقذهم ويفتح الله عليهم أبواب فضله وأسرار عطائه جزاء لتمسكهم به فذلك الكتاب نبع السعادة وطب النفوس وبلسم الأرواح ويختم الشاعر قصيدته بذلك التشبيه الضمني الجميل فِي قوله : {4}
يَا أَيُّهَا الْإِسْلَامُ إِنِّي هَاهُنَا = مُتَمَسِّكٌ بِالعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ
كُلُّ افْتِخَارِي أَنَّنِي لَكَ مُنْتَمٍ = مَهْمَا رَمَتْكَ عِصَابَةُ الْفُسَّاقِ
وَلَئِنْ تَتَابَعَتِ الْخُطُوبُ فَإِنَّمَا = فِي النَّارِ يَصْفُو التِّبْرُ بِالْإِحْرَاقِ
وَهَذا التشبيه الضمني الجميل في البيت الأخير يذكرنا بالتشبيه الضمني الجميل في قول أبي الطيب المتنبي أمير الشعراء في العصر العباسي {5}
فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ = فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ
*تعريف الشعر*
وفي قصيدته {في رحاب الرسول} يضع شاعرنا عبد الحفيظ صقر عدة تعريفات جميلة وصادقة للشعر حيث يعرفه بأنه أصداء وترجمة صادقة لشعور النفس الإنسانية والشعر هو الخلود يموت الشاعر ويظل شعره يحيي ذكراه بين الناس والشعر فيض من الله يبعث في النفس المؤمنة روح الأمل وقت المحن والشدائد يقول شاعرنا في تعريف الشعر :
فَأَنْتَ يَا شِعْرُ أَصْدَاءٌ وَتَرْجَمَةٌ = لِلنَّفْسِ صَادِقَةٌ تَبْقَى عَلَى الزَّمَنِ
أَنْتَ الْخُلُودُ بِأَنْغَامٍ مُوقَّعَةٍ = تُحْيِي الْمَشَاعِرَ إِذْ تَنْصَبُّ فِي الْأُذُنِ
اَللَّهُ مُلْهِمُهَا لِلرُّوحِ تَصْقَلُهَا = وَالنَّفْسِ تُنْقِذُهَا مِنْ وَطْأَةِ الْحَزَنِ
قَيْثَارَةُ الْخُلْدِ لَمْ يَصْمُتْ لَهَا نَغَمٌ = وَبُلْبُلٌ أَبَداً يَشْدُو عَلَى نَغَمِ
فَيْضٌ مِنَ اللَّهِ يُحْيِينَا إِذَا ذَبُلَتْ = بَيْنَ الضُّلُوعِ الْمُنَى مِنْ قَسْوَةِ الْمِحَنِ
يَنْبُوعُهُ الثَّرُّ فِي الْأَعْمَاقِ يُثْلِجُهَا = فَيُزْهِرُ الْبِشْرُ فِي الْأَرْوَاحِ وَالْبَدَنِ
*موقف الإسلام من الشعر*
نُقِلَ عن ابْن دريد بسنده أنشد حسان النبي صلى الله عليه وسلم قصيدته التي أولها{6} :
عَفَتْ ذَا الْأَصَابِعُ فَالْجُواءُ = إِلَى عَذْرَاءَ مَنْزِلُهَا خَلَاءُ
حَتى انْتهت إلى قوله :
هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتْ عَنْهُ = وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جزاؤك عند الله الجنة يا حسان " فلما انتهى إلى قوله :
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي = لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وقاك الله يا حسان النار " فلما قال :
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ = فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
فَقَالَ مَنْ حضر : " هذا أنصف بيت قالته العرب

{7}
وكأني بشاعرنا يستشهد بهذه الواقعة من استحسان المصطفى- صلى الله عليه وسلم – شعر حسان والخنساء على موقف الإسلام من الشعر وأنه أجاز الحسن منه{8} فيقول :
كَمْ أَطْرَبَ الْمُصْطَفَى تَغْرِيدَهُ فَمَضَى = يُصْغِي لِحَسَّانَ فِي إِنْشَادِهِ الْحَسَنِ
يَقُولُ هِيهِ أَيَا حَسَّانُ فِي شَغَفٍ = إِذْ تُنْشِدُ اللَّحْنَ أَلْوَاناً مِنَ الشَّجَنِ
يُثْنِي عَلَى حِكَمٍ فِي الشِّعْرِ تَسْحَرُنَا = وَتَأْسِرُ اللُّبَّ لَا تَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ
*الطبع والصنعة*
الشاعر عبد الحفيظ صقر من الشعراء الذين لا يتكلفون القول فهو شاعر مطبوع لا يقول الشعر إلا إذا ناداه الشعر ودعاه القول ولا يقول الشعر حين يكون مثقلا بالهموم أو حين يكون فكره شريدا وقلبه ممتلئ بالآلام والحيرة فالشاعر في ذلك الوقت يكون مقيدا لا يستطيع تجميع خيوط القصيدة لأنها لم تتبلور بعد في قلبه فما الشعر عند شاعرنا إلا ألحان قلبه يرددها إذا زالت متاعبه وآلامه وليست الآلام وحدها هي القيد الذي يمنع شاعرنا من الكتابة ولكن هناك قيود أخرى كثيرة وربما كانت هذه القيود – في رأيي – تتمثل في الأمور الآتية :
الإرهاق الجسماني الشديد الذي لا يتيح للشاعر الصفاء الذهني


انشغال الشاعر بمهنة التدريس التي تتطلب مجهودا فكريا كبيرا ودقة بالغة حتى يؤديها صاحبها على الوجه الأكمل خاصة أن الشاعر كان يشتغل بالتدريس في أكثر من مدرسة وصدق الله العظيم إذ يقول : " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " {9}


عدم رضا الشاعر عن المستوى الفني لبعض القصائد ومن ثم فهو يئدها منذ ولادتها


عدم اقتناع الشاعر ببعض القصائد التي ترد على ذهنه خاصة أنه شاعر ملتزم بتعاليم الإسلام


عدم دخول الشاعر في عملية النظم خاصة وأنه يريد لقصيدته أن تخرج من قلبه إلى قلب المتلقي على حد قول القائل :
وَإِذَا تَحَدَّثَتِ الْقُلُو بُ فَإِنَّمَا تُصْغِي الْقُلُوبُ {10}
ولذلك يطلب من صديق له ألا يتعجل منه القصائد العديدة باستمرار وألا يلومه إن هجره الشعر لفترة طويلة ولنستمع إليه وهو يقول :
يُسَائِلُنِي صَدِيقِي عَنْ قَصِيدِي = وَمَا عِنْدِي وَحَقِّكَ مِنْ جَدِيدِ
فَمَا شِعْرِي سِوَى أَلْحَانِ قَلْبِي = يُرَدِّدُهَا إِذَا زَالَتْ قُيُودِي
قُيُودٌ لَا يَرَاهَا غَيْرُ نَفْسِي = فَمَا قَيْدِي كَغَيْرِي مِنْ حَدِيدِ
وَلَكِنْ فِي دَمِي قَيْدٌ رَهِيبٌ = وَمَا هُوَ بَعْدُ بِالْقَيْدِ الْوَحِيدِ
هِيَ الْآلَامُ تَقْتُلُ كُلَّ فِكْرٍ = تُمَزِّقُ بَهْجَتِي فِي كُلِّ عِيدِ
وَتُلْقِي فَوْقَ وَجْهِي ظِلَّ سُحْبٍ = تُصَوِّرُ حَيْرَةَ الْفِكْرِ الشَّرِيدِ
فَلَا تَعْزِلْ أَخَاك إِذَا تَأَبَّى = عَلَيْهِ الشِّعْرُ فِي هَجْرٍ مَدِيدِ {11}
*العِلم*
وفي قصيدة فجر النور يذكر شاعرنا أن الإسلام دين العلم وأبلغ دليل على ذلك أن أول ما نزل من القرآن الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين هو قوله تعالى :
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ {12}
صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمْ
ويرى أنه بالعلم تصل الأمة إلى أعلى مراتب التقدم وأن العالم لا يستوي مع الجاهل وذلك في قوله :
اِقْرَأْ مُحَمَّدُ بِاسْمِ رَبِّكَ إِنَّهُ = قَدْ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمِ
إِنَّ الْقِرَاءَةَ لِلتَّعَلُّمِ سُلَّمٌ = فَمَنِ ارْتَقَى اجْتَازَ الْعَلَاءَ بِسُلَّمِ
بِالْعِلْمِ تُنْقَذُ أُمَّةٌ مِنْ جَهْلِهَا = فَتَتِيهُ بِالْعِرْفَانِ فَوْقَ الْأَنْجُمِ
لَا يَسْتَوِي الْعِلْمُ الْمُشِعُّ مَنَارَةً = بِالْجَهْلِ يَرْزَحُ تَحْتَ مَوْجٍ مُظْلِمِ {13}
ويهدف الشاعر في البيت الأخير إلى غرض بلاغي هام وهو بيان عدم الاستواء في المنزلة وأَعْتقد أنه أخذ هذا المعنى من قوله تعالى : "
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)
صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمْ {14}
ويمدح شاعرنا الأزهر الشريف الذي يضيء الدنيا بالعلم فيقول :
يُضِيءُ غَيَاهِبَ الدُّنْيَا وَيَهْدِي = إِلَى الْإِيمَانِ كُلَّ الْحَائِرِينَا
بِقُرْآنٍ وَتَوْحِيدٍ وَفِقْهٍ = وَعِلْمٍ نَافِعٍ دُنْيَا وَدِينَا {14}
ويذكر شاعرنا في الذكرى الأربعين للأستاذ / عباس محمود العقاد أنه جاهد بقلمه وحطم صرح الجهل فيقول : {15}
جَاهَدْتَ بِالْقَلَمِ الْأَبِيِّ مُحَطِّماً = صَرْحاً بَنَاهُ الْأَدْعِياءُ مَشِيدَا
وَسَمَوْتَ بِالْإِنْسَانِ فِي تَفْكِيرِهِ = لَمْ تَدَّخِرْ وُسْعاً وَلَا مَجْهُودَا
عَبَّاسُ يَا رَجُلَ الْخُلُودِ وَصَانِعاً = مَجْداً يَظَلَّ عَلَى الزَّمَانِ فَرِيدَا
يَا شَاعِراً رَسَمَ الْجَمَالَ يَرَاعُهُ = قَدْ نَغَّمَ الْفَنَّ الْعُجَابَ قَصِيدَا
و ينفي الشاعر عن نفسه أنه يرثي الأستاذ الشاعر / عباس محمود العقاد لأنه إنما يرثى الأموات وأستاذنا العقاد حي بعلمه فيقول :
أَتَمُوتُ يَا عَقَّادُ بَعْدَ مَفَاخِرٍ = تَبْقَى تُسَابِقُ لِلْخُلُودِ خُلُودَا
لَا لَنْ يَمُوتَ الْمَرْءُ خُلِّدَ ذِكْرُهُ = وَ يَمُوتُ مِنْ يَقْضِي الْحَيَاةَ بَلِيدَا
هَيْهَاتَ يَرْثِيكَ الْقَرِيضُ وَإِنَّمَا = هِيَ لَوْعَةُ الذِّكْرَى تُصَاغُ نَشِيدَا {16}
والشاعر يحب العلم ولا ينكره أبدا إلا حين يسخر في صنع أسلحة الدمار الشامل التي تبيد البشر فيقول :
اَلْعِلْمُ نُورٌ وَلَسْتُ الْآنَ أُنْكِرُهُ = لَكِنَّهُ رُبَّمَا قَدْ شَبَّ نِيرَانَا {17}
فَكَمْ رَأَى الْهَوْلَ مِنْهُ وَاصْطَلَى لَهَباً = إِنْسَانُ كَوْكَبِنَا الْأَرْضِيِّ أَزْمَانَا
وَشاعرنا مَع حبه الشديد للعلم ومع أنه كان معلما مخلصا وفيا لمهنته إلا أنه يرثي المعلم حيا حيث يعيش في بؤس وفي كرب يقتات آلامه ولا يشتكي همه إلا لله فهو كالشمعة تحترق وتضحي لتضيء لغيرها الدرب ويذكر شاعرنا أن المعلم معرض للاعتداءات والتهديد وكل ألوان الخطوب أثناء الامتحانات وبالإضافة إلى ذلك فهو يعمل ليل نهار في مهانة وذلة ولا يلاقي جزاء عادلا لعمله سواء أكان هذا الجزاء ماديا أو معنويا حتى ذهب نور عينيه وغطى الشيب رأسه وتقوست ظهره فيقول :
مَاذَا لَقِيتَ مِنَ الدُّنْيَا وَبَهْجَتِهَا = يَا شُعْلَةَ الضَّوْءِ تَمْحُو ظُلْمَةَ الدَّرْبِ ؟!!!
يَا رَائِدَ الْفِكْرِ فِي الدُّنْيَا وَمُرْشِدَهَا = إِذَا الطَّرِيقُ اخْتَفَتْ عَنْ أَعْيُنِ الرَّكْبِ
يَا وَارِثَ الرُّسْلِ فِي هَدْيٍ وَمَعْرِفَةٍ = فَهَلْ وَرِثْتَهُمُ فِي الْفَقْرِ وَالْجَدْبِ ؟!!!
وَكَيْفَ تَسْطِيعُ وَالْأَهْوَالُ مُحْدِقَةٌ = حَمْلَ الْأَمَانَةِ فِي صَبْرٍ وَفِي حُبِّ ؟!!! {18}
*اَلرِّثَاءْ*
وشاعرنا كان يتسم بالحب والوفاء لكل من حوله ولذلك فهو يتألم لفقد أحبابه فهَاهُوَ يَقُولُ فِي قصيدته {على قبر أبي} {19} :
قَدْ كُنْتَ تَمْلَأُ بِالسَّعَادَةِ بَيْتَنَا = فَكَسَاهُ فَقْدُكَ يَا أَبِي بِقَتَامِ
مَاتَ السُّرُورُ بِوَجْهِ أُمِّي وَارْتَمَى = فِي مُقْلَتَيْهَا ظِلُّ حُزْنٍ دَامِ
لِلْيَوْمِ قَدْ لَصِقَ الْحِدَادُ بِثَوْبِهَا = وَجَثَتْ بِجَبْهَتِهَا رُؤَى الْإِيلَامِ
وَلَكَمْ أَرَاهَا يَا أَبِي قَدْ أَسْنَدَتْ = بِالْكَفِّ رَأْساً خَاوِيَ الْأَحْلَامِ
وَقد ماتَ والد الشاعر وأمه لم تزل في ريعان شبابها فوهبت حياتها لتربية أولادها وتنشئتهم النشأة الإسلامية الصحيحة القائمة على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره حلوه ومره حتى اختارها الله إلى جواره فقال فيها {20} :
إِنْ تَمُوتِي فَسَوْفَ تَلْقَيْنَ خُلْداً = فِي جِوَارِ الْمَوْلَى وَحُسْنَ ثَوَابِهْ
أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ تَنَالِي جَزَاءً = مِنْ لَدُنْهُ عَنَّا بِغَيْرِ حِسَابِهْ
وَإِلَى اللُّقْيَا فِي جِنَانٍ أُعِدَّتْ = عِنْدَ رَبِّي وَفِي كَرِيمِ رِحَابِهْ
والشاعر يأخذ العبرة من موت أعز أحبابه ويدرك أنه لاحق بهم لا محالة ومن ثم فإنه يعد الزاد لهذا اليوم بالتقوى والعمل الصالح ويطلب من ولده ألا يحزن لفراقه فيقول :
إِذَا مَا مُتُّ يَا وَلَدِي = فَلَا تَجْزَعْ وَلَا تَوْجَلْ
فَلَسْتُ أَنَا سِوَى فَرْعٍ = يَعُودُ لِأَصْلِهِ الْأَوَّلْ
أَعِدَّ الزَّادَ يَا وَلَدِي = لِيَوْمِ الرِّحْلَةِ الْأَطْوَلْ
لَعَلَّ اللَّهَ يَجْمَعُنَا = بِدَارٍ مِنْ هُنَا أَفْضَلْ
فَإِنَّ الْمَرْءَ مَسْئُولٌ = وَمُرْتَهَنٌ بِمَا يَعْمَلْ {21}
*وصف الطبيعة*
والوصف فن قديم من فنون الشعر العربي يرجع إلى العصر الجاهلي ولكن شاعرنا يسلك في الوصف مسلكا يعكس من خلاله هموم أمته وآلامها ومعاناتها من كافة أشكال الاستعمار وألوانه وأجناسه فهاهو ذا يخاطب الوردة الذابلة قائلا :
عَهِدْنَا الْوُرُودَ تُذِيبُ الْهُمُومَ = فَمَا لِلْهُمُومِ طَوْتْ وَرْدَتِي ؟!!!
لِمَاذَا عَلَتْكِ رُسُومُ الْأَسَى = أَفِي عَالَمِ الزَّهْرِ مِنْ قَسْوَةِ ؟!!!
أَأَضْنَاكِ شَوْقٌ لِبَاقِي الْوُرُودِ = وَهَلْ ضَاقَ صَدْرُكِ بِالْوَحْدَةِ ؟!!!
أَدَاسَ حِمَاكِ مُغِيرٌ يَجُورُ = وَيَسْبِي ذَوِيكِ بِلَا رَحْمَةِ ؟!!!
أَأَوْدَتْ بِإِلْفِكِ كَفُّ الْغَرِيبِ = فَعِفْتِ الْحَيَاةَ بِلَا صُحْبَةِ ؟!!!
أَطِلِّي بِرَأْسِكِ كَيْ تُخْبِرِينِي = فَإِنِّي شَقِيقُكِ فِي الْمِحْنَةِ
ثُمَّ يُبَيِّنُ شَاعِرَنَا أَوْجُهَ الشَّبَهِ وَالْخِلَافِ بينه وبين الوردة فيقول :
كِلَانَا يُرِيدُ السَّلَامِ وَيَبْغِي = حَيَاةَ الْهَنَاءَةِ وَالْعِزَّةِ
وَتَخْشَيْنَ سَطْوَ الْغَرِيبِ لِيَسْبِي = ذَوِيكِ وَأَهْفُو لِحُرِّيَتِي
وَأَحْمِلُ وَحْدِيَ عِبْءَ أَسَاكِ = وَ عِبْءَ خَلَاصِي مِنْ مِحْنَتِي
فَأَحْطِمُ عَنِّ وَعَنْكِ الْقُيُودَ = وَأَنْسِجُ أَلْوِيَةَ الرَّحْمَةِ
لِيَنْبُتَ زَيْتُونُنَا فِي الْحُقُولِ = وَبَيْنَ السُّهُولِ وَفِي الرَّبْوَةِ {23}
وبعد فهاهو شاعرنا الأستاذ / عبدالحفيظ عبدالسميع صقر في ديوانه {خفقات قلب} شاعر تزهو به الأقلام وتزدان به الصحف قدم للإسلام كثيرا وأعطى الأدب الإسلامي أكثر وأكثر هاهو الشاعر الوفي لأبيه وأمه وأسرته وأمته الإسلامية جمعاء ولا أخفي عليك عزيزي القارئ أنني – وأنا أسطر إليك هذه السطور - كم كنت معجبا بروعة شعر ذلك الشاعر وما هذه السطور إلا لمسة وفاء لأستاذ جليل لم يبخل علينا بعلمه ولا بتجربته ونصائحه فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيرة الشاعر عبدالحفيظ عبدالسميع صقر

من خلال معجم البابطين لشعراء العربية المعاصرين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالحفيظ عبدالسميع صقر


ولد في قرية «نشيل» (محافظة الغربية)، وتوفي في مدينة «المحلة الكبرى»


تلقى تعليمه قبل الجامعي في مدرسة القرية، ومدرسة مدينة «قطور» القريبة ليلتحق بكلية دار العلوم (بالقاهرة) ويتخرج فيها عام 1959


عمل بالتدريس في عدة مدن من إقليم الدلتا المصرية حتى أصبح وكيلاً لمدرسة المعلمات الثانوية بمدينة المحلة الكبرى


حصل على الجائزة الثانية في مسابقة الشعر بين شباب الجامعات من المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالقاهرة (1958)


الإنتاج الشعري:
- له ديوانا شعر هما: «أصداء الوجدان» - (د

ن) القاهرة 1959

(كتب مقدمة الديوان أ

د

أحمد هيكل)، و«خفقات قلب» - دار البشير للثقافة - طنطا 1987، وله قصائد نشرت في صحف عصره، منها: مجلة «الأدب» - القاهرية، ومجلة: «الرابطة الإسلامية»


شاعر ينظم الموزون المقفى ويستخدم جماليات البلاغة القديمة؛ غير أنه قد يشبع الوصف ويتوسع في بعض المعاني، في شعره دلائل نفس منقبضة شاكية، مباشرة
أو من خلال رموز قريبة مثل: رثاء المعلم حيّاً، والوردة الذابلة، وغيرهما

يمثل المحور الديني ما بين الضراعة والمناسبات الدينية والمديح النبوي مساحة مهمة، وقصيدته عن الجزائر الحمراء تدل على مدى اهتمامه بالقضايا القومية


مصادر الدراسة:
1 - ديوان: أصداء الوجدان، ومقدمته


2 - عبدالله شرف: موسوعة شعراء مصر - المطبعة العربية الحديثة - القاهرة 1993


3 - نشرة عن المترجم له - بيت ثقافة مدينة قطور - 1991


عناوين القصائد:
من قصيدة: مع الضرير
من قصيدة: الوردة الذابلة
من قصيدة: في رحاب الرسول
من قصيدة: مع الضرير
أتظلُّ عمرَكَ في دُجى الظلماءِ
تحيا سجينَ القبَّةِ السوداءِ؟
لا تعرف الصبحَ الجميل وتنتشي
يومًا بمرأَى الروضةِ الغنّاء
وأراك تحتضنُ الأسى متلفِّعًا
بالصمت بين تزاحم الأرزاء
بالأمس تسأل ما الضياءُ وما الدُّجَى؟
لم تدرِ معنى ظلمةٍ وضياء
وتقول إني ما اكتحلتُ من السنا
حتى أميِّزَه عن الظلماء
وتيقَّظتْ فيك المآسي ترتدي
ثوبَ التساؤل ما مصيرُ عَمائي؟
أيظلُّ في جفنيَّ يقتل فيهما
معنى الحياةِ وبهجةَ السعداء؟
وإذا مشيتُ أشقُّ في حشْدِ الدجى
طُرقًا تموج بثائرِ الضَّوْضاء؟
وأعود في رأسي الجراحُ وملبسي
بعد التصادم لوَّثَتْه دمائي
أأعيش ظمآنَ الجفون إلى السنا
قد مات في رِيِّ الضياء رجائي؟
أحيا بسجنٍ ليس فيه نوافذٌ
منها أُطلُّ على دُنا الأحياء؟
فأجبتُ دع هذا الحديث، وشدَّنا
صوتٌ رقيقٌ مثل وَقْعِ غناء
من غادةٍ حسناءَ عانقها الرَّبيـ
ـعُ كزهرةٍ تخضلُّ بالأنداء
فهمستَ لي إني أظنُّ بأنها
تمثالُ سحرٍ رائعٍ وبهاء
فأجبتُ إن جمالها يسبي العُيو
نَ، ويوقظُ الإلهامَ في الشعراء
وخلال أناتٍ حيارى قلتَ لي
ما للضريرِ وفتنةِ الحسناء؟
ما الحسنُ إلا للبصيرِ، وما لنا
غيرُ التخبُّطِ في دجًى وشقاء
من قصيدة: الوردة الذابلة
أتيتُ الحديقةَ في لهفةِ
كئيبَ الملامح والمهْجَةِ
ينوءُ فؤادي بعبءِ الحياة
وما ذاق من كأسِها المرَّة
أويتُ إلى ظلِّها، لاجئًا
لجوءَ الطيور إلى الدوحة
فراع جَناني ضبابُ الأسى
يرشُّ الحِدادَ على الروضة
يلفُّ الزروعَ بألوانِهِ
كما لَفَّ قلبيَ في حَيْرتي
وسيقانُها الضامراتُ تحاكي
أصابعَ في راحةِ الميّت
توارَتْ بأغصانها وردةٌ
تُطأطِئُ للأرض في ذلَّة
ويجثو الذبولُ على وجهِها
جُثُوَّ الوُجومِ على صفحتي
تلوحُ بأوراقِها الذاوياتِ
بقايا ابتسامٍ على الوَجْنة
رأيتُ عليها الجمالَ الحزينَ
كخدٍّ تبلَّلَ بالعَبْرة
تحفُّ الزروعُ بها، مثلما
يحفُّ الأُساةُ بذي العلَّة
فيا أختَ حزنيَ ماذا دهاكِ؟
وما السِّرُّ في هذه النكبة؟
وماذا أصاب المحيَّا الوضيءَ
وأخمدَ فيه سنا البسمة؟
من قصيدة: في رحاب الرسول
ما لي أرى الشوقَ للألحانِ يجذبُني
ورنَّةُ الشعر في الأوتار تُطرِبُني؟
فأنت يا شعرُ أصداءٌ وترجمةٌ
للنفسِ صادقةٌ تبقى على الزمنِ
أنت الخلودُ بأنغامٍ موقَّعةٍ
تُحيي المشاعرَ إذ تنصبُّ في الأذن
اللهُ ملهمُها، للروحِ تصقلُها
والنفس تنقذُها من وطأة الحَزَن
قيثارةُ الخُلْد لم يصمتْ لها نغمٌ
وبلبلٌ أبدًا يشدو على فَنَن
فيضٌ من الله يُحيينا إذا ذبلتْ
بين الضلوع المنى من قسوةِ المحن
يَنبوعُهُ الثَّرُّ في الأعماق يُثلجها
فيزهرُ البِشْرُ في الأرواح والبَدَن
كم أطربَ المصطفى تغريدُهُ فمَضى
يُصغي لِـحسّانَ في إنشادِهِ الحَسَن
يقول هيهِ أيا خنساءُ في شغفٍ
إذ تنشدُ اللحنَ ألوانًا من الشجَن
يثني على حِكَمٍ في الشعرِ تَسْحَرنا
وتأسرُ اللبَّ لا تخفَى على الفطن
أتذكرُ المصطفى للكونِ ينقذُه
ويسكبُ الضوءَ في شامٍ وفي يَمَن
مهاجرًا وطنًا نَشْرًا لدعوته
حبُّ العقيدةِ أسمى من هوى الوطن
ويهجرُ النومَ والأقوامُ قد هجَعوا
في حُلْكة الليل لا يهْفو إلى الوَسَن
يقوم يُحيي سوادَ الليل مبتهلاً
ويذكرُ اللهَ في سِرٍّ وفي عَلَن
وزوجُهُ دَهَشًا تَرْنو وتسألُهُ
ما كلُّ هذا وقد طُهِّرتَ من دَرَن؟
يجيب إيمانُه والدمعُ منهمرٌ
ألستُ أشكرُ ربَّ الفضلِ والمنن
أتذكرُ الجَلْدَ في ساح الوغى قُدُمًا
يمضي يُدافع لم يضعف ولم يَهُن؟
يستقبلُ الطعنَ والإيذاءَ مُحتسبًا
والجرحُ في الله ما أدناهُ من ثمن
ويا له موقفًا والكفرُ منصدعٌ
في فتحِ مكةَ لما باء بالوَهَن
والصفحُ يشمل من عادَوا نبيَّهمُ
قبلاً وكم أوقعوا الأصحابَ في مِحَن
هذي سماحةُ خيرِ الخلق لا عجِبٌ
ومنقذِ الكون من زيْغٍ ومن فِتن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
{1} ديوان

خفقات قلب ص 5


{2} ديوان

خفقات قلب ص 117


{3} ديوان

خفقات قلب ص 118


{4} ديوان

خفقات قلب ص 112


{5} ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري المسمى بالتبيان في شرح الديوان – دار المعرفة- بيروت – لبنان – الجزء الثالث ص 20


{6} ديوان حسان بن ثابت تحقيق دكتور سيد حنفي حسنين الناشر المعارف 1119 كورنيش النيل – القاهرة – ج

م

ع


{7} مجلة الوعي الإسلامي الكويتية المحرم 1414 ص 108


{8} ديوان

خفقات قلب ص 109


{9} القرآن الكريم الآية {4} من سورة الأحزاب { بعض منها }
{10} مجلة الفيصل السعودية رمضان 1413 هـ صـ 14ربيع الأول 1414 هـ صـ 125 من
{11} ديوان

خفقات قلب ص 87


{12} [العلق: 1 - 5]


{13} ديوان

خفقات قلب ص 64، 65


{14} [الزمر: 9]


{15} ديوان

خفقات قلب ص 31


{16} ديوان

خفقات قلب ص 32


{17} ديوان

خفقات قلب ص 62، 63


{18} ديوان

خفقات قلب ص 60، 61


{19} ديوان

خفقات قلب ص 135
{20} ديوان

خفقات قلب ص 34
{21} ديوان

خفقات قلب ص 54، 55


{22} ديوان

خفقات قلب ص 114، 115


{23} ديوان

خفقات قلب ص 116


بقلم / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 

مقالات متعلقة

.