المجتمع العربي منقسم إلى ثلاث فئات فيما يتعلق بانتخابات الكنيست: فئة تقاطع الإنتخابات على اعتبار أن الكنيست لا تخدم المواطن العربي كونها مؤسسة عنصرية والدليل على ذلك الموافقة على قانون القومية، وقوانين أخرى عنصرية. والنتيجة فإن عضوية الكنيست عربياً لا فائدة منها انتخاباً وترشيحاً. حتى أن مقاطعي الانتخابات يرون وبحق أن الانتخاب والترشيح هو تجميل للوجه الإسرائيلي ليس أكثر.
وهناك فئة كانت تنتخب القوائم العربية، التي توحدت في العام 2015 في قائمة واحدة أصبحت تعرف بـٍ "القائمة المشتركة". هؤلاء يرون أن الواجب يتطلب دعم القائمة المشتركة وعدم ترك الساحة السياسية للمرشح اليهودي يمينياً كان أم يسارياً ، بغض النظر عن عدم وجود فائدة ملموسة من ذلك.
أما الفئة الثالثة من العرب فهي الفئة التي تفضل الأحزاب الصهيونية. وهذه الفئة تتشكل من قسمين: فهناك مثلاً ناخبون عرب يقدمون أصواتهم لما يسمونه "اليسار" الإسرائيلي مثل حركة ميرتس. لكن هذه الحركة "لا تحل ولا تربط" في أي حكومة يمينية وهي بالكاد تستطيع خدمة ناخبيها اليهود. وبذلك قلما يكون فائدة تذكر للمواطن العربي. أما القسم الثاني فهو الفئة التي تعطي أصواتها لأحزاب اليمين وأحزاب المتدينين اليهود. أصحاب هؤلاء الأصوات يرون أن اليمين هو الذي يحكم وأنه بالإمكان الحصول على فوائد منه للعرب. لكن تقديرات هؤلاء فاشلة لأن اليمين لم يقدم أي خدمة تذكر للعرب. والمثال على ذلك نتنياهو.
رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لم يكن في حيالته صديقاً للعرب بل كان ضدهم في كل شيء، ومارس التحريض ضد كل ما هو عربي في كل حملاته الانتخابية لرئاسة الحكومة منذ العام 1995. فعندما نافس شيمعون بيرس على رئاسة الحكومة استخدم أسلوب الترهيب ودب الذعر والتخويف لدى الناخب اليهودي وأسلوب التحريض. فقد صرح في تلك الفترة بصورة تحريضية، "أن اليسار نسي كيف يكون يهودياً" في إشارة منه إلى أن بيريس يعتمد في حملته على الصوت العربي، كما غض الطرف كلياً عن الشعار الذي رفعته حركة "حاباد" وهو الشعار العنصري "نتنياهو جيد لليهود"
لكن نتنياهو يعود إلينا هذه المرة بأسلوب آخر. فقد ألبس نفسه لباس الحمل الوديع، وأصبح يتعامل مع الناخب العربي بلطف لدرجة أنه يريد تطعيم قائمته بمرشح عربي في موقع جيد بهدف كسب الصوت العربي, صحيح أن الحزب هو الآن في صدد اختيار الإسم العربي، لكن هذا لا يعني إحداث تغيير في سياسة الليكود تجاه العرب، إنما محاولة لكسر الجمود العربي تجاه الليكود وكسب الأصوات العربية.
وبحسب تقارير إعلامية عبرية قالت سكرتارية حزب الليكود: “مثلما تم كسر الفيتو الفلسطيني على العلاقات مع الدول العربية، سيتم كذلك كسر فيتو الأحزاب العربية مع المواطنين العرب في إسرائيل”. في إشارة واضحة إلى صفقات التطبيع التي أعلنت عنها إسرائيل مع أربع دول عربية في الأشهر الأخيرة.
نتنياهو المعجب جداً بأفكار الزعيم الصهيوني زئيف جابوتنسكي، استشهد بقول له: “أن جميع الحقوق يجب أن تُمنح لكل مواطن في دولة إسرائيل". وأضاف "نحن نتواصل مع الناخبين العرب – صوتوا لنا”، هذا التحول الجديد في نهج نتنياهو هو تحول مرحلي في وقت الإنتخابات فقط لكسب الصوت العربي ليس غير. أما حزب "ميرتس" فهو يسعى لدغدغة الشعور العربي بالدرجة الأولى لكسب آلاف الأصوات العربية باعتباره حزباً يسارياً لكنه بالتالي حزباً صهيونياً يخدم الصهيونية بشكل عام والمواطن اليهودي بشكل خاص.
وبعض النظر كيف ستكون صورة المشهد الإنتخابي عربياً، فإن المفروض عدم تصديق أقوال نتنياهو وضرب وعوده بعرض الحائط، لأن تاريخه السياسي معروف ضد العرب وحقده عليهم ملموس. في الثالث والعشرين من شهر مارس /آذار القادم يكون يوم الإمتحان لنتنياهو فإما أن يكرم أو يهان. لكن على الأغلب لن يكرم كما يعتقد، والعرب بطبيعة الحال هم الخاسرون دائماً حتى لو حصلوا على 15 أو 20 مقعداً لأنهم غير قادرين بتاتاً على التغيير وسيظلون في مرتبة "المعارضة". والسؤال المطروح: ما جدوى العمل في الكنيست عربياً غير تجميل الوجه الإسرائيلي ؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com