الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 04:02

هل تبقى تونس عصية على التطبيع؟

بقلم: الإعلامي أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 26/12/20 10:51,  حُتلن: 14:09

صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت يوم الإثنين الماضي نقلاً عن مصادر وصفتها بالمقربه من الإدارة الأمريكية، أن تونس ستكون من الدول التي ستلحق بركب المطبعين مع إسرائيل. المقربون الذين تحدثت عنهم الصحيفة الأمريكية، وكما أعتقد، لا يتحدثون من فراغ إذا لم تكن لديهم مؤشرات أو معلومات واضحة من البيت الأبيض. لكن العارفين بتاريخ تونس السياسي ومواقف الشعب التونسي تجاه القضية الفلسطينية، يستبعدون هذا الأمر.
الدولة التونسية تاريخياً معروفة بمواقفها الوطنية، وهي التي احتضنت الثورة الفلسطينية بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية كلياً من بيروت عام 1982. وكانت العاصمة تونس مقراً دائماً للراحل ياسر عرفات ولمؤسسات منظمة التحرير قبل الدخول إلى الضفة الغربية في العام 1993.

الرئيس التونسي قيس سعيد سبق له ودعا لتجريم التطبيع مع إسرائيل ، معتبرا أن أي محاولة للتطبيع مع الدولة العبرية خيانة عظمى. كما أن الأحزاب والمنظمات الكبرى في تونس، ومنها أحزاب قريبة من الرئيس مثل (حركة الشعب) أدانت هذا التطبيع. وخلال استقباله للسفير الفلسطيني في تونس هايل الفاهوم في الثامن عشر من شهر أغسطس/آب الماضي، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، " أن الحق الفلسطيني لن يضيع ما دام هنالك أحرار وأنه ليس صفقة، ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفها الأهواء والمصالح".

هذه المواقف التونسية دحضت تكهنات غربية بأن تكون تونس على قائمة المطبعين تحت ضغط إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب. وفي اعتقادي بأن هذه المواقف مؤشرات قوية وكافية على الرفض التونسي للتطبيع. لكن ما الذي يدفع بعض المحللين إلى التأكيد على أن تونس لا بد وأن تلحق بركب الدول المطبعة، وهل هناك فعلاً مؤشرات لذلك؟. الإدارة الأمريكية تستخدم سياسة الإيتزاز والإغراءات المادية فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل. وهذا ما فعلته الإدارة الأمريكية مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، لكن بطرق مختالفة.
الشارع التونسي بشكل عام ضد التطبيع، لكن تونس تعاني من وضع اقتصادي متردي وهو نقطة ضعفها حالياً. والولايات المتحدة تقوم بمقايضة التطبيع الجديد بالمساعدات والإغراءات. والدولة التونسية تحصل على قروض من مؤسسات مالية دولية مثل البنك الدولي، وأن رفضها التطبيع مع إسرائيل قد يقود إلى عرقلة طلباتها للحصول على القروض لأن المؤسسات المالية الداعمة ليست بمنأى عن السياسة وخاصة ارتباطها بالموقف الأميركي.

نقطة مهمة أخرى قد تجبر تونس على التخلي عن "الممانعة" والذهاب إلى التطبيع وهي السياحة. فالدولة التونسية معروفة كبلد سياحي ينافسها المغرب في هذا الأمر. وبما أن الإهتمام الأمريكي انصب على المغرب بعد الموافقة على التطبيع، فسيكون المغرب وجهة السياحة الغربية أكثر من تونس مما يفقد الخزينة التونسية ملايين الدولارات. وحسب بعض المحللين، يمكن أن يزيد انفتاح المغرب على السوق الإسرائيلية وقدرته على استقطاب السياح اليهود في تعميق أزمة هذا القطاع الذي يعاني من الارتجال خاصة بعد أن تخلت الدولة عن مهمة الترويج الخارجي وتقديم التسهيلات والدعم المالي لقطاع كان يمثل متنفسا لأزمة البطالة.

الاتحاد العام التونسي للشغل وهو أكبر تجمع نقابي شعبي وطني في تونس أصدر بياناً جاء فيه" أن لقاءات غير معلنة تمّت مؤخّرا برعاية فرنسية وأميركية من أجل دفع الدولة التونسية للتطبيع مع الكيان الصهيوني على غرار دول عربية أخرى مقابل تحفيزات ومساعدات في شكل رشوة لضرب المواقف الوطنية لتونس وإجبارها على تغيير سياساتها الدولية والعربية”
وزارة الخارجية التونسية سارعت بدورها إلى إصدار بيان حول الجدل القائم في تونس فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل. وبالرغم من أن الوزارة طمأنت المواطنين بأن لا خوف على الدبلوماسية التونسية طالما هي من صلاحيات الرئيس قيس سعيد، لكن ظهرت تساؤلات حول بعض ما ورد في لبيان مثل:" أن الأمر مرتبط بـتطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصّة بحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه المسلوبة وإقامة دولته المستقلّة”، وهو ما يعني أن تونس لا تمانع في “تطبيع” بعد تطبيق قرارات الشرعية.

والسؤال المطروح الآن : هل ترضى تونس بلد محمد البوعزيزي رمز ثورات الربيع العربي، بتنازلات مؤلمة تشمل التطبيع مع إسرائيل تحت مسوغ إكراهات الواقع؟

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة

.