وديع عواودة:
واضح أن الخطة الحكومية ما كانت لتثير هذه الضجة لو أتت في زمان آخر وكانت فيه المشتركة أكثر انسجاما. دون التوافق على تكامل الأدوار بنزاهة وبقيادية ستدخل المشتركة حتما مسار التايتنيك
بالحوار في المكان والزمان المناسبين والقليل من المسؤولية والتفوق على النفس يمكن دفع سفينة المشتركة إلى مسار صحيح : لأنه يمكن إدارة الاختلافات وتسوية الخلافات وهذه لا تسبب بالضرورة لـ تفكيكها. خلاصة الجدل والتراشق تظهر أن النجاة تكمن في تخفيف مقدار الذاتية والحذر في التعامل مع الحكومة ومع وسائل الإعلام والعمل كـ فريق يشارك في التخطيط والتنفيذ والكريديت. حالتنا الاستثنائية في السعي لانتزاع حقوقنا مع الاحتفاظ بكرامتنا حالة معقدة أصلا وهامش مناورتنا ليس واسعا.. فيكفينا ما فينا. التعامل مع المؤسسة الحاكمة لنواب المشتركة في الكنيست أمر طبيعي ومنتظر وإلا فماذا نفعل نحن هناك وهل يتوجه هؤلاء لرئيس حكومة اليونان على طريق تحقيق حقوق المجتمع العربي أم أن مهمتهم باتت لمقارعة الحكومة ورئيسها فحسب ؟
لا بأس من إبداء المناورة،المرونة والليونة في الموقف والأداء واللغة( كما تجلى في التوصية على غانتس مثلا) خاصة أننا نواجه قضايا ملحة كـ هدم البيوت واستفحال الجريمة وانتهاك الحقوق المدنية والسياسية. بدون هذه المحاولات والأدوات والتوجهات التي تنزع عنها المراهقة السياسية والرؤى المتقادمة المستندة على الحق فقط لن يكون اليوم الخطير بعيدا وفيه يذهب الأبناء والأحفاء لـ طريق البحث عن الانخراط والاندماج والأسرلة على أمل إنجاز هذه الحقوق المدنية دون الاكتراث للهوية والحقوق الوطنية. المواقف المتشددة الطهرانية ستؤدي للنتيجة ذاتها التي تفضي لها المواقف الانبطاحية العدمية. لحظة تأمل بما يدور يستنتج أن هذا سيناريو وارد وهناك من يخطط له ويحلم به. نتيجة أسباب متنوعة فإن الرؤية المذكورة والموازنة بين العقل والقلب لن تتحقق مرة واحدة فهذه طريق ومسيرة لابد أن يبدأ بها وإلا سيكون البديل أخطر وهذا حتمي بعد سبعة عقود ونيف على نكبة 1948 وبدء الانقسام بين الوطن وبين المواطنة. نعم لابد من رؤية تأخذ كل هذه الحسابات وتنطلق ولذا فنيبادر القادة لقيادتها وتهذيبها والعمل بها طالما كانت تتم بـ حذر وتوازن الأقوال والأفعال وضمن خطة متوافق عليها وتوازن الحقوق المدنية والهوية الوطنية ولا شك أن غياب هذه الخطة سبب رئيس في زعزعة السفينة وتورطها في بحور هائجة. على سبيل المثال واضح أن الخطة الحكومية ما كانت لتثير هذه الضجة لو أتت في زمان آخر وكانت فيه المشتركة أكثر انسجاما. دون التوافق على تكامل الأدوار بنزاهة وبقيادية ستدخل المشتركة حتما مسار التايتنيك.. والارتطام في هذه المرة الثانية أصعب لأن الكل يعلم أن كتلا جليدية وحقول ألغام في الطريق طبقا لتجربة الارتطام الأول. هذه المرة سيكون الارتطام والغرق ليس نتيجة سوء تقدير مسؤول الناظورعلى متن السفينة بل نتيجة عمى قلب القباطنة واستخفاف كل من أياديهم على مقودها.
وتجربة ربيع 2019 ليست بعيدة وعندها سيبكي نوابها كما تبكي النساء على مشروع لم يصونوه كـ الرجال فـ ومنع غرقها ليست مهمة القبطان (رؤساء الكتل الأربع ) فحسب بل كل نائب على متن السفينة ومرجعياتها الحزبية .... المتوفرة. ومن يتفرج على النار بـ صمت سيدرك أن النار ستطاله هو وكتلته. حسابات الأنا والذات أمر طبيعي لكن هناك مصالح عليا وقضايا حارقة تلزم بالمسؤولية والترفع واعتبارها مناطق حرام لا يجوز اللعب بها بضغط الإيغو خاصة أن ذلك من شأنه ضرب كل الأناوات والإيجوهات والأبوهات بنهاية اليوم.
هذا المشروع بنهاية المطاف ليس للنواب فحسب بل بالأساس هو أمانة للمجتمع العربي أودعها بـ أياديكم. انتكاسة المشتركة هذه المرة ستشكل ضربة موجعة جدا لـ المتابعة والقطرية ربما ولكل السياسة العربية وربما تشق الطريق لـ روابط قرى جديدة يستبدلون " المشتركة" ويتركزون فقط في محاولة مشاكل الطعام والشراب فقط.
نجاحكم مشترك وفشلكم مشترك فلماذا تعملون بالمفرق خاصة أن التحديات والهموم ثقيلة وتاريخية. تبدو هذه الفرصة الأخيرة فخذوها من أجلكم ومن أجلنا قبل أن تحين ساعة لا ينفع فيها ندم وحسرة. حسابات الأخلاق والعقل معا تستدعي أن توقف المشتركة المأساة السياسية الراهنة وتفتح صفحة جديدة يوم الإثنين القادم.. في الدقيقة الـ 89!