تعيش فدى حسين منذ 20 عامًا مع مرض بومبي - وهو مرض نادر يمكنه أن يؤدي إلى الوفاة
في السنوات الأخيرة، تتلقى فدى علاجًا يوقف تقدم المرض ويخفف الأعراض.
فدى حسين:
لقد قررت أن لا أشفق على نفسي وأن أفعل كل شيء لأعيش مع المرض
في الماضي، كنت أدخل المستشفى كل بضعة أشهر واليوم أصبح المرض تحت السيطرة
فدى حسين (37 عامًا) من القدس شُخصت قبل ما يقارب العشرين عامًا بمرض نادر يسمى - بومبي. تتذكر فدى قائلة: "في سن الثامنة عشرة، بدأت أشعر بشيء غريب" وتضيف قائلة: "فجأة واجهت صعوبة في صعود الدرج، شعرت بضيق في التنفس في كثير من الأحيان، ولم أتمكن من رفع الأغراض الثقيلة، وحتى أنني استصعبت المشي مع الكعب العالي لأنه تسبب في فقدان توازني". أدركت فدى أن هناك مشكلة ما وخضعت لسلسلة من الفحوصات وأضافت: "كانت جميع النتائج سليمة وقال الأطباء إنه لا توجد لدي مشكلة طبية". "لقد نصحوني بممارسة الرياضة أكثر لأنه وفقًا للأطباء لست رياضية بما فيه الكفاية".
فدى حسين
ولكن بعد عدة أشهر، أصيبت فدى بفيروس الإنفلونزا واضطرت لدخول المستشفى والبقاء في وحدة العناية المركزة في مستشفى شعاري تسيديك بالقدس. تتذكر فدى: "أثناء مكوثي في المستشفى، أخبرت الأطباء عن الأعراض غير المعتادة، وعندها راودهم الشك في أنه قد يكون الحديث عن مرض عضلي". أجرى الطاقم الطبي عددًا من فحوصات الدم لفحص مستويات الإنزيمات في الجسم وأرسلت خزعة عضلية إلى المختبر. وعندما وصلت النتائج، أبلغ الأطباء فدى أنها تعاني من مرض نادر يسمى - مرض بومبي. "في البداية كنت في حالة صدمة. كنت حقًا مصدومة. لا أحد من عائلتي مصاب بمرض بومبي، ولم أسمع به من قبل. أدركت بسرعة أنه مرض نادر للغاية لا يتوفر علاج له"، كما تتذكر فدى.
بومبي هي مرض استقلابي وراثي نادر يظهر لدى واحدة من بين 40 ألف ولادة في العالم. ينتج المرض عن فعالية مختلة أو نقص تام أو جزئي في إنزيم بالجسم مسؤول عن تحليل الجليكوجين (عديد السكاريد). ولهذا السبب يسمى مرض بومبي أيضًا "مرض اختزان الجليكوجين". يمكن الكشف عن المرض بواسطة فحص دم بسيط.
يوضح الدكتور إياس قاسم، نائب مدير قسم طب الأطفال في المركز الطبي هيلل يافه وأخصائي طب القلب والأطفال: "المرض هو مرض وراثي، لذلك سنرى في معظم الحالات أن والدي المريض يحملان الجين الذي يسبب نقص الإنزيم المسؤول عن تحليل الجليكوجين". "يعيش في إسرائيل حوالي 20 مريضًا، وشيوع الإصابة بالمرض أعلى في المجتمع العربي بالأساس نتيجة لزواج الأقارب، مما يزيد من احتمال أن يكون كلا الوالدين حاملين للجين المرتبط بالمرض. لذلك هناك أهمية كبيرة للفحوص الجينية في بداية الحمل"، كما يوضح الدكتور قاسم.
في الحالات التي يعاني فيها المريض من نقص كامل بالإنزيم، يظهر المرض فور الولادة وأحيانًا أثناء الحمل. بدون التشخيص والعلاج في الأسابيع الأولى من حياة الطفل المولود مع مرض بومبي، من المتوقع أن تتطور لديه أضرار غير قابلة للعكس وعلى الأغلب لن يعيش أكثر من عام خاصة بسبب أمراض القلب الناجمة عن المرض. عدا عن أمراض القلب، قد يعاني هؤلاء الأطفال أيضًا من توتر عضلي منخفض للغاية أو من عدم وجوده على الإطلاق، وسيواجهون صعوبة في الرضاعة (وهي ظاهرة يمكنها أن تؤدي إلى تأخر في زيادة الوزن والنمو) كما سيعانون من تضخم اللسان وضعف شديد في عضلات جهاز التنفس. في أغلب الأحيان، يمكن تشخيص المرض عند الولادة أو أثناء الحمل نفسه، وذلك بواسطة فحص بسيط وبالتالي ملائمة علاج ينقذ الحياة من غير شك.
من ناحية أخرى، يكون نطاق المرض واسعًا لدى البالغين ومعدل تقدمه أبطأ. يوضح الدكتور قاسم: "في أغلب الأحيان وعندما يتم تشخيص المرض لدى البالغين، لا يكون هناك نقص كامل في الإنزيم، وإنما نقص جزئي مما يؤدي إلى إبطاء في تخزين الجليكوجين في الخلية". "على عكس الأطفال، لا يمتاز مرض بومبي لدى البالغين بظهور أمراض القلب. في أغلب الأحيان يكون التشخيص أصعب بسبب أعراض غير واضحة مشابهة لأمراض تنكسية أخرى. ويضيف الدكتور قاسم: "أعراض المرض الشائعة لدى البالغين هي ضعف متفاقم في عضلات الأطراف، أحيانًا لدرجة يفقدون فيها القدرة على المشي، التعب المزمن، اضطرابات النوم ومشاكل في جهاز التنفس - أحيانًا لدرجة الحاجة إلى التنفس الاصطناعي."
تقول فدى: "في البداية وبعد تشخيصي، كنت ألوم نفسي". "شعرت بتأنيب الضمير بسبب مرضي. وأضافت: لقد حمّلت نفسي المسؤولية وغضبت جدًا". "لكن في مرحلة معينة قررت أنه لا توجد جدوى من هذا. أدركت أن إلقاء اللوم لن يساعد ولن يحسن وضعي. ولأنني شخص متفائل بطبيعتي، قررت أنه على الرغم من أنه مرض خطير إلا أنني سأتوقف عن الإشفاق على نفسي. وتقول فدى: على الرغم من أنه لا يمكنني أن أشفى، لكن من الممكن وقف تدهور الوضع".
"لحسن الحظ، لدي عائلة داعمة ومساعدة للغاية. كنت أعلم أنه إذا أظهرت لهم التفاؤل وأنني قوية وقادرة على مواجهة الصعوبة، فسيساعدهم ذلك أيضًا على مواجهة الوضع، وسنقوي بعضنا البعض. لقد اخترت أن أنظر للنصف الممتلئ من الكأس فقط" كما تقول فدى.
على مر السنين، كانت فدى على اتصال عبر الإنترنت مع مرضى بومبي آخرين حول العالم. تقول: "لقد تواصلت مع مرضى في وضع مشابه لوضعي من الولايات المتحدة وأوروبا". وتتذكر قائلة: "كما كنت على اتصال مع مريض بومبي من إسرائيل، نصحته وشجعته، لكن للأسف تدهورت حالته الصحية قبل بضع سنوات وتوفي بسبب المرض".
لقد تقدم الطب والعلم كثيرًا في السنوات الأخيرة وتتوفر اليوم علاجات تعمل على تحسين جودة حياة المرضى، وفي بعض الأحيان تنقذهم من الموت أيضًا. يوضح الدكتور قاسم: "أحد العلاجات المقدمة لمرضى بومبي هو الدواء "ميوزايم" – وهو دواء بيولوجي يُعطى بالتسريب ومتوفر في سلة الأدوية". ويضيف: "أثناء العلاج، يعطى للمرضى إنزيم بديل يعمل على تحليل الجليكوجين ويمنع تراكمه في الخلايا وعمليًا يوقف المرض. يظهر العديد من المرضى تحسنًا في وظائف التنفس والعضلة وكذلك تحسنًا في مدة بقائهم على قيد الحياة". ووفقًا لكلامه، هناك أهمية كبيرة لتشخيص المرض مبكرًا في علاج البالغين أيضًا، لأنه كلما مر الوقت وتقدم المرض تحدث للجسم وللعضلات أضرار لا يمكن عكسها، مما يزيد من صعوبة العلاج ويضر بشدة جودة حياة المريض.
في السنوات الأخيرة تتلقى فدى العلاج بالدواء "ميوزايم". وهي تتلقى العلاج مرة كل أسبوعين بواسطة تسريب للوريد في مستشفى شعاري تسيديك. تقول فدى: "بفضل العلاج تغيرت حياتي بطريقة غير عادية". "قبل أن أتلقى العلاج، اضطررت أن أدخل المستشفى كل بضعة أشهر لقسم العناية المركزة مع ضيق في التنفس وضعف عضلي وأعراض أخرى. ولكن منذ أن بدأت في تلقي الدواء، اختفت كل هذه الأعراض"، كما تشير. وتضيف: "لقد كنت محظوظة وتم تشخيصي في مرحلة مبكرة نسبيًا. أنا متأكدة من أنه لو حصل الشاب الذي تعرفت عليه في إسرائيل وكان مصابًا بالمرض أيضًا على العلاج قبل عدة سنوات، كانت ستنقذ حياته أيضًا".
وعلى الرغم من أن فدى تتلقي العلاج إلا إنها تعاني من صعوبات خلال فترة الشتاء. "يسبب المرض آلامًا كثيرة في الجسم على الرغم من أنني أحاول أن أتدفأ، إلا أن ذلك لا يخفف من المعاناة الكبيرة".
أثناء تفشي كورونا، خافت فدى من الذهاب إلى المستشفى لتلقي العلاج. "توقفت عن تلقي الدواء لعدة أسابيع وشعرت على الفور بالاختلاف"، وتقول فدى: " عانيت من ضعف وصعوبة كبيرة حتى أنني لم استطع القيام عن الكرسي تقريبًا. في نهاية الأمر قررت العودة لتناول الدواء وبالتالي أوقفت تدهور المرض".