نعيش اليوم أزمة حقيقيّة تهدّد مستقبل أبنائنا التّعليمي، ربّما هي الأخطر في زماننا الحاضر، في ظّل جائحة كورونا، المسبّب الأول والرئيسي لإغلاق المؤسّسات التّعليمية كالمدارس والجامعات في أرجاء العالم كافّة، تفاديًا لانتشار الوباء. وجدنا أنفسنا ،بين عشّية وضحاها، نسلك مسلكًا آخر في تعليم أبنائنا، فالأزمة الّتي نعيشها دفعت المؤسّسات للتّعليم عن بُعد كبديل أنسب لضمان استمرار عمليّة التّعليم ، وذلك بواسطة التكنولوجيا ووسائل التّواصل الاجتماعي.
ولاستّمرار سيرورة التّعليم وإنجاح هذّه العمليّة؛ يواجه الكثير منّا معلمين وطلاّبًا وآباء تحدّيات وعواقب تتطّلب منّا جهدًا مضاعفًا لتجاوزها والتّغلب عليها، وسأتطرق في مقالي هذا لطرح بعض التّحدّيات التي نواجهها من خلال الاطّلاع على الجوانب الايجابيّة والسّلبيّة لموضوع التعليم عن بعد.
لا يستطيع أًيٌّ مّنا إنكار أنّ التكنولوجيا اقتحمت معظم مناحي حياتنا وأصبحت جزءاً لا يتّجزأ منها، وهي ليست وليدة اليوم، فالتّعليم عن طريق الإنترنت موجود منذ عام 2000، ولكّننا الآن أمام معضلة حقيقيّة وهي ما مدى جاهزيّة المعلّم لتنفيذ مهام التّعليم والإلمام بجميع الوسائل؟، فشغف طلابنا السّريع نحو التكنولوجيا أوجد فجوة بين المعلّم والطّالب تعيق مسيرة التعلّم، ممّا فتح الباب على مصراعيه أمام المعلمين لمواكبة طرق تعليم محوسبة وحديثة بإقبال ملحوظ.
فقدان الكثير من الأهالي لثقافة التكنولوجيا وعدم إلمامهم بها، وبسبب الظروف الاقتصادية التي نعيشها لا تتوفر في بيوت الطّلاب الأجهزة الكافية ففي بعض البيوت يوجد ثلاثة أبناء يشتركون في حاسوب واحد! والمهام أو لقاءات "الزوم" في آن واحد لجميعهم، تمنعهم من أداء مهامّهم المدرسيّة، ومن الأمور التي يواجهها المعلّم مع طلابه أيضًا، تجاوز الحدود من قبل التلاميذ مع معلميهم والتواصل المستمر دون مراعاة للوقت، فساعات عمل المعلم أصبحت طويلة دون الأخذ بعين الاعتبار أنّ المعلّم هو أيضًا أب لأبناء ويتّطلب منه مرافقتهم في يومهم، عدا عن المهازل والسخرية التي لا يسعني الحديث عنها هنا !! والتي تنتشر على وسائل التواصل من قبل بعض المستهترين واللّائمين كل اللّوم على المعلّم كأنه المسؤول عمّا يحدث، والتذّمر الدائم من وجود الأبناء في البيت.
ختاما أودّ أن ألفت نظر أولياء أمور الطّلاب لأقول: "ربّ ضارة نافعة" بالصبر والتعاون المشترك بين المعلمين والأهل سنتجاوز هذه الأزمة ونجعلها تترك بصمة جميلة في حياة أبنائنا، فالتعليم عن بُعد يخلق جوًا من التفاعل بين المعلم والمتعلم إضافة الى تطوير فرصة للتعليم الذاتي كونها تطّور قدرات الطلاب على حل المشكلات واتخاذ قرارات سليمة في تعليمهم، ونصيحتي للطلاب عدم تضييع الوقت والاستهتار في التعلم حتى لا يؤثر ذلك على مستقبلهم التعليمي.