امضى الكاتب الشاعر المرحوم حنا ابراهيم، سحابة عمره عاملا نشيطا في المجالين الاجتماعي والادبي في بلادنا، وقد حفل سجل حياته بالنشاطات الثقافية والفعاليات المجتمعية التي امتدت عبر العشرات من العقود، ما أهله لان يكون واحدًا من ابرز الوجوه في حياتنا الثقافية، وقد ربطتني به علاقة شخصية امتدت منذ السبعينيات الاولى من القرن الماضي، حتى اعتكافه وحيدا في بيته خلال العقد الماضي.. جراء المرض والشيخوخة، وما زلت اذكر بكثير من المحبة استقباله الحفي بي وبإخواني الكتاب الشباب الطالعين ابّان السبعينيات اثناء عمله محررًا رئيسيًا في صحيفة الاتحاد الحيفاوية.
بطل قصيدة سجل انا عربي
ولد حنا ابراهيم في قرية البعنة الجليلية عام 1927، لعائلة متواضعة الحال، عرفت بوطنيتها المشتعلة، وكان ابوه، كما ورد في سيرته الشخصية، واحدًا من قياديي ثورة عام 36. لن اتطرق هنا لتفاصيل حياته الاولية، فقد وردت في اكثر من موقع الكتروني وكتاب، وانما سأشير الى محطاتها الكبيرة البارزة.
بعد انهاء حنا ابراهيم دراسته الثانوية في مدينة عكا، عمل في سلط الشرطة الانتدابية، وانتسب بعدها عام 1948 الى عصبة التحرر الوطني، وتابع من ثم نشاطاته السياسية والثقافية عبر صحافة الحزب الشيوعي الاسرائيلي، الذي التحق بصفوفه، وذلك عبر عمله محررا في صحيفة الاتحاد كما سلف.. وقبلها في مجلة الجديد، المحتجبة، ومما يذكر لحنا ابراهيم انه كان ناشطا مجتمعيا وقد شغل في فترة سابقة منصب رئاسة مجلس بلدته البعنة المحلي. من معرفتي به اسجّل هنا انه لم يكن يرضى بآراء وافكار زملائه الحزبيين اذا لم ترق له، وكان دائم النقاش، واحيانا الخلاف معهم، ما اثر عليه سلبا وادى في النهاية بقيادة حزبه الى فصله من صفوفها.
تقلّب حنا ابراهيم خلال حياته المديدة( 93 عاما)، في العديد من الاعمال وكان يفتخر في اللقاءات والفعاليات الثقافية امام جمهور الحاضرين بانه عمل حجارا واتقن لغة التعامل مع الحجارة.. فكيف لا يتقن لغة التفاهم مع اخوانه من بني البشر؟. وما يُذكر في هذا المجال ان الشاعر الراحل محمود درويش استقى تفاصيل قصيدته " سجّل انا عربي"، من حياة حنا ابراهيم وكدحه لإعالة ابناء اسرته. ومن يطّلع على تفاصيل سيرته الذاتية كما رواها في كتابه السيري الرائع" مذكرات شاب لم يتغرب"، يلمس لمس العين ما عاناه في طفولته من فقر وحرمان. لقد آمن حنا ابراهيم بالفكر الثوري الرافض للمسلمات والراني الى افاق ابداعية دائمة التجدد، وثبت على ايمانه هذا حتى يوم رحيله صبيحة اليوم الاربعاء 15-10-2020.
سائح بين الشعر والنثر
كتب حنا ابراهيم الشعر والنثر على حد سواء، وله انتاج وفير في مجال الشعر كما سيلاحظ القارئ المتابع لإنتاجه الادبي، وقد كتب القصيدة العمودية، اما في مجال النثر الادبي فقد كتب القصة القصيرة والرواية، وقد اصدر، كما سنرى، كتابين في السيرة الذاتية، اعتقد انهما يعتبران من اهم ما كتب واصدر، وهما يخوّلانه لدخول ديوان النثر الفلسطيني بثقة وجدارة..
نقدّم فيما يلي ثبتًا بعناوين مؤلفاته الشعرية اولًا تليها عناوين مؤلفاته النثرية. له في الشعر المجموعات: صوت من الشاغور. 1981.* صوت من الشاغور. 1982* نشيد للناس. 1992. * صرخة في واد. (مختارات من أشعاره ) 2007. * وله في النثر المؤلفات: أزهار برية. (قصص)1972. * ريحة الوطن. (قصص) 2979. * الغربة في الوطن. (قصص ) 1980. * أزهار برية. (مجلد ضم مجموعاته القصصية) صدر عام 2000. * أوجاع البلاد المقدسة. *(رواية) 1997. * موسى الفلسطيني. (رواية) 1998. * عصفورة من المغرب. (رواية) * ذكريات شاب لم يتغرب. (سيرة ذاتية) 1996. * شجرة المعرفة. (سيرة ذاتية) 1996.
تُرجم بعض من قصصه إلى لغات عديدة منها: العبرية، الروسية والإنجليزية، وتناول الكثيرون من طلاب معاهد التعليم العالي (الكليات والجامعات)، أدبه ضمن دراساتهم الاكاديمية العليا.
الطائر الغريد
اعتبر حنا ابراهيم منذ سنوات بعيدة، واحدا من اصحاب الشخصيات النضالية الكفاحية الوطنية البارزة في عطائها السخي، وقد كان عضوا فعالا في عصبة التحرر الوطني وبعدها في الحزب الشيوعي الاسرائيلي، الا انه لم يكن يتقبّل الفكرة الا بعد اعماله النظر فيها وبالتالي الاقتناع بها، لذا شهدت حياته فترات توهجّ وفي المقابل فترات خبو، وقفت في صلبها خلافاته شبه الدائمة مع اخوانه القياديين. وهناك العديد مما يروى عنه في رجاحة رأيه وجرأته في اتخاذه قراراته العقلانية، وفي تقبله لغير المألوف والمعروف.. لقد استرشد حنا ابراهيم طوال الوقت ببوصلة وطنية حنونة ومُحبة لكل ما هو جميل واصيل.. بوصلة تضع في اعلى سلم اهتماماتها المصلحة العامة وتغلّبها على المصلحة الشخصية الضيقة.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com