قبل أكثر من عشرة أعوام نشرت مقالة نقدية حول تربية فالدورف وانبثاقها عن الحركة الانتروبسوفية العالمية التي تأسست على يد العالم رودولف شطاينر في المانيا قبل أكثر من مائة عام. اشرت هناك الى ان الانتربسوفيا هي حركة دينية خاصة لها طقوسها وقوانينها التي تختلف عن تلك المتبعة والمتعارف عليها في حضارتنا ومجتمعنا. وكنت حينها قد استقيت معلوماتي من مقالات معارضة لمنهج فالدورف ادعت ان حركة الانتربسوفيا تكفيرية متطرفة. لعل أصعب ما جاء في تلك المقالات الادعاء باستغلال الأطفال من مرحلة عمرية مبكرة لزرع معتقدات الحركة بما يشبه الحركة الماسونية.
قمت بعد نشر المقال بدراسة الحقل وزيارة العديد من روضات فالدورف ومؤسساتها التربوية في البلاد والخارج، فوجدت تربية متناغمة تتلاءم وطبيعة تطور الطفل على مراحل مختلفة من خلال بيئات تربوية خاصة. وغاب عن المشهد السياق الانتروبوسفي التبشيري المذكور في كتب المعارضين.
يبقى السؤال لماذا لم تنجح الانتربسوفيا بالدفاع عن نفسها امام المعارضين؟
من خلال تجربتي البحثية المتواضعة بهذا المدمار واطلاعي على عشرات الكتب والمقالات حول تربية فالدورف والانتربسوفيا اثناء دراستي للدكتوراة، وجدت ان الأبحاث المؤيدة لتربية فالدورف كتبت بأقلام باحثين من داخل الانتربسوفيا ذاتها ومن قبل اشخاص محسوبين عليها او مؤيدين لها كمربيات ومربين، وتم نشر تلك المقالات في مجلات خاصة بالجاليات الانتربسوفيا حول العالم. وافتقرت الى التحكيم الموضوعي المتبع في البحث العلمي الجدي. للأسف لم أجد الكثير حول تربية فالدورف في مجلات علمية محكمة حيادية، وهذا مأخذ يجب تداركه والانفتاح والنشر في مجلات عالمية محكمة.
تربية فالدورف ستبقى موضوعا مثيرا للجدل علميا حتى نجد دراسات اكاديمية حيادية جادة تعتمد على معطيات امبريقية تجريبية.
اليوم أكثر من أي وقت مضى اميل بالاعتقاد ان ادعاءات المعارضين لفالدورف جاءت من دوافع دينية فلسفية في محاولة لتكفير المختلف بغض النظر عن هويته، من باب كل من ليس معنا بالضرورة هو علينا. ولم تتمكن الانتربسوفيا الدفاع عن نفسها امام المعارضة دون بحث علمي حقيقي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com