بعد تشكيل حكومة الثنائي نتنياهو/غانتس، ظهرت الكثير من الأقوال التي تشكك في بقاء هذه الجكومة كونها حكومة مصالح بالدرجة الأولى، ولا سيما أنها حكومة رؤساء إثنين لا يثقان ببعضهما البعض، لكن المصالح الشخصية والحزبية لكل منهما أرغمتهما على القبول بالأمر الواقع، ولكل من نتنياهو وغانتس مبرراته في اختيار المر كونه أفضل من الأمر.لقد قيل أن الحكومة قد تكون قصيرة العمر، بسبب المواقف المتباينة لرئيسيها الحالي والقادم، وتحدث محللون عن احتمال إمكانية خداع نتنياهو لغانتس وعدم إعطائه فرصة لرئاسة الحكومة، وهذا ما نسمعه الآن في الشارع.
إضافة إلى وجود خلافات بين نتنياهو وعانتس حول مواضيع عديدة، لكن الخلاف الأكبر الآن بين الإثنين هو "الميزانية"، ومن المحتمل حسب تحليل بعض المحللين أن يؤدي هذا الخلاف إلى إسقاط الحكومة والتوجه إلى انتخابات رابعة جديدة، إذا لم يتم تسوية هذا الخلاف. استطلاعات الرأي تقول ان كلا الحزبين “أزرق أبيض” و"الليكود" سيخسران مقاعد في حال تم إجراء انتخابات.
المعلومات الموفرة تقول ان نتنياهو وغانتس وخلال الجلسة الأخيرة للحكومة، دخلا في نقاش حاد حول ميزانية الحكومة. ولكن لماذا هذا الحلاف وما هي خلفيته؟ نتنياهو وغانتس كانا قد اتفقا على تمرير ميزانية لمدة عامين تغطي 2020 و2021 في إطار الإتفاق الإئتلافي بين حزبيهما في شهر مايو/أيار الماضي، إلا أن نتنياهو تنصل من ذلك ويطالب الآن بأن تغطي الميزانية عام 2020 فقط، معللا ذلك "بحالة عدم اليقين الناجمة عن جائحة كورون".
لكن غانتس زعيم حزب "أزرق أبيض" يعرف نوايا نتنياهو وألاعيبه خصوصاً انه لا يثق به، فقد أعلن رفضه لاقتراح نتنياهو وأصر على ميزانية تستمر حتى العام المقبل، مؤكدا على "أن الميزانية لعامين ستساعد في استقرار الاقتصاد المترنح". وقد وصل عدم ثقة غانتس بنتنياهو إلى الإعراب عن خشيته "من أن نتنياهو يعتزم استخدام مفاوضات الميزانية للعام المقبل كعذر لحل الحكومة وتجنب نقل السلطة في شهر /نشرين الثاني /نوفمبر العام بموجب اتفاق التناوب على رئاسة الوزراء بينهما.وهناك تكهنات تقول ان نتنياهو يستهدف من إثارة أزمة الميزانية في الوقت الحالي لتجنب تركه لمنصبه في غضون 15 شهرا، علماً بأن نتنياهو وغانتس كانا قد اتفقا على تشكيل حكومة وحدة طارئة في مايو بسبب جائحة كورونا، بعد أن فشلت ثلاث جولات متتالية من الانتخابات – في أبريل 2019
عضوا الكنيست يوعاز هندل وتسفي هاوزرعن حزب “ديرخ إيرتس واللذين تم انتخابهما في إطار تحالف " أزرق أبيض"، دخلا على خط الخلاف في محاولة للتسوية بين نتنياهو وغانتس، وتقدما بمشروع قانون لتأجيل الموعد النهائي لتمرير ميزانية الدولة لعدة أشهر، لمنح نتنياهو وغانتس المزيد من الوقت لتفاوض على اتفاق في نزاعهما الجاري بشأن الميزانية وقد وافق نتنياهو وخصمه السياسي غانتس عل ذلك، لكن لهجة نتنياهو بقيت متشنجة فيما يتعلق بالحكومة. فخلال مؤتمر رؤساء السلطات المحلية الذي انعقد الإثنين الماضي، قال نتنياهو: "إن حكومة الوحدة الحالية التي تشكلت في مايو متضخمة وغير فعالة.، والحكومة السابقة، كانت أصغر وأكثر فعالية. وقد ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" نقلاً عن مصادر إعلامية، "أن تعهد الليكود بدعم مشروع القانون الذي طرحه هاوزر وهندل سيقتصر فقط على القراءتين التمهيدية والأولى، وليس القراءتين الثانية والثالثة، مما أثار تكهنات بأن تكون هذه مجرد حيلة سياسية وأن البلاد قد تتوجه رغم كل شيء إلى انتخابات جديد".
الموعد الأخير لإقرار الميزانية هو يوم الخامس والعشرين من الشهر الحالي، وعلى قادة الحزبين “أزرق أبيض” و“الليكود” نتنياهو وغانتس، أن يزيلا الخلاف القائم بينهما حتى ذلك التاريخ، غانتس وحسب مصادر إسرائيلية يعتبر الخلاف القائم مع نتنياهو حول الميزانية بأنه" “واحدة من أخطر الأزمات في تاريخ البلاد، ويجب أن نفعل كل شيء لمنع الانتخابات التي ستحدث كارثة اقتصادية على الاقتصاد وتمزق المجتمع الإسرائيلي إلى أشلاء”. ويرى محللون في الشأن الإسرائيلي أن تشديد غانتس على عدم إجراء انتخابات رابعة جديدة هو خشيته من فشل كبير لحزبه، بعد أن تنصل من الإتغاق الذي أبرمه مع حلفائه بشأن عدم دعم نتنياهو، مما أدى إلى ترك بعض الحلفاء لتكتل أزرق أبيض. ولذلك يحاول إقناع الناخب الإسرائيلي بأن إجراء انتخابات جديدة هي "كارثة على الإسرائيليين".
نتنياهو مصر على تمرير ميزانية تغطي الفترة المتبقية من العام الحالي فقط وليس العام القادم ، مدعياً "إن ذلك ضروري بسبب حالة عدم اليقين الناجمة عن جائحة كورونا"، بينما يرى غانتس أن على الحكومة إقرار لميزانية حتى عام 2021، إستناداً إلى الاتفاق الإئتلافي بين الحزبين.
لكن إصرار نتنياهو على إقرار الحكومة ومصادقتها على ميزانية قصيرة الأمد بالشكل الذي يريده نتنياهو، لم يأت من فراع وهو يعرف ما يخطط له، الأمر الذي تنبه له بعض الساسيين الذين أعربوا عن تكهناتهم بأن نتنياهو "يستخدم أزمة الميزانية كحيلة سياسية". هذا االإقرار وحسب مصادر إسرائيلية "فقد يسمح لنتنياهو بالتوجه إلى انتخابات جديدة دون أن يكون مضطرا إلى تسليم رئاسة الحكومة لغانتس، على النحو المنصوص عليه في اتفاق تقاسم السلطة".
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com