كافة الأحزاب السياسية في إسرائيل منهمكة الآن في موضوع "قرار الضم" الجديد لأراضي فلسطينية والذي أعلن عنه نتنياهو مؤخرًا بتخطيط مع الإدارة الأمريكية، حيث ستبدأ عملية الضم وحسب تقارير إسرائيلية ودولية في مطلع الشهر المقبل. نتنياهو على عجلة من أمره في قضية الضم لأنه غير متأكد من فوز ترامب في دورة ثانية لانتخابات الرئاسة الأمريكية والتي سجري في العشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وعليه يريد الإنتهاء من هذا الموضوع في أسرع وقت ما دام ترامب على سدة الحكم.
معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ذكر في تحليل له حول هذا الموضوع نشره في العاشر من الشهر الحالي، أن "المخطط الإسرائيلي لضم مناطق واسعة في الضفة الغربية والغور (30% من مساحة الضفة الغربية) سيؤدي إلى لجم خطوات متعددة الفوائد بالنسبة لإسرائيل، تتمثل بتعطيل نسج علاقات استراتيجية بين إسرائيل ودول عربية براجماتية».
وجاء في التحليل: أن «فرض السيادة هي صياغة ليّنة لضم إسرائيلي أحادي الجانب لمناطق في الضفة الغربية، وهذه خطوة غايتها خلط الأوراق وتغيير قواعد اللعبة في الحلبة الإسرائيلية – الفلسطينية… وإذا لم تصمد السلطة الفلسطينية أمام تبعات الضم، وبينها غليان شعبي واسع، فإن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إنهاء دورها وحلِّها».
قرار الضم الإسرائيلي له تبعات سلبية على إسرائيل محلياً وعربياَ ودولياً. على الصعيد المحلي يظهر ذلك بوضوح في تحليل "معهد أبحاث الأمن القومي"" الذي أكد "أن إسرائيل ستجد نفسها مسؤولة عن 2.7 مليون فلسطيني يسكنون في المناطق المحتلة، حيث سيؤثر هذا التطور الإشكالي على طبيعة دولة إسرائيل من حيث الديمغرافية البشرية، وانقلاب التوازن لأغلبية عربية""
عربيا، هناك رفض عام لقرار الضم . حتى أن الدول الخليجية التي "تغازل" إسرائيل تمهيداً لإقامة علاقات دبلوماسية معها ترى في قرار الضم ضربة لخطوة "تطبيع خليجي مع إسرائيل.حتى أن تخبطاً واختلافاً ظهر في تصريحات مسؤولين كبار في الإمارات جول قرار الضم. على سبيل المثال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش، دعا علانية أمام مؤتمر يهودي عبر الإنترنت، إلى “فتح خطوط الاتصالات وزيادة التواصل مع إسرائيل”. وهذه التصريحات تتناقض تماماً مع تصريحات يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن الذي أكد في مقال له نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أيام قليلة على معارضة أبو ظبي للخطة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد، بقوله: "أن خطة الضم من شأنها أن تؤدي إلى نهاية أي تقارب بين إسرائيل والخليج.
العاهل الأردني الملك عبد الله ومنذ سماعه قرار الضم الإسرائيلي، وهو في حركة دائمة لمواجهة هذا القرار. فقد قام بحملة ضد الخطط الإسرائيلية للبدء بضم مستوطنات الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن بموجب اقتراح إدارة ترامب بدأها أمام المشرعين الأمريكيين في عدد من الاجتماعات التي عُقدت عبر “تيليكونفرنس” . ولم يكتف العاهل الأردني بمعارضة القرار، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في تحليلاته محذراً "من أن خطة بنيامين نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية من شأنها أن تعزز من قوة حركة حماس وتضر بقدرة إسرائيل على تطبيع العلاقات مع بقية بلدان المنطقة"، استناداً إلى مصادر إسرائيلية.
أوروبياً، يبدو على الأقل نظرياً، أن الاتحاد الأوروبي غير راض عن قرار الضم. وزير خارجية دولة لوكسمبورغ جان أسيلبورن الذي يعنبر الدبلوماسي المخضرم في الاتحاد الأوروبي قال في مقابلة مع مجلة ( دير شبيغل) الألمانية إن “الضم لا يشكل انتهاكا للقانون الدولي فحسب، بل أنه قد يكون انتهاكا للقانون الإلهي وسيكون مخالفا للمصالح الأمنية للمنطقة بأسرها، بما في ذلك إسرائيل، ولقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات متضافرة عاجلة للحفاظ على آفاق السلام”. واعتبر الدبلوماسي جان أسيلبورن الضم " بمثابة سرقة أجزاء من الضفة الغربية"
ويبدو واضحاً أن كلام الوزير أسيلبورن، يأني رداً على تصريحات وزير خارجية أمريكا مايك بومبيو، والتي اعتبر فيها أن المستوطنات لا تخالف القانون الدولي. بومبيو نسي أو تناسى على الأكثر، أن جوهر القانون الدولي، هو قانون قائم على قوة القانون، وليس على قانون القوة، كما يجب التذكير بقرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في عام 2016، والذي يُلزم إسرائيل بشكل واضح بوقف الاستيطان، واحترام حدود عام 1967".
هناك أسئلة عديدة تطرح نقسها: كيف ستبدو السلطة الفلسطينية مستقبلاً في حال تم بالفعل تنفيذ قرار الضم الذي يعني سلخ أكثر من 30 بالمائة من أراضيها وضمها لإسرائيل، وهل يوجد بعد معنى لوجود السلطة؟، وهل يوجد لدى الرئاسة الفلسطينية خطة لمواجهة تداعيات الضم أي هل هي قادرة على ذلك، وهل هناك ضمانات دولية معينة حول هذا الموضوع. أسئلة كثيرة بحاجة إلى أجوبة. فهل من مجيب؟؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com