بعد مضي أسبوعين على فوز "القائمة المشتركة" برئاسة أيمن عودة في انتخابات الكنيست التي جرت في الثاني من شهر مارس/آذار الماضي، لم يصدق رئيسها ان القائمة حظيت بـ15 مقعداً، وأقام الدنيا ولم يقعدها بتصريحاته الرنانه، و شكره للناخبين العرب وكأن لسان حاله يقول " إن شاء الله نرد لكم الجميل"، رغم أن الناخب العربي يعرف تمام المعرفة أن أيمن عودة لا يستطيع فعل أي شيء في قضايا حساسة للمواطن العربي ولا سيما قضية هدم البيوت العربية.
صحيح أن أيمن عودة الذي ينتمي منذ مطلع شبابه فكرياً وعقائدياً للشيوعية الملحدة ، لم يستطع رد الجميل لشعبه بإنجاز شيء ما، لكنه "وكلمة حق يجب أن تقال" رد الجميل لدولته الإسرائيلية. فقد تحدث في صفحته على الفيسبوك مؤخراً عن 53 سنة على الاحتلال الإسرائيلي، وكأن هذا الإحتلال بدأ فقط في حرب الأيام الستة في يونيو/ حزيران عام 1967.أيمن عودة شطب ألـ 19 سنة بعد نكبة 48. وقد يكون هذا الشطب من ضمن التعاون العربي اليهودي الذي ترفع شعاره "الجبهة". وإلاّ كيف يمكن لرئيس القائمة المشتركة أن يرتكب هذا العمل غير الأخلاقي سياسيا، بل يعتبر جريمة سياسية وليس خطأً سياسياً. فإذا كان أيمن عودة نشر ذلك قصداً لتمرير رسالة معينة فتلك مصيبة، وإن فعل ذلك خطأ أو سهواً فالمصيبة أكبر وعليه الإستقالة من رئاسة المشتركة.
الأمر المضحك أن أيمن عودة يعتقد بأنه الرجل الأهم في المجتمع العربي يعني "رقم واحد؟!" فقد قرأت خبراً يقول ان "ايمن عودة يحظى بثقة جماهيرية شبه تامة من قبل المواطنين العرب حسب استطلاع أجري في معهد "ستاتنت" لاستطلاعات الرأي. وجاء في الخبر ان الاستطلاع شمل 371 شخصا، مع الإدعاء بأن هؤلاء "يمثلون التوزيعة الجغرافية، الدينية والجندرية للمجتمع العربي إضافة إلى الشرائح العمرية ومستوى التعليم، وحسب الخبر فقد "تم ضبط الاستمارة بشكل علمي من أجل الحفاظ على موضوعية ومصداقية البحث ونتائجه"، لست أدري أين هي الموضوعية في هذا الإستطلاع، ولا أعرف كيف توصل "عباقرة الإستطلاع" إلى أن هؤلاء أي ألـ 371 عربياً ،يمثلون بالفعل حوالي مليون ونصف المليون عربي في البلاد. هناك مثل متداول في المجتمع العربي:" قللو كذبة قللو من عظمها". والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي فعله أيمن عودة للمجتمع العربي حتى ينال ثقة شبه تامة؟ تعالوا نكون صريحين ونضع النقاط على الحروف: في انتخابات الكنيست الثالثة والعشرين الأخيرة بلغت نسبة التصويت في المجتمع العربي 70 بالمائة. لكن من بين هذه الأصوات ناخبون صوتوا لأحزاب صهيونية. كما أن الأصوات التي ذهبت للمشتركة حازت عليها الأحزاب الأربعة المشاركة في "المشتركة" من بينها "الجبهة" التي يرأسها أيمن عودة. حتى أن الأصوات التي حصلت عليها "الجبهة" لم تكن كلها من أجل أيمن عودة نفسه، بل من أجل "الجبهة ككل. فإذا أين هي الثقة شبه التامة للجمهور العربي بأيمن عودة ؟
أيمن عودة، واستناداً إلى خبر نشره موقع (فرانس 24)قال "لقد رفضنا كل إمكانية لإجراء مفاوضات سرية مع أزرق أبيض، وطلبنا أن يكون كل شيء على الطاولة،". هذا كلام غير صحيح يا أيمن. بعد نتائج انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي وتوصية "المشتركة" بتكليف غانتس لتشكيل الحكومة باستثناء "التجمع" أنت نفسك يا أيمن قلت ان رفض التجمع كان بترتيب مسبق مع غانتس. وهذا يعني تفاوض واضح من تحت الطاولة وليس من فوقها. فعلاً صدق المثل القائل "حبل الكذب قصير".
نقطة أخرى لا بد من التطرق إليها: مجلة" "ذا ماركر" الإسرائيلية التي تعني يشؤون الإقتصاد انتخبت أيمن عودة أكثر من مرة كواحد من مائة شخصية مؤثرة على اقتصاد إسرائيل. ولكن ما علاقة أيمن عودة باقتصاد إسرائيل : فهو سياسي وليس رجل أعمال، وهو قانوني وليس صاحب شركات وهو عضو في "الجبهة" المنبثقة عن حزب شيوعي وليس عضواً في غرفة تجارية. إذاً من حق المواطن أن يتساءل عن سبب اهتمام مجلة اقتصادية إسرائيلية بسياسي عربي لا علاقة له نهائياً بالإقتصاد. سؤال بحاجة إلى جواب، مع احترامنا لأيمن عودة.