ما جرى لرئيس بلدية الناصرة علي سلام (أبو ماهر) في ساحة كنيسة البشارة عندما ذهب على رأس
عالي المستوى يضم شخصيات اعتبارية من المجتمع النصراوي لتعزية رامز جرايسي بوفاة زوحته ليس
أمراً طبيعياً، وكأن حدوثه من عادات مجتمعنا. فالأمر ليس هكذا، والحكاية كما يقول المثل الشعبي
الفلسطيني "مش رمانة الحكاية قلوب مليانة".
المجتمع، أي مجتمع عربياً أم غير عربي، شرقياً أم غربياً يتكون من مجموعات بشرية مختلفة، لها
مواقف سياسية متباينة عن بعضها البعض، وحتى تربيتها الإجتماعية والسياسية تختلف من فئة لأخرى.
رامز جرايسي تربى منذ مطلع شبابه في بيئة حزبية اسمها "الشيوعية". والمبدأ العام لهذه الشيوعية
يتنافى مع الأعراف الدينية والإنسانية. وأنا لا أريد الخوض في هذا الموضوع لأني أحتاج إلى كتاب. لكن
لا بد من الإشارة إلأى ما قاله فيلسوف الشيوعية كارل ماركس "الدين أفيون الشعوب". حتى أن
الشيوعية تنكر وجود الله. من مبادئها: "الإنسان نتاج المادة" فالشيوعية إذاً مذهب فكري يقوم على
الإلحاد، وأن المادة هي أساس كل شيء، والشيوعية تحارب الأديان، وتعتبرها وسيلة لتخدير الشعوب.
والأديان الثلاثة كما هو معروف، تربي على القيم الإنسانية والتعامل الجيد بين البشر. لكن عندما يتجرد
الانسان من إنسانيته بحكم انتمائه السياسي فكيف سيكبر وينمو؟ أكيد على الحقد والكراهية لخصمه. وهذا
ما جرى بالفعل مع رامز جرايسي. ولا يمكن لأحد أن يفهم رقض جرايسي استقبال إنسان جاء ليعزي
بوفاة زوجته؟ كيف يا أبا الرائد، كيف؟
نقطة أخرى في غاية الأهمية لا بد من الإشارة إليها، وهي نقطة سياسية أساسية. في انتخابات ئاس بلدية
الناصرة الأخيرة وما قبل الأخيرة. فاز علي سلام على الشيوعيين ودحرهم وألحق بهم هزيمة منكرة.
ولغاية الآن لم يستطيعوا تقبل هذه الهزيمة. والعاقل هو الذي يعترف بالأمر الواقع ويترك الحياة تسير
على طبيعتها. من الطبيعي جداً أن يكون هناك فرق بين الممارسات السياسية والإجتماعية ليس في
مجتمعنا فحسب بل في كافة المجتمعات.
نحن مجتمع نولي اهتماماً كبيراً بالواجبات الإجتماعية، والواجب يتطلب منا أن نقوم بتعزية الآخرين في
حالة حدوث وفاة، بغض النظر عن ديانة المتوفي مسلما كان مسيحياً. فهكذا تربينا وهكذا تعلمنا وعلى
هذا كبرنا ولا نزال نتمسك بهذه العادات والتقاليد. رئيس بلدية الناصرة علي سلام هو أحد أفراد هذا
المجتمع المؤمن بعاداته وتقاليده وواجباته. فعندما شكل وفداً من شخصيات مختلفة للتعزية بوفاة الراحلة
د. حنان كركبي زوجة رامز جرايسي استهدف أمرين في غاية الأهمية:
أولهما: التقدير الكبير للراحلة، والذي انعكس في كيفية نعي الفقيدة، وفي تشكيلة الوفد حيث أخذ سلام في
عين الإعتبار السنوات العديدة التي كان فيها سلام نائباً لجرايسي والعلاقة الطيبة بينهما على جميع
الأصعدة.
وثانيهما: إبعاد السياسة والخلافات السياسية عندما يكون هناك واجب اجتماعي. لأن القضية هي
أخلاقية، وقد برهن أبو ماهر على أنه أولى اللإلتزام الإجتماعي أهمية خاصة حتى مع خصومه
السياسيين.
علي سلام كان في منتهى الحكمة والعقلانية ووضع الكرة في ملعب جرايسي عندما خاطب النصراويين
في بيانه بالقول "هذا التصرف اللا معقول والذي يكاد لا يصدق وصادم، يضرب كل القيم والمثل
والتعايش وحسن التصرف في بلدنا الحبيب في الصميم. وعليه نترك الحكم على مثل هذه التصرفات
وطعن اصالة شعبنا وقيمه ومثله وعاداته للناس جميعا في الناصرة وفي وسطنا العربي ولكل انسان
شريف ".
رامز جرايسي، مطلوب منه اتخاذ موقف لتوضيح الأمر، وقد يكون هناك التباس في الأمر، وعليه
التوضيح لأن من حق الجمهور النصراوي وحتى من حق "رفاقه" أن يعرفوا ما الذي جرى ولماذا جرى،
وإذا كان هناك سيب للإعتذار فالجرأة والرجولة تقتضي الإعتذار بدون تردد.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com